فوائد سورة الأنبياء الروحانية
سورة الأنبياء
سورة الأنبياء هي السورة الحادية والعشرون في المصحف، وتعد واحدة من السور الأخيرة التي نزلت قبل الهجرة، وتتألف من مائتي آية، وهي سورة مكية بالإجماع.
فضل قراءة سورة الأنبياء الروحاني
أكد النبي صلى الله عليه وسلم أن قراءة سورة الأنبياء بشكل منتظم تريح البال، والنفس، ويبتعد الاكتئاب عن من يقرأها، وتمتلئ حياته بالراحة والسكينة، فهي تساعد على تنوير العقل، وتساعد في التقرب من الله عز وجل، وتتسبب في رفع ذنوب صاحبها قال تعالى :{وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُم بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ}.
سبب تسمية سورة الأنبياء بهذا الاسم
سماها السلف سورة الأنبياء، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: “بنو إسرائيل -الإسراء-، والكهف، ومريم، وطه، والأنبياء، هن من العتاق الأُوَل، وهنَّ من تلادي”، وسبب تسميتها بهذا الأسم، ذكر أسماء ستة عشر نبي والسيدة مريم فيها، ولم يذكر هذا العدد من أسماء الأنبياء في سورة من سور القرآن عدا سورة الأنعام، حيث ذكر فيها ثماني عشر نبي، قال ابن عاشور: “فإن كانت سورة (الأنبياء) هذه نزلت قبل سورة (الأنعام) فقد سبقت بالتسمية بالإضافة إلى الأنبياء، وإلا فاختصاص سورة (الأنعام) بذكر أحكام الأنعام أوجب تسميتها بذلك الاسم، فكانت سورة الأنبياء أجدر من بقية سور القرآن بهذه التسمية، على أن من الحقائق المسلمة أن وجه التسمية لا يوجبها”.
فضائل وفوائد سورة الأنبياء الروحانية
هناك عدة أحاديث ذكرت فضائل سورة الأنبياء، هذه بعض منها:
- ورد في رواية من أبو نعيم عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه، أن رجلا من العرب نزل عنده، فكرم مكان إقامته، وتحدث فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء إليه الرجل وقال: لقد استقطعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم واديا، وأردت أن أقطع لك قسما منه، يكون لك ولذريتك بعدك. فقال عامر: ليس هناك حاجة لي في قطعتك، اليوم نزلت سورة أدهشتنا عن الدنيا، تقول: {اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون} (سورة الأنبياء: 1).
- روى الترمذي -واللفظ له-، والنسائي، والإمام أحمد -قال الهيثمي: وقال الناس فيمن قد روى هذا الحديث الصحيح، بإستثناء إبراهيم بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، وهو شخص قابل للثقة، وحكم عليه بأنه إسناد صحيح. وروى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه هذا الحديث، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (عندما دعا ذي النون وهو داخل بطن الحوت، قال: `لا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين` (الأنبياء: 87)، فلا يدعي بها أي مسلم في أي شيء إلا استجاب الله له).
- ولفظ الحاكم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (هل أدلكم على اسم الله الأعظم، الذي إذا سئل به يعطى وإذا دعي به يجاب: الدعاء الذي دعا به يونس عليه السلام في ظلمات البحر العميقة الثلاث: {لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين}، فقال رجل: يا رسول الله! هل كان يونس عليه السلام يخصه فقط أم ينطبق على المؤمنين عموما؟ فأجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا تسمعون قول الله عز وجل: {ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين} (الأنبياء:88).
- ولفظ ابن السني، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إن لي كلمةً أعلمها، لا يقولها مكروبٌ إلا فرّج الله عنه، وهي كلمةُ أخي يونس عليه السلام: {فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}.
مقاصد سورة الأنبياء
تضمنت سورة الأنبياء العديد من المقاصد، وهذه هي المقاصد الإجمالية للسورة:
- يتضمن التحذير الناس بالبعث، وتأكيد حدوثه، وتأكيد قرب حدوثه منهم.
- وأكد وجود البعث بحجة خلق السماوات والأرض من العدم، وخلق المخلوقات من الماء.
- تحذير الناس من الجحود بكتاب الله تعالى أو رسوله الكريم.
