فينياس غيج أغرب حالة اصابة في العالم
فينياس غيج كان يشغل منصب رئيس عمال في شركة حفر في مدينة كانفيش بولاية فيرمونت بالولايات المتحدة الأمريكية، والتي كانت تعمل على تمديد خطوط السكك الحديدية في برلينغتون. وهو مواطن أمريكي من ولاية نيو هامشير، وكان يتميز بذكائه وقدرته العالية على اتخاذ القرارات الحكيمة والإصرار، مما جعله يصبح قائدا للعمال. وتعتبر حالة غيج من بين أشهر حالات الإصابة في العالم، وقد أثارت اهتمام الكثير من الباحثين والمهتمين
فينياس غيج تفاصيل حادثته:
في يوم الثالث عشر من سبتمبر عام ١٨٤٨، كان فيناس يقوم بعمله المعتاد في بتمهيد الطرق لمد خط السكة الحديد، وكان يقوم بعمل حفرة صغيرة جانب الصخور عن طريق وضع البارود والمتفجرات فيها ثم تغطيتها بالرمال مرة أخرة للتحكم في حجم الانفجار، وبعد ذلك يقوم بدك قضيب من الحديد نهايته مدببة مثل الرمح، وفي أحد المواقع لم يقوم أحد المساعدين بتبطينها جيدا بالرمل، وعندما كان غيج يقوم بدك القضيب الحديدي في البارود.
حدث انفجار كبير أدى إلى اندفاع القضيب وكان قطره حوالي ٣ سم وطوله حوالي متر داخل فم فينياس غيج وغبر إلى فكه العلوي وعظام الخد الأيسر وخلف العين قبل أن يمزق الفص الجبهي الأيسر وعظام الجمجمة خارجًا، ثم وجد في مكان يبعد حوالي 25 مترًا من مكان الحادث، وكان ملطخا بالدماء ودهون من عظام دماغ غيج.
أصيب غيج بحالة هيستيرية ولكنه تمكن من النهوض بمساعدة أصدقائه الذين نقلوه إلى المنزل واستدعوا طبيب البلدة إدوارد ويليامز. كان غيج يتحدث بصعوبة، واستغرب الطبيب من النظرة المروعة لغيج وهو مغمى عليه ومشعرة دمه، وأعجب الطبيب بابتسامة غيج وهو يستقبله ويقول له `تعال هنا يا دكتور، هناك الكثير من العمل ينتظرك` .
مرحل علاج غيج:
يقول الطبيب إدوارد ويليامز إنه في البداية لم يصدق ما كان يرويه غيج عن الحادث، وكان يعتقد أنه يهذي ولا يدرك ما يقوله، وكان غيج يسعل بطريقة شديدة، وفي إحدى المرات خرجت من الجرح أجزاء من ثنايا دماغه بحجم فنجان الشاي الصغير، وفقًا لتقديرات الطبيب ويليامز .
بعد ذلك تم استدعاء طبيب حديث التخرج آخر ليتعاون مع وليامز اسمه جون هارلو وقام الطبيبين بحلق رأس غيج حتى يتمكنوا من رؤية الجرح بصورة كاملة، ويعدها قام الطبيب هارلو بإزالة الأنسجة التالفة وبقايا العظام الصغيرة وحاول إعادة بعض العظام إلى مكانها وإغلاق الجروح باستخدام الأشرطة اللاصقة وحافظ على وجود منفذ في رأس غيج للتخلص من الصديد كما حاول علاج الجروح الموجودة في الخد والحروق .
في البداية، كانت حالة غيج مستقرة إلى حد ما، حيث كان يعاني من تشنجات دورية في الأطراف السفلية فقط، ولكن بعد يومين، تعرض للحمى وكان يهذي، ثم تعاقبت الحمى مع فترات صحو، وكان يتحدث بشكل قليل، ولكنه بدأ بالتحسن بعدها .
ومع ذلك، بعد عدة أيام، ظهرت عليه علامات التلوث في الجرح، وكان شبه فاقدا للوعي، وكان يتحدث بشكل ضعيف، وكان فاقدا للشهية، وتعرضت عينه اليسرى للإصابة بالفطريات، وظهرت بروزا للمحجر، وخرجت بعض الأنسجة الميتة من قمة رأسه، واعتبر أصدقاؤه أن شفاؤه مستحيل وبدأوا التحضير لجنازته، ولكن الطبيب هارلو لم يفقد الأمل وقام بعمل جراحة في الجبهة وإزالة الفطريات والصديد، ثم قام بإجراء علاج كيميائي في الجرح للتخلص من البكتيريا وعلاج الجرح بمهارة، وبعد حوالي ثلاثة أسابيع، استطاع غيج المشي، ولكنه عانى من حمى خفيفة، ثم تعافى، ولكنه كان يعاني من ضعف في الذاكرة
في العام التالي، أعلن الطبيب هارلو أن غيج تعافى تماما بغض النظر عن فقدان البصر في العين اليسرى وبعض التغييرات في شكل الرأس والوجه نتيجة إصابة الأعصاب والعضلات، ولكنه لم يعان من آلام. توفي غيج عام ١٨٥٩ بعد ١٢ عاما من إصابته، وتوجد جمجمته والقضيب الحديدي الذي أصابه في متحف Warren Anatomical في هارفارد .
تأثير حادثة غيج على مفاهيم الطب النفسي :
شجعت حالة غيج العلماء على دراسة العلاقة بين السلوكيات وفص المخ الجبهي حيث لم يكن دوره معروفا حتى هذا الوقت، حيث أثر الحادث على سلوكيات غيج فقد أدت الإصابة إلى اضطرابات في ردود أفعاله ومشاعره وأصبحت تصرفاته بعيدة عن السيطرة، ولم يصبح قادرا على اتخاذ القرارات المنطقية السليمة .
ولهذا فان حالة غيج فتحت المجال لدراسة علم الفرينولوجي الـ phrenology وهي العلوم التي تعتمد على علاج اضطرابات المخ باستئصال أجزاء من المخ .