فوائد سورة المرسلات الروحانية
فضل سورة المرسلات
سورة المرسلات من أواخر سور القرآن الكريم في ترتيب المصحف الشريف، وهي من السور المكية، وتسمى بأسماء مختلفة مثل المرسلات والمرسلات عرفا. واسم المرسلات هو اسمها التوقيفي والمعروف، وعدد آياتها خمسون. ومثل باقي آيات القرآن الكريم، تعتبر سورة المرسلات مليئة بالفوائد والعظات والعبر العظيمة. هناك حديثان يذكران سورة المرسلات. الأول يتحدث عن أم الفضل بنت الحارث التي سمعتها وهي تقرأ في صلاة المغرب وذكرتها بآخر ما سمعتها من النبي. أما الحديث الثاني، فهو حديث النبي صلى الله عليه وسلم فيما سأله أبو بكر الصديق عن شيب رأسه، فذكر أن السور التي تشتمل على آيات شديدة كانت سببا في شيب رأسه. ومن فوائد سورة المرسلات في الناحية الروحانية والروحية للفرد المسلم ما يلي
- من أهم فوائد سورة المرسلات أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بها صلاة المغرب، كما أفاد ذلك حديث أم الفضل لابنها وبكائها.
- تحتوي سورة الفجر على فوائد مثل باقي سور القرآن الكريم وآيات الله في كتابه الكريم، ولو لم يتم ذكر فائدة روحانية خاصة في هذه السورة، فإنها تعتبر من السور الشديدة في ذكر العذاب الذي ينتظر المكذبين، وهذا مثبت بحديث صحيحعن النبي.
ما تضمنته سورة المرسلات
الإيمان بيوم القيامة حقيقة واقعة يخشى منها المؤمن ويعمل على النجاة منها، فهي أمور لا يعلمها المسلم ولا يعرفها أحد غير الله سبحانه وتعالى الذي أخبرنا بها في كتابه، والعقل لا يستطيع تصور حقيقتها بشكل كامل.
يتم التحذير بشدة والتنبيه لكل من ينكر الحقيقة، والتكذيب هنا يعني رفض الإنسان ليوم القيامة والبعث والنشور وحياة بعد الموت والمحاسبة، ووقوفه أمام الله للحساب على ما فعله في الدنيا، والجزاء بالنار أو الجنة.
الخوف من مصير الأمم والقرون السابقة التي عانت من العذاب، والتي دمرها الله سبحانه وتعالى وجعل مصيرها شديدًا، يجعل هذا المصير عبرة وعظة لمن يأتي بعدهم، ويخشى من تكرار مصيرهم.
يعتبر التفكر والتدبر في خلق الإنسان الذي خلقه الله من نطفة ضعيفة، واستقرار تلك النطفة في مكانها الذي جعله الله لها مسكنًا حتى تصير جنينًا وإنسانًا، وقدرة الله سبحانه على كل هذا وملكه للكون والخلق وتدبيره، يجعل الفرد يدرك ضعفه وأن كل شيء خلق من قبل الله.
تكرار الآيات يعد من عجائب الله في الخلق والكون، ويثير في النفس التواضع وعدم الاستكبار، فالإنسان صغير بجانب هذا الكون، فكيف يمكنه أن يتكبر أمام خالقه؟ ويضع الله سبحانه وتعالى مثالًا للبشر على تدبيره وتنظيمه للكون من خلال الجبال التي تساعد على استقرار الأرض.
تتحدث آيات سورة المرسلات عن يوم العذاب للمكذبين في يوم الدين وتصف الآيات العذاب الذي يأتي بعده، وكيفية وقوف الإنسان في يوم شديد الحرارة واللهب، حيث لا يوجد ظل ولا وسيلة للحماية من العذاب.
يتحدث تحدي الله عن عجز الإنسان وعدم قدرته النهائية على مجابهة الله بأعماله، وتتعلق هذه القضية بشكل خاص بالمكذبين بحقيقة يوم القيامة،
إظهار النعيم والسعادة لأهل الجنة ، مما يدفع النفس على الحرص أن لا تكون من اولئك أهل النار بعذابهم ، والانضمام إلى صف أهل الجنة ، بالأعمال والأقوال، وهو من إعجاز القرآن أن يلقي بالنفس في مشهدين متضادين ، أمام العين حتى يترك مشهد السوء أثر في النفس ، ومشهد السعادة يلجأ له بالروح والسعي.
من أهم مقاصد هذه السورة هو الإيمان بيوم القيامة، ومن الخطأ عدم الإيمان بالبعث ويوم القيامة، وكذلك الإيمان بالجزاء والحساب والجنة والنار، وهي جميعها من مقاصد هذه السورة.
تتناول سورة المرسلات فكرة رئيسية هامة، وهي إنكار البعث والحساب والنشور، وأيضا إنكار وجود الجنة والنار. تؤكد الآيات العديدة في السورة على خلق الله للإنسان وتستشهد بذلك للإنسان المتكبر، مشيرة إلى الكون وخلقه وتنظيمه ودقته كإعجاز. لذلك، يمكن اعتبار الفكرة المحورية للسورة هي يوم البعث والمكذبين بهذا اليوم وعذابهم، بالإضافة إلى نعيم المؤمنين.
أسباب نزول سورة المرسلات
قول أنها نزلت السورة في مكة، وذلك ما ذكره البخاري ، في حديث رواه عن ابن مسعود رضي الله عنه ، حيث قال أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة و دخلنا غار في منى ، ووقتها نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم سورة المرسلات، وكان الغار قريب من مسجد الخيف، أما الأيات رقم 48 [ وَإِذَا قِیلَ لَهُمُ ٱرۡكَعُوا۟ لَا یَرۡكَعُونَ ] ، وهي لتبين حال النفاق ، وأهله ، للمسلمين.
دروس مستفادة من سورة المرسلات
يستفاد في الحياة العملية من سورة المرسلات ، وكذلك في الجانب الشرعي الكثير من الأمور ، منها مثلاً بعض الدروس التي تؤثر في النفس والعقيدة والحياة، ومن تلك الدروس أن التكذيب بيوم الدين و الحساب والبعث ، أمر شديد وعذابه ليس هين ، وأن التكذيب ليس شرطا أن يكون باللسان والقول ، فهناك تكذيب القلوب، والتي تغفل عن العمل وذكر الله.
يمكن أيضا استخلاص عقيدة التوحيد ووحدة الله من سورة المرسلات. تشير إلى أن الله سبحانه وتعالى هو الواحد الذي ليس له شريك ، لا يلده ولا يولد له. ويجب الاعتماد عليه في الطاعة والعقيدة والتوحيد. وسوف يزيد يوم الدين الذين ينكرونه إلى زيادة في الضلال والعذاب في الحياة الآخرة. ويجب على الإنسان أن يعترف بضعفه وقلة قوته ، حيث أنه خلق من ماء ضعيف ، ولولا فضل الله عليه لما كان موجودا. ويجب أن يعترف بقدراته الضعيفة ، وأنه ليس لديه أي سلطة على نفسه من قبل الله. وهذا يعطي درسا هاما للبشر ، وهو أن الله هو القادر الحقيقي وأنه لا يمكن الاستعانة إلا به ، وأن غير الله هو ضئيل.
يؤدي التكذيب بيوم الدين إلى وجود عذاب شديد لصاحبه في يوم لا يوجد فيه ظل، وتحيط اللهب من كل جانب بالكافرين في يوم البعث، ولكن الجنة محفوظة لمن يؤمن بالله واليوم الآخر، وذلك لأن الإيمان باليوم الآخر هو من الأركان الخمسة للإيمان، وبدونه لا يكتمل الإيمان.
من الدروس المستفادة من سورة المرسلات التدبر في خلق الكون والناس ، والعمل على إعمال التفكير في خلق الله ، وتلك الجبال التي عرف العلم الأن بعد ألاف السنين حقيقة سبب وجودها ولو أنها مذكورة في القرآن الكريم منذ ألاف السنين، وهي تحعل الارض راسية لا تميد بأهلها يمينا وشمال، وكذلك معجزة خلق الإنسان وقد ذكر الله سبحانه وتعالى أنه خلق الإنسان من ماء ضعيف ، ليأتي العلم بعد كل هذا الزمن البعيد ليؤكد أن الإنسان خلق من ماء الرجل والمرأ.
من جميل الدروس المستفادة من تلك السورة المباركة ، أن يتعلم الإنسان أسلوب طرح الأفكار ، فكيف أن السورة ذكرت الأدلة العقلية والحجج والبراهين على أن الله خالق للكون ثم عرجت على جزاء المخالف، وهو ما يجب على كل منذر أو معلم أو مربي أن يعرض أفكاره وأدلته وحججه ، ثم يوضح عقاب من خالف، حتى يكون المرء بدراية بحقيقة ما هو مطلوب منه ، وعلى يقين بعقاب مخالفته،وهو أسلوب أكثر تأثير من مجرد عرض العقوبة والتشديد مباشرة.