اسلامياتالقران الكريم

فوائد سورة الشمس الروحانية

متى نزلت سورة الشمس

سورة الشمس من السور القرآنية التي نزلت في مكة المكرمة بعد سورة القدر. تقع في الجزء الثلاثين من المصحف الحزب الستين. رقمها الترتيبي في المصحف هو واحدة وتسعون. تتكون من خمسة عشر آية. اسمها مستمد من الشمس التي أقسم الله بها في بداية آياتها. قد اختير اسم سورة الشمس لأنها تبدأ بالحلف بالشمس التي تنير الكون بنورها الساطع

كما يتطابق ترتيب سورة الشمس مع السورة التي تسبقها في المصحف الشريف، وهي سورة البلد، في أمرين مختلفين. الأول هو أن الله تعالى ختم سورة البلد بذكر كل من أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة، كما هو معروف عنهم. تليها سورة الشمس التي توضح الله جل وعلا المقصود بكلا الفريقين من خلال أعمالهما. في سورة الشمس يذكر: `قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها`. وفي نهاية آيات سورة البلد، يوضح الله سبحانه وتعالى مصير الكفار والعقاب الذي ينتظرهم في يوم القيامة. أما في سورة الشمس، فتذكر عقاب هؤلاء الكفار في الدنيا. هذا العقاب هو الهلا.

فوائد سورة الشمس

مثل العديد من سور القرآن الكريم لم يذكر في فضل وفوائد سورة الشمس الروحانية أحاديث متعلقة بها بشكل خاص قد تكلم فيها الرسول صلى الله عليه وسلم، بل جميع ما ورد عن فضلها ليس إلا أحاديث مزيفة بمعنى أنها لا تحمل حقيقة أو أصل، مثل الحديث المزيف الذي نقل عن سلمان الفارسي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى يوم الفطر بعد صلاة العيد أربع ركعات، يقرأ في الركعة الأولى بسورة الفاتحة وسبح اسم ربك الأعلى، وفي الركعة الثانية بسورة الشمس وضحاها، وفي الركعة الثالثة بسورة الضحى، وفي الركعة الرابعة بقل هو الله أحد، فكأنما قرأ جميع الكتب التي أنزلها الله على الأنبياء، وكأنما أطعم جميع الأيتام، وكأنما داهنهم، وكأنما نظفهم، وكان له مثل الأجر الذي يحصل عند طلوع الشمس، وسيغفر له ذنوب خمسين سنة).

بينما تتمتع سورة الشمس بفضل مثيلاتها من سور القرآن الكريم، ينتج عن قراءتها مثل قراءة القرآن الكريم بأكمله أجرا وثوابا عظيما للمسلم، ولله سبحانه فضل كبير لا يعرف قدره إلا منه، فقد ورد في حديث شريف رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: `من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول “ألم” حرفا، وإنما ألف حرفا، ولام حرفا، وميم حرفا`.

بجانب ذلك، تتجلى فضائل سورة الشمس وفوائدها الروحانية في الأوامر والأحكام التي ذكرها الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين في آياتها الحكيمة، مثل تحذيرهم من اتباع الهوى، وتنزيه النفس، والتمسك بالعظة والعبرة المذكورة في آياتها الكريمة.

قسم سورة الشمس

تبدأ آيات سورة الشمس بإشارة إلى آيات الله العجيبة في هذا الكون العظيم، حيث أقسم الله بالشمس والقمر والنهار والليل والسماء والأرض، فكلها تمثل آيات عظيمة لا يمكن للعقل البشري فهم خلقها وتكوينها أو كشف أسرارها. وثم يأتي بالنفس البشرية نفسها كإشارة إلى ذلك اللغز الذي لا يمكن للإنسان فهمه بغض النظر عن تطوره ومعرفته، فقد قال الخالق سبحانه: `والشمس وضحاها، والقمر إذا تلاها، والنهار إذا جلاها، والليل إذا يغشاها، والسماء وما بناها، والأرض وما طحاها، ونفس وما سواها`.

ثم بينت الآيات المكونة للسورة الكريمة النصيرة، التي ينتظرها كل من المؤمنين والكفار، والتي تزكي النفس البشرية بتجنب الذنوب ومن يدنسها بالمعاصي والآثام، إذ قال سبحانه (أفلح من زكاها، وخاب من دساها)، وذكر في ختام السورة قصة قوم ثمود الذين كفروا بآيات الله وكذبوا نبيهم صالح عليه السلام، وتم ذكرهم في آيات سورة الشمس بأن العقاب والهلاك الشديد ينتظرهم، وأشدد على أن الله سبحانه لا يخشى عاقبة تدميرهم، وهو ما ورد في قوله تعالى (فكذبوه فعقروها فدمر ربهم عليهم بذنوبهم فسواها، ولا يخاف عقباها).

ذكر قوم ثمود في سورة الشمس

ذكر الله سبحانه وتعالى عبر آيات سورة الشمس عن قوم ثمود وهي قبيلة قد تجاوز وتمادى أهلها بطُغيانهم كل الحدود؛ وذلك حينما قام أشقاء ثمود (قدار بن سالف) بالفعل الأثيم وهو عقر الناقة، بعد أن كان النبي صالح عليه السلام قد حذّرهم من عقر تلك الناقة، وحثهم على تركها وشأنه، وهو ما ورد في قول الله سبحانه وتعالى (هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً، فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ، وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ، فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)، ولكنهم على الرغم من ذلك كذّبوا رسول الله لهم صالح عليه السلام، لذلك كان مصيرهم أن أهلكهم الله بالصّيحة التي قضت عليهم جميعاً صَغيرهم وكبيرهم.

وبخصوص ذلك، قال المفسرون إن قوم ثمود اجتمعوا في يوم في ناديهم، ثم جاءهم النبي صالح عليه السلام يدعوهم لعبادة الله تعالى، لكن قوم ثمود ردوا عليه قائلين: `إذا أخرجت لنا ناقة من تلك الصخرة، يجب أن تتحقق بعض الصفات فيها.` فأجابهم النبي صالح عليه السلام قائلا: `إذا جئتكم بما طلبتم، هل ستؤمنون بي وتصدقون رسالتي؟` وقد وافقوا على ذلك. ثم توجه إلى مكان الصلاة وبدأ بالتضرع والدعاء إلى الله تعالى، يطلب أن يستجيب لدعائه ويحقق ما طلبه القوم.

وبالفعل قد أجاب الله سبحانه ما دعاه به نبيِّهِ ومن ثم تحوَّلت الصخرةُ التي أمامهم إلى ناقةٍ عظيمةٍ بما وضعوه من الصفات ذاتها، وفور أن شاهدوا هذه الآية العظيمة والمشهد الهائل الذي أذهَلهم قام البعض منهم بالإيمان بصالح وربه، في حين ظل منهم الكثير على جحودهم وكفرِهمم، وظلت الناقةُ آيةً باقيةً بينهم، حيث قال الله تعالى: (هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ).

باعتبار الناقة اختبارا لهم، تم تحديد يوم كامل لتشرب كل الماء من البئر، مما جعل قوم ثمود مضطرون للانتظار لليوم المحدد لهم للحصول على الماء. وعندما شعروا بالضيق بسبب ذلك، اجتمعوا واتفقوا على قتل هذه الناقة. فأعاقبهم الله بفعلتهم وأهلكهم بعذاب أليم في يوم القيامة. وفي هذا السياق، ذكر الله تعالى: `فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها، ولا يخاف عقباها`، وقال الله تعالى أيضا: `فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر، فكيف كان عذابي ونذر`.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى