قصة البخاري في جمع الحديث
من هو الإمام البخاري
الإمام البخاري، أبو عبد الله بن إسماعيل البخاري، هو أشهر علماء الحديث والفقهاء، وعلمه يندرج ضمن أهم العلوم والتعديل والعلل عند أهل السنة. وله عدة مصنفات، أشهرها كتاب الجامع الصحيح، الذي يعرف باسم صحيح البخاري، وهو من الكتب الموثوقة والشهيرة، ويعتبر أصح كتاب بعد القرآن الكريم. وتتلمذ على يده العديد من كبار الأئمة، مثل مسلم بن الحجاج، وابن خزيمة، والترمذي، وغيرهم. ويتميز الإمام البخاري بثلاث خصال محمودة
- اتصف بقلة الكلام.
- لم يكن يشتهي ولا يهتم بما لدى الناس.
- وقد كرس حياته كلهاللعلم وأولويَّ اهتمامه.
تميز هذا الشخص أيضا بالإخلاص والرحمة والكرم، وكان ذو خلق حسن ونفس كريمة، وكان يتعبد كثيرا لله سبحانه وتعالى من خلال الصلاة الليلية وكان يقرأ القرآن الكريم بشكل متكرر، حيث كان ينهي قراءته كل يوم بختمة كاملة أو أكثر.
نسب البخاري
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه الجعفي البخاري هو الاسم الكامل للبخاري، وقد تناقش المؤرخون أصله دون تحديده إلى الآن، فقد يكون عربيا أو فارسيا أو تركيا، ولكن بعض المؤرخين يؤيدون رواية أبي أحمد بن عدي الجرجاني في كتابه الكامل التي تشير إلى أن جده الأكبر بردزبه كان فارسيا ومجوسيا، في حين يقول البعض الآخر إن جده المغيرة أسلم على يد والي من بخارى.
وقد قيل أن نسب البخاري هو تركي من الأوزبك وقد تبنى هذا القول عدد من المؤرخين مثل أبو سعيد الجرديزي، بالإضافة إلى حمد الله المستوفي وعبد الرزاق المسرقندي وغيرهم، وقد قيل أيضًا أنه عربي الأصل حيث أن جدَّه كان الأ؛نف الجعفي وأن اسم بردزبه هي صفة معناها “الفلاح”، وقد تبنى هذا القول ابن حجر العسقلاني وزين الدين العراقي، بالإضافة إلى تاج الدين السبكي وغيرهم.
قصة الإمام البخاري في حفظ الحديث
قضى البخاري جُّل وقته في جمع وتصنيف الحديث الشريف وجمعه في كتاب يسمى صحيح البخاري، وقد قضى في هذا الأمر حوالي ستة عشر عامًا، فقد كان دائم الارتحال من مكان لآخر للقاء العلماء وطلب الحديث، فقد سمع تقريباً من ألف شيخ وجمع قرابة ستمائة ألف حديث من أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام، وقد تم تلقيبه بأمير المؤمنين في الحديث.
الإمام البخاري هو أحد أهم علماء الحديث، حيث كان والده أيضا من العلماء الذين اهتموا بالحديث وكان يسافر كثيرا للبحث عنه. وكان هناك العديد من الأئمة الذين حرصوا على جمع أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام، وعملوا بدقة خاصة، وكان الإمام البخاري أحرص العلماء وأدقهم في جمع الأحاديث الشريفة، حيث كان يسافر كثيرا للتحري والبحث عن الأحاديث الشريفة والتأكد من دقتها وصدقها.
ويقال إنه في يوم من الأيام سافر لمقابلة أحد الشيوخ ليأخذ عنه حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولكن عند وصوله إلى المدينة، لم يكن يعرف هذا الشيخ، وبدأ يسأل عن مكانه. في طريقه، وجد رجلا يحاول إعادة حصانه إلى مكانه بعد أن هرب منه، فرفع هذا الرجل ثوبه لإشارة الحصان بوجود الطعام فيه، مما جعل الحصان يتبعه للحصول على الطعام. ولكن عندما وصلوا إلى بيت الرجل، لم يكن لديه أي طعام. نظر الإمام البخاري إليه وهو يتعجب من فعله، ثم سأل عن الشيخ الذي كان يبحث عنه. فسأله الرجل الذي كان يحاول إمساك حصانه: “ماذا تريد منه؟”. فأجاب البخاري: “لا أريد منه سوى أنني عرفت أنه يروي عن فلان عن فلان عن فلان عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا”. فطلب منه أن يروي هذا الحديث، وقال الرجل: “أنا الفلان الذي تبحث عنه”. ثم روى الحديث، ولكن البخاري لم يوافق على أن يروي عن هذا الشيخ، لأنه رأى أنه يكذب على حصانه، وخشى أن يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم. وهنا نلاحظ دقة عمله في جمع الأحاديث الشريفة.
فقد كان البخاري يدوّن حديثين في اليوم الواحد وقبل تدوينه لأي حديث كان يصلي ركعتين صلاة الاستخارة، وهذا ما جعله يستغرق مدة زمنية طويلة في تدوينه للأحاديث النبوية دامت ستة عشر عامًا، ولم يدوّن إلا الأحاديث الصحيحة، فقد قال: “ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح، وتركت من الصحيح مخافة الطول”.
كم حديث في صحيح البخاري
صحيح البخاري هو أحد المؤلفات التي بذل فيها البخاري جهدا هائلا، حيث عمل على ترتيبها وتنظيمها على مدار ستة عشر عاما. السبب الرئيسي الذي دفعه لجمع الأحاديث النبوية الشريفة كان في يوم من الأيام عندما كان بجوار إسحاق بن راهويه، فقال: `لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لوقع ذلك في قلبي`. وبناء على ذلك، بدأ في العمل على جمع `الجامع الصحيح`. وكان عدد الأحاديث في صحيح البخاري 7275 حديثا، وتم اختيارها من بين ستمائة ألف حديث. والسبب في ذلك هو أنه كان يدقق بشكل كبير في سلسلة الرواة ويضع شروطا دقيقة لرواية كل راو، ومن بين هذه الشروط التي وضعها:
- يجب أن يكون الراوي معاصرًا للشخص الذي يروي عنه.
- يجب أن يسمع الحديث من الشخص الذي يرويه، ولا يتم اعتبار حديثٍ منقولٍ إلا إذا كان الشخص سامعًا ومعاصرًا للشخصالذي يروي الحديث.
- شرط أن يكون الشخص الذي يتحدث موثوقًا به من حيث الصدق والأمانة والثقة.
تم تدقيق صحيح البخاري ثلاث مرات قبل إصداره للناس، وقد عرضه البخاري على شيوخه وحظي بإعجابهم، ومن ضمن هؤلاء الشيوخ: أحمد بن حنبل، ويحي بن معين، وعلي بن المديني، وكانوا يشهدون بصحة الأحاديث الموجودة فيه، وهناك كتب حديث أخرى مثل صحيح مسلم، والفرق بينهما هو أن صحيح البخاري يحتوي على 97 كتابا، حيث يبدأ بـ “بدء الوحي” وينتهي بـ “كتاب التوحيد”، بينما يحتوي صحيح مسلم على 57 كتابا، حيث يبدأ بـ “كتاب الإيمان” وينتهي بـ “كتاب التفسير”. وتم تبويب صحيح البخاري إلى العديد من الأقسام في حين لم يتم تبويب صحيح مسلم.