ادب

قصة ” اذا اكرمت الكريم ملكته واذا اكرمت اللئيم تمردا “

الكريم هو واحد من أسماء الله الحسنى، وتم ذكره في القرآن الكريم عدة مرات، وأيضا في الأحاديث النبوية الشريفة. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: `إن الله كريم يحب الكرم، ويحب معالي الأخلاق ويكره سفاسفها`. الشخص الكريم هو الذي يعطي بكرم وسخاء، وعطاياه لا تنضب. بينما الشخص اللئيم هو العكس تماما للكرم، حيث إن اللؤم هو سمة مشينة ومستنكرة. الشخص اللئيم لا يتردد في إلحاق الأذى بالآخرين ولا يمتلك أي أخلاقية. قال السموأل بن عاديا عن اللؤم: `إذا كان الإنسان غير ملوث باللؤم، فكل ما يرتديه جميل`.

قد تكون هناك أخطاء كثيرة إذا اعتقد الفرد أنه يجب أن يتعامل مع البشر بجميع أنواعهم بنفس المعاملة، وأن يتعامل معهم بطريقة إنسانية راقية. فهناك أنواع من البشر يرون أن المعاملة الراقية تعني الضعف، ويتوقعون أن هذا الاحترام والتقدير والكرم يعني خوفا وتقليلا من قيمتهم. لا يمكن للفرد أن يعامل جميع الناس على نفس المستوى، فكل شخص يحتاج إلى معاملة تتناسب مع طباعه الخاصة. لذلك، التعامل مع الناس هو فن صعب يجب تعلمه وفهمه دون الوقوع في الأخطاء. يجب أيضا التفريق بين الشخص الكريم والشخص اللئيم في المعاملة، فالشخص الكريم يجب أن يعامل بنفس الكرم، أما الشخص اللئيم فيجب أن نحترس منه لأنه يستمتع بإيذاء الآخرين.

وبالتالي، يجب على الشخص الحكيم معرفة كيفية التعامل مع جميع الأشخاص بقواعد مرنة والتحدث إليهم وفقا لمستواهم الفكري، ولا ينبغي أن يتوقع أن يكون جميع الناس كرماء وأمينين أو أن يكونوا جميعا أشرارا ومخادعين، فالناس مختلفون بأنواعهم، وبعضهم يكون محبوبا ولطيفا وبعضهم لا يحظى بالثناء على أي شيء.

جدول المحتويات

قصة ” اذا اكرمت الكريم ملكته واذا اكرمت اللئيم تمردا “

يحكي في هذا المثل : أن رجلاً كان يريد الزواج من ابنة رجل تقي، ووافق الأب بالفعل وبارك الزواج مقابل أن يتم إعطاء ابنته مهر عبارة عن كيس من البصل، وكان الرجل في استغراب شديد، ولكن بعد مرور عام اشتاقت الفتاة لتعود إلى أهلها، وطلبت من زوجها أن تذهب إلى بيت أهلها وأن يرافقها لزيارتهم، وخاصة أنه أصبح لديها طفلا رضيعا تريد أن تريه لأسرتها.

كانت الفتاة بحاجة لعبور النهر بين بيت أهلها وبيتهم، فحمل الرجل الطفل وترك الفتاة وحدها لتعبر النهر بنفسها، ولكن عثرت الفتاة وسقطت، وبدأت تستغيث بزوجها الذي رد عليها قائلاً “انقذي نفسك، فأنتي لا تساوين سوى كيس بصل.

لكن الله سبحانه وتعالى لم يتركها وحيدة، بل أرسل لها شخصاً أنقذها وعادت إلى منزل أسرتها، وبدأت الفتاة بإخبار والدها عن ما حدث لها، وفي ذلك الوقت قال الأب لزوج ابنته: “خذ طفلك وعد لنا بكيس من الذهب قبل العودة إلينا.

وبالفعل غادر الزوج منزل والد الفتاة ومعه طفله الصغير، ومرت الأيام وأصبح الطفل في حاجة إلى أمه، وكان الزوج كلما يحاول الزواج بثانية يكون الرفض هو الرد الوحيد لأن زوجته الأولى وأهلها ذو سمعة حسنة، والجميع يعلم أن سوء التفاهم الذي حدث ما بين الزوج والزوجة هو السبب فيه بلا أي شك.

فقرر الزوج أن يجمع كيساً من الذهب بأي طريقة ليستطيع أن يرجع زوجته من أجله وأجل طفله، ومرت العديد من السنوات والزوج يعمل ليل ونهار حتى يستطيع أن يجمع الذهب، وبالفعل استطاع في نهاية الأمر أن يجمع كيس الذهب، وذهب إلى أهل زوجته وقدم الذهب لها ولأهلها، ووافق الأب أن تعود ابنته إلى بيت زوجها.

وفي طريق العودة إلى المنزل، عندما أرادت الفتاة أن تعبر النهر وبمجرد أن وضعت رجلها في الماء لتعبر النهر، قفز زوجها سريعا ليحملها على ظهره وقال لها : حبيتي انت غالية، ومهرك يقصم الظهر، فقد دفعت فيكِ ذهباً، وعندما سمع الأب ذلك ضحك بشدة وقال ” عندما عاملناه بأصلنا خان، وعندما عاملناه بأصله صان “، ومن هنا جاء مثلا إذا أكرمت الكريم ملكتهُ وإذا أكرمت اللئيم زاد تمرداً.

قصة ثانية لهذا المثل

بدأت القصة الثانية عندما عثرت امرأة بدوية على ذئب حديث الولادة ملقى على الطريق، فظنت أن أمه قد تركته وستعود لاحقا لاستلامه، ولكن عندما عادت إلى نفس المكان وجدت الذئب الصغير مقتولا تقريبا بسبب الجوع. تحرك الذئب الصغير نحوها عندما رأى أنها تقترب، وبعد ذلك قررت الامرأة البدوية تربية الذئب الصغير بدون خوف لأنها لم تكن تعرف شيئا عن طبيعة الذئاب.

وأحضرت الأعرابية أفضل شاة لديها وجعلتها ترضع الذئب الصغير، وبعد أن مرت شهور والشاة ترضع الذئب فوجأت الأعرابية ذات يوم بالذئب وهو يهجم على الشاة التي أرضعته ويقتلها ويأكلها.

ذكر الأصعمي: `دخلت البادية ووجدت عجوزاً تحمل شاة مذبوحة وجرواً، فسألتها عن ذلك`.

قالت : كان جرو ذئباً دخلناه إلى بيتنا وربيناه، وعندما نما قتل شاتنا.

فردد المتنبي : بقرة شويهتي أخافتني وصدمتني، وأنت يا بن ربيب لا تزال تدردش معنا، لقد ربيت بدرتها وترعرعت بيننا، فمن أخبرك أن والدك ذئب؟ إذا كانت الطباع سيئة، فلن يفيد الأدب ولا الحليب.

لذلك، يجب علينا أن نحذر من مصاحبة الأشخاص اللئام أو إكرامهم، لأن الكرم لا ينفع مع هذا النوع من الأشخاص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى