فوائد الصبر على الاذى في سبيل الدعوة
حكم الصبر على الاذى في سبيل الدعوة الى التوحيد
الصبر هو مفتاح الفرج كما تقول الأمثال الشعبية ولكنه ليس مجرد كلمات في مثل ولكنه واقع حقيقي ، أمر الله سبحانه وتعالى جميع عباده بالصبر وتحمل صعوبات الحياة وما قد كتبه الله للعباد من أقدار يصعب تحملها ولكن الله يعين عباده ، حيث ينادي الله جميع عباده في كتاب الكريم ويأمرهم أن يصبروا ويتحملوا ما قد يصيبهم من ابتلاء .
فإن الله يأمر المؤمنين بالصبر فإن الصبر سوف يعينهم على قضاء حوائجهم وكذلك أيضا فإن الصبر سوف يعينهم على أن يهزموا عدوهم ويتغلبوا عليه ، فعندما يصيب الإنسان على كيد أو مكر يدبر له أقرانه من البشر فإنه عندما يصبر سوف يعلم نية ما يدبر له الناس ويكون أكثر صبرا وتحملا من هذا العدو ، ويكون قادر على التعامل معه فإنه الله سبحانه وتعالى يعد الجوائز العظيمة للصابرين في الدنيا بأن يجزيهم كل الخير ويعوضهم على ما قد تحملوه من أذى في الدنيا وعذاب من غيرهم من البشر .
فإن الله يعد لعباده المؤمنين الصابرين جنة الخلد ونعيمها وسوف يحاسبهم على صبرهم هذا وقوة تحمله خير حساب ويجزيهم كل الخير ، وعندما نذكر بعض الأمثال وبعض العبارات التي تشجعنا على الصبر وعلى تحمل ما نحن فيه وعندما نذكر مواقف حياتية عند بعض الناس ، فإننا لن نجد دليل أقوى على تحفيز البشر أكثر من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أمره الله بأن يدعو أهل مكة وكفار قريش إلى أن يدخلو في الإسلام وعندما أمره الله بأن يجهر ويدعو كل أهل مكة للدخول في دين الله .
ما واجهه الرسول من كفار ومشركين قريش أثناء العمل على تحقيق توحيد الله هو التعذيب والإهانة. فقد عذب كفار قريش الرسول صلى الله عليه وسلم بأشد الطرق، حيث كانت زوجة عمه أبو لهب تلقي بالأوساخ والأشواك عليه، واستخدموا بيته لإيذاء قدمه الشريفة عندما كان يسير، وحاول عمه حمل حجر كبير ليلقيه على النبي صلى الله عليه وسلم أثناء صلاته في الكعبة، ولكن الله سبحانه وتعالى منعه .
ومن بين أصعب أنواع التعذيب التي تحملها المسلمين الأوائل، والتي قد صبروا عليها، كانت إحضار المسلمين الذين اتبعوا النبي من قبل الكفار ووضعهم في صحراء مكة القاحلