ادب

قصة ابو حنيفة مع جاره السكير

صاحب الخلق الحسن، هو بمثابة رسول يعمل على المساهمة في نشر كل ما فيه خير للإنسانية، متمسكًا بتعاليم ديننا الحنيف، ، والقصة التي نحن بصددها تضرب لنا أروع الأمثلة على حسن التعامل مع الناس، وعلى الصبر الإيذاء فأبو حنيفة ابتلاه الله بجار سكير يداوم على إيذائه فهل يتركه عندما يتعرض للمحنة أم لا هذا ما سوف نعرف من خلال قصة أبي حنيفة مع جاره السكير

جدول المحتويات

أبو حنيفة وجاره السكير

يحكى أن أبا حنيفة النعمان كان قد ابتلي بجار بعيد جدا عن تعاليم الدين الإسلامي، حيث كان يدمر كل ليلة بالخمر، وكان هذا السكر يؤثر على عقله، فيجعله يرقص ويغني بصوت عال. وكانت تلك الأفعال المشينة تسبب إيذاء لأبي حنيفة بشدة، ولكنه لم يفكر يوما في إيذاء جاره هذا بكلمة واحدة، لأن أخلاقه الكريمة تعبر عن ما يجب أن يتحلى به كل مسلم، ورغم إصرار الجار على مواصلة هذه التصرفات دون النظر لحق جاره عليه.

الجار السكير في محبسه

ظل هذا الجار مستمرا في عاداته تلك في كل ليلة، حتى جاءت ليلة من الليالي، لم يسمع فيها أبي حنيفة ضجيج هذا الجار أو غناؤه المعتاد، فتعجب من ذلك، فقام بالتساؤل عنه، ليعرف السبب في انقطاع صوته في تلك الليلة، فعرف من الناس، أنه قد اعتقل من قبل رجال الشرطة، أو من كان يعرف عنهم بصفة العسس في ذلك الوقت، اهتم أبي حنيفة بما سمع عن جاره، وانشغل بأمره، وفي فجر اليوم التالي بعد أداء صلاة الفجر، انطلق على بغله ذاهبا إلى الأمير، ليقوم بتحرير جاره من يد الشرطة، على الرغم من كمية الإيذاء الكبيرة التي تعرض له منه، ولكنه كان يتبع توجيهات نبينا الكريم، صلى الله عليه وسلم، الذي وصى بالجار وجعله في مكانة عظيمة.

مقام أبي حنيفة عند أمير المؤمنين

كان لأبي حنيفة مكانة ومكانة كبيرة عند الأمير، وهذا ما جعله عندما يدخل بيته يرفض أن ينزل أبو حنيفة من فوق بغله، ما لم يضع قدمه على السجادة الموجودة في البيت. فدخل أبو حنيفة بغله إلى داخل البيت، حتى اقترب من السجادة ونزل عنه. وكانت هذه الفعلة من الأمير نوعا من التكريم والتكريم لأبي حنيفة، وبعد ذلك استقبله الأمير بترحيب حار وأمره بالجلوس في المجلس.

عندما جلس أبو حنيفة بجانب الأمير، طلب منه أن يساعده في إطلاق سراح جاره، وفور ذلك قام الأمير بإطلاق سراح جميع الرجال الذين تم اعتقالهم في ذلك الليل، وليس الجار فقط، وذلك بسبب احترام الأمير لأبو حنيفة.

توبة وندم حتى الممات

خرج بعدها أبي حنيفة من بيت الأمير، ليعود إلى حيث كان، وبينما هو راكب بغلته، كان جاره يسير وراءه، مستحي مما كان قد بدر منه في الماضي من إيذاء لأبي حنيفة، وعندما وصل أبي حنيفة إلى بيته، نزل من فوق بغلته، وتقدم نحو جاره، سائلا إياه، إن كان قد أضاعه، ولكن جاره النادم قد أجابه بنبرة مليئة بالشكر والتقدير: لا، ولكنك قد حفظتني ورعيتني، وشكره على احترامه لحرمة جيرته، والاهتمام البالغ لأمره، وما نتج عن هذا الاهتمام والرعاية من اطلاق سراحه.

ما فعله أبو حنيفة يدل على شخصيته الحميدة، فهو يعتبر درسا يتعلمه الجميع، وهو أن يحافظ على حقوق جيرانه الذين هم أقرب الناس إليه، والذين يمكن أن يساعدوه في الحالات الضرورية، ولم يتعلم حفظ حقوق جيرانه فقط، بل تعلم أيضا حفظ حقوق الله الذي خلقه، وتوبته كانت خير توبة، ولم يعد يشرب الخمر حتى توفي، وأصبح متوبا وعابدا، فكانت أخلاقه الحميدة هي السبب في جلب الخير للجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى