ادب

قصة أميرة القصر الذهبي والنبوءة المخيفة

يقال إنه كان هناك ملك طيب وحكيم يعيش في قصر رائع مع ابنه الوحيد الوسيم، ولديه وزير مخلص ومحب له. في يوم من الأيام، كان الملك يتنزه في حديقة القصر مع ابنه الأمير، وفجأة شعر الملك بالتعب الشديد، فأرسل الوزير وحراس القصر لنقله إلى غرفته، وبعد عدة أيام تدهورت حالة الملك واقتربت نهايته، وأرسل الملك طلبا لوزيره ليحدثه في أمر هام، فطلب الملك منه إغلاق باب الغرفة حتى لا يسمع أحد كلامهما وبدأ الملك في الحديث.

وصية الملك

قال الملك للوزير إنني أحس باقتراب أجلي، وأن ما يحزنني هو خوفي على الأمير من أن أتركه وحيدًا، وهناك سر أريد أن أخبرك به، ولكن عدني ألا تخبر أحد بهذا السر طوال حياتك، انتبه الوزير المخلص لكلام الملك واعدًا إياه بألا يخبر أحد بما سوف يسمعه منه، قال الملك للوزير أنه منذ زمن طويل، عندما ولد الأمير جاءت إليه ساحرة وأخبرته بأن الأمير عندما يكبر ويصير شاب ليس من حقه الوقوع بالحب، وإنه إن فكر بذلك حتمًا سوف يتعرض للموت، وطلب الملك من وزيره أن يفعل كل ما بمقدوره حتى لا يقع الأمير في حب إحداهن فيعرض نفسه للموت، وأخبر الوزير بأن الساحرة أخبرته بأنه من حقه أن يبوح بهذا السر لشخص واحد فقط، ولكن إذا قام هذا الشخص بإفشاء سر الملك فسوف يتحول إلى تمثال من الحجر، وما أن انتهى الملك من حديثه حتى فاضت روحه إلى خالقها.

الوزير وحماية الأمير من الحب

سمع الوزير كلمات الملك وعقله في دهشة وحزن، ولكنه عاهد نفسه على حماية الأمير مهما كلفه الأمر، مرت شهور على موت الملك ولكن الأمير مازال حزين على فراق والده، الذي تركه وحيدًا داخل القصر، وهنا فكر الوزير أن يحاول إخراج الأمير من حزنه الدائم، واقترح عليه أن يخرج للصيد والتنزه حتى يشعر ببعض التحسن، استجاب الأمير لكلام وزيره بعد إلحاح طويل، وبالفعل خرج الأمير للصيد وبصحبته الوزير.

بينما يتجولان في حديقة جميلة مليئة بألوان الزهور المختلفة والحيوانات البرية الجميلة، يشاهدان فتاة جميلة ذات ملامح ساحرة تسير بجانب النهر الذي يقع بجوار الحديقة. يطير شعرها الذهبي الطويل بنسمات الهواء في منظر رائع. تنظر الفتاة إليه بابتسامة ساحرة، ويبدو أنها أيضا قد سحرته. يقف الأمير مكانه مشتت الذهن وذهوله عند رؤية هذه الفتاة الجذابة. فجأة، يرى الفتاة وهي ترتفع على ظهر حصان أبيض وتتبعها مجموعة من الحراس، فهو يدرك أنها بالتأكيد ابنة ملك من الملوك.

رغم كل ذلك، كان الوزير واقفا بجانب الأمير، يشاهد بعينيه شغفا شديدا في قلب الأمير تجاه تلك الفتاة. فجأة، قال الأمير للوزير: `اذهب وراء تلك الفتاة واكتشف لي هويتها.` نظر الوزير إلى الأمير وهو في حيرة حول ما ينبغي أن يقول، ولكن بعد لحظة انحنى الوزير أمام الأمير وقال على الفور: `أيها الأمير، ذهبت الفتاة الجميلة واكتشفت أنها ابنة ملك القصر الذهبي.` ومع ذلك، قرر الوزير عدم إخبار الأمير بذلك بسبب حرصه الشديد على سلامته.

عاد الوزير إلى الأمير الذي كان ينتظره بفارغ الصبر ليعرف من هي تلك الفتاة، ولكن الوزير قد كذب على الأمير وأخبره أنه قد ذهب بالفعل لرؤية الفتاة، ولكنه فقد أثرها ولم يتمكن من العثور عليها. حزن الأمير بشدة بسبب ما سمعه من الوزير، فقد تعلق قلبه بالفتاة كثيرا وتمنى أن يقضي حياته معها. مرت أيام طويلة واستمر الأمير في الحزن ولم يستطع نسيان الفتاة التي أسرت قلبه وعقله.

الوزير والساحرة صاحبة النبوءة

رأى الوزير حالة الأمير وأحس بحزنه، ولكنه لا يعرف كيف يتصرف أو ماذا يفعل. قرر الوزير إدخال السعادة إلى قلب الأمير الحزين بغض النظر عن التكلفة. بعد تفكير طويل، قرر الوزير البحث عن الساحرة والعثور عليها لإيجاد حلا لهذه المشكلة. بعد بحث طويل، تمكن الوزير من إيجاد الساحرة التي تعيش في كوخ صغير على قمة الجبل، وقام بالصعود إليه بسرعة.

وعندما رأته سألته بصوت يتضح عليه علامات التقدم في السن، ماذا تريد أيها الغريب، حكى لها الوزير قصتها مع الملك وعن النبوءة التي أخبرته بها، وسألها هل هناك حل ينقذ الأمير إذا قرر الزواج ممن يحب، قالت له الساحرة نعم، إذا قام شخص مخلص بإنقاذه من ثلاثة أمور فإنه سوف ينجو من الموت، ووقتها سوف يكون بإمكانه الزواج بمن يحب.