- يتم تذكير الناس بأن الرسول وأمثاله من الرسل، وأن ما جاء به من رسالة هو مثل ما جاء به الرسل الذين سبقوه.
- يتم ذكر العديد من قصص الرسل وأخبارهم عليهم السلام.
- القرآن الكريم نعمة من الله للبشرية بأجمعها، والإسلام هو دين رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- يتم تذكير الناس بما حدث للأمم السابقة، وذلك نتيجة تكذيبهم للرسل، وأن عقاب الله لتكذيبهم للرسل واقعٌ مهما تأخر، كما قال الله تعالى: {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ} (الأنعام: 134).
- يحذر الناس من الغرور بسبب تأخر عقوبة الله، حيث يمكن أن يغري الناس كما حدث مع الأمم السابقة التي أصابها العذاب فجأة، وذُكر شرطًا من شروط قيام الساعة وهو فتح يأجوج ومأجوج.
- يُذكر الخالق في هذا السياق بخلق السماوات والأرض وما فيهما، مما يدل على عظمة خلقه.
- لاحظ وجود حياة وكن حذرا، خلف هذه الحياة الزائلة، ستجازى كل نفس بحسب أعمالها، وسينتصر الحق، كما قال الله سبحانه: `وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون` (العنكبوت: 64).
- لا يتماشى هذا النظام مع تعدد الآلهة، حيث إنه لا يوجد في خلق الله دليل على تعدد الآلهة، كما قال الله تعالى في القرآن الكريم: `لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون` (الأنبياء: 22).
- الاستدلال بوحدانية الله وتنزيهه سبحانه عن الشركاء والأولاد.
- مصير جميع المخلوقات إلى الفناء.
- سبحانه وتعالى يفعل ما يريد، ولا يقع في ملكه إلا ما يشاء.
- تذكير العباد بنعمة الحفظ، وهي من أعظم النعم عليهم قال تعالى {وكنا لهم حافظين} (الأنبياء:٨٢).
- تحكي هذه السورة قصص عدد من الرسل والأنبياء، وتقارن أحوالهم وأقوامهم بأحوال وقوم سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، وتتحدث أيضًا عن كيفية نصر الله تعالى لرسله على أقوامهم واستجابته سبحانه لدعواتهم.
- يتمثل دين الله تعالى في أصوله في وحدة، وهو نفس الدين الذي جاء به جميع الرسل، فيما الضالون هم الذين انقطعوا عنه.
- تُثنى الله على الرسول وعلى الذين اهتدوا بهداه وآمنوا برسالتهم.
- يعتقد أن خير الدنيا والآخرة والعاقبة للمؤمنين، وسيحكم الله بالحق بين كل من الفريقين.
أدعية الأنبياء واستجابة الله تعالى لها
إذا قرأ شخص سورة الأنبياء، سيجد فيها أكثر أدعية الأنبياء واستجابة الله تعالى لأدعيتهم، عليهم السلام .
- يقول الله تعالى في هذه السورة الكريمة: وذكر الله قصة نوح، حيث دعا ربه مستجيراً من الكرب العظيم، وأجابه الله بالنجاة والخلاص، وقال الله تعالى (فاستجبنا له)، وهذا يعني أن الله استجاب لدعاء نوح.
- {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِين} [الأنبياء:83-84]، ويقول تعالى : (فاستجبنا له).
- {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء:87-88]. يقول سبحانه وتعالى : (فاستجبنا له).
- {وقال موسى ربنا إنك ءاتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ، قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون} [يونس:88-89]. يقول سبحانه وتعالى : (قد أجيبت دعوتكما).
- {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ}[الأنبياء:89-90]. يقول سبحانه وتعالى : (فاستجبنا له).
بعد ذكر آيات الدعاء للأنبياء، وصف الله تعالى سبب استجابته لهم، فقال عن هؤلاء الأنبياء: “إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبًا ورهبًا، وكانوا خاشعين لنا” [سورة الأنبياء: 90].
يجب على المؤمن أن يُسارع في فعل الخيرات، وأن يدعو الله ويكون خاشعًا في دعائه، وسيستجيب الله تعالى له إن شاء الله.