قصة أوتا بينغا القزم في قفص القرود
أوتا بينغا كان أحد أفراد قبيلة الأقزام مابوتي في الكونغو، ولد عام 1883 وتوفي عام 1916. تعرضت قبيلته للإبادة الجماعية على يد ليوبالد الثاني وتمكن بينغا من الفرار منها. تم القبض عليه، وبعد ذلك تم بيعه لأحد المستكشفين. عرض في إحدى حدائق الحيوانات تحت عنوان “المتحول الإنسان البدائي” بسبب قصر قامته وأسنانه المدببة التي تشبه أسنان الحيوانات. أثار ذلك انتقادات الرأي العام الأمريكي ضد مدير الحديقة. تم الضغط عليه للإفراج عن بينغا، الذي تم تغيير شكله وهيئته واستطاع الاندماج داخل المجتمع الأمريكي وإتقان اللغة الإنجليزية. ولكن بعد ذلك، أراد العودة إلى وطنه، ولكن ذلك كان مستحيلا بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى. بعد ذلك دخل بحالة اكتئاب شديدة وانتحر بإطلاق الرصاص على نفسه.
نشأة وحياة أوتا بينغا :
ولد أوتا بينغا في عام 1883م في قبيلة مابوتي الموجودة في الغابات الاستوائية الإفريقية بالقرب من نهر كاساي، وكانت هذه القبيلة مابوتي هي قبيلة للأقزام جميع أفرادها من الأقزام والذين تعرضوا للإبادة الجماعية بأمر من الملك ليوبالد الثاني بعد أن رفضوا أن يتم معاملتهم كالعبيد ويتم تسخيرهم في زراعة المطاط، وكان الناجي الوحيد من هذه القبيلة هو أوتا بينغا الذي استطاع الفرار بحياته إلا أن زوجته وأطفاله تم القضاء عليهم مع أفراد القبيلة وأثناء محاولة هروبه وفراره من القتل تم أسره وبيعه من قبل تجار الرقيق ليلقى نفس المصير الذي هرب منه.
حديقة حيوان الإنسان :
في بداية القرن العشرين استحوذ اهتمام العلماء والناس ما يسمى حديقة حيوان الإنسان ومعارض الأنثروبولوجي، وفي عام 1904م قرر رجل الأعمال الأمريكي صمويل فيليبس فيرنر مع العالم الدكتور ويليام مكغي إقامة معرض عن كيفية التطور البشري حسب نظرية دارون، وبالفعل سافر المستكشف صمويل فيلبس إلى أفريقيا لشراء مجموعة من الأقزام، وقد استطاع العودة بمجموعة كبيرة منهم أحد أفرادها أوتا بينغا الذي تم مقايضته بعدة أرطال من الملح.
عندما أُقيم المعرض في مدينة سانت لويس بولاية ميزوري، لفت أوتا بينغ انتباه وإعجاب الزوّار بأسنانه المدببة والمتباعدة التي تشبه أسنان الحيوانات، مما أثار فضول واستغراب الجميع.
حديقة حيوان برونكس :
بعد مرور عامين على إقامة المعرض في عام 1906، تم نقل أوتا بينغا إلى حديقة حيوان برونكس وعرضه داخل قفص القرود، حيث وضعت لافتة تشير إلى أن بينغا هو الشكل البدائي للإنسان. وكان الدكتور ويليام هرنوداي مدير الحديقة يقدم خطبا للزوار يشرح فيها أن بينغا هو أحد أشكال التطور البشري البدائي وكان يعامل بينغا داخل قفصه كما يتم التعامل مع الحيوانات، حيث يأتي الزوار لمشاهدته والاستمتاع بشكله الغريب.
رفض المجتمع الأفريقي الأمريكي لما يحدث لبينغا :
بدأت الاحتجاجات من قبل رجال الدين الأفارقة الذين وجدوا في معاملة بينغا بهذه الطريقة معاملة لا إنسانية، وبدأ الأمر بمحاولة إقناع مدير الحديقة بإطلاق سراح بينغا والعودة إلى وطنه الأصلي، إلا أن جميع هذه المحاولات بائت بالفشل وكل ما حصل عليه بينغا هو السماح له بالتجول داخل أرجاء الحديقة وهو ما كان له الأثر السيء على بينغا نتيجة تعرضه للمضايقات من قبل زوار الحديقة والإهانات والرشق بالعصي وضربه مما جعل بينغا يقابل هذه المعاملة بأسلوب شرس.
تسببت المعاملة السيئة لأوتا بينغا في غضب المجتمع الأمريكي وأصبحت موضوعا متداولا في جميع وسائل الإعلام، مما دفع المدير في حديقة الحيوانات للتعرض لضغوط شديدة وهجوم إعلامي قوي. تم إطلاق سراح أوتا بينغا ووضعه في دار رعاية للأيتام تابعة للكنيسة. ومع ذلك، حرص القس جيمس جوردن في عام 1910 على نقل بينغا إلى ولاية فيرجينيا لينضم إلى المدرسة.
حياة جديدة أكثر آدمية :
قام القس جوردن بتحويل بينغ إلى صورة إنسان طبيعي من خلال إجراء بعض التعديلات على مظهره وأسنانه، ونجح بينغ في اكتساب اللغة الإنجليزية بسرعة كبيرة، ثم انضم إلى وظيفة في مصنع تبغ. رغم تطور حياته السريع، كانت الوطنية تشغل تفكيره، وبدأ يخطط للعودة إلى أفريقيا مرة أخرى.
رصاصة أنهت حياة بينغا :
وبحلول عام 1914م اندلعت الحرب العالمية الأولى مما جعل حلم بينغا للعودة إلى الوطن شبه مستحيل فقد تعطلت حركة الملاحة والسفر مما جعل بينغا يدخل في حالة حزن اكتئاب شديدة جدًا وفي عام 1916 قام بينغا بإنهاء حياته عن طريق الانتحار حيث قام بإطلاق الرصاص على نفسه لينهي هذه الحياة الكئيبة بعيدًا عن الوطن.