الوزير المخلص وحل النبوءة المشؤومة

 فرح الوزير كثيرا بما سمعه من الساحرة، وسألها عن تلك الأمور الثلاثة، فأجابته بأن الأمير عندما يذهب إلى قصر الأميرة الفاتنة ويعود من هناك، سيجد حصانا فضيا ذو أجنحة ضخمة ينتظره، وإذا ركبه الأمير سيموت على الفور. فسألها كيف يمكنني مساعدته، فأجابته بأن داخل سرج الحصان الفضي يوجد خنجر ذهبي، وإذا غرسه في ظهر الحصان فسيموت على الفور وسينجو الأمير.

والشيء الثاني هو عندما يذهب الأمير مع عروسه إلى القصر، سيجد أمام غرفته قلادة مصنوعة من الياقوت. إذا قام بارتداء القلادة، سيموت على الفور. فعاد الوزير ليسأل الساحرة مرة أخرى كيف يمكنني مساعدته. فأجابت الساحرة قائلة إنه إذا قام برمي القلادة في النار، سيتم إنقاذ الأمير. ثم سألها ما هو الأمر الثالث؟ فأجابت قائلة إن الأمر الأخير هو قص خصلة من شعر الأميرة. إذا قام بذلك، سيتجنب الموت المحتوم وسيعيش في سعادة أبدية.

الأمير يذهب إلى أميرة القصر الذهبي

عاد الوزير إلى أميره المحزون وأخبره بالحقيقة، وأخبره أنه يعرف هوية تلك الفتاة. فرح الأمير كثيرا عند سماعه ذلك، ولكنه تعجب من سبب كذب الوزير عليه. ولكن طلب الوزير منه عدم الرد، لذلك تخلى الأمير عن ثقته المتناهية في وزيره. وأمر الأمير بتجهيز موكب كبير للذهاب إلى قصر الأميرة وخطبتها. وعندما وصل، فوجئ كثيرا بما رأى، حيث إن القصر كان مصنوعا بالكامل من الذهب، حتى بواباته ونوافذه.

عندما دخل الأمير من بوابة القصر، تم استقباله وأدخلوه إلى القصر، وأسارع الحراس ليبلغوا الملك بحضوره، وجاء الملك واستقبل الأمير بحفاوة شديدة، فأخبره الأمير بنيته الزواج من ابنته، فأجابه الملك أنه لا يمانع زواجه من ابنته، ولكن يجب استشارة ابنته أولا، فصعد الملك إلى غرفة ابنته وحدثها بالأمر، فشعرت الأميرة بالسعادة الكبيرة حيث أنها أيضا أحبت الأمير وتمنت أن يأتي ليطلب يدها.

شروط الساحرة الثلاثة تتحقق

وبالفعل أقيم العرس داخل القصر الذهبي، وبعد انتهاء العرس أخذ الأمير زوجته معه إلى قصره، وبينما هما في الطريق إلى القصر، نظر الأمير فإذا بحصان فضي ذو أجنحة ضخمة يقف في الطريق، اعجب الأمير بهذا الحصان كثير وقرر ركوبه مع عروسه، وما أن هم بذلك حتى أسرع الوزير وقام بإخراج الخنجر الذهبي من سرج الحصان وغرسه في ظهره فمات على الفور.

تعجب الحاضرين من ذلك وتعجبت الأميرة أيضا، ولكن الأمير كان يثق بإخلاص وزيره وأيقن أن ما فعله كان لمصلحته، ولم يقم بسؤله عن سبب قتله للحصان، وما أن وصل الأمير إلى القصر، حتى استقبله الجميع بسعادة بالغة، ثم قرر الأمير أن يصعد مع عروسه إلى غرفتهما وبينما هما أمام باب الغرفة وجد الأمير قلادة من الياقوت رائعة الجمال فظن أنها هدية وضعت من أجله، فهم بارتدائها ولكن الوزير قام على الفور بإلقائها داخل نار المدفئة القريبة من غرفة الأمير فاحترقت القلادة على الفور.

على الرغم من دهشة الجميع من سلوك الوزير الغريب في تلك المرة، إلا أن الأمير كان واثقا من أن كل ما يفعله الوزير هو لصالحه وسلامته. ومع ذلك، لم يكتف الوزير بذلك، بل أراد أيضا الحفاظ على حياة الأمير. قرر تنفيذ الأمر النهائي الذي أخبره به الساحرة، لكي يعيش الأمير في سعادة دائمة وينجو من الموت. لذلك، أخرج الوزير خنجره من جرابه واستولى على خصلة من شعر الأميرة. في هذه اللحظة، غضب الأمير غضبا شديدا وأمر بسجن وزيره كعقاب على ما فعله.

الوزير يكشف السر أمام الأمير

كان الوزير أهون عليه أن يموت من أن يشك الأمير في أمره، ولذلك فرغم علمه بأنه إذا باح بسر الملك فسوف يتحول إلى تمثال من الحجارة، ولكنه أصر على إخبار الأمير مهما كلفه الأمر، وبالفعل قام الوزير بإخبار الأمير بكل شيء، وما أن باح بالسر، حتى تحول إلى تمثال من الحجارة على الفور، حزن الأمير كثيرا مما حدث لوزيره المخلص واحتضن التمثال بشدة، وجعل يبكي حتى أغرقت دموعه وجه التمثال، فعاد الوزير إلى طبيعته، ففرح الأمير كثيرا بعودة وزيره المخلص، وعاش الجميع بسلام دائم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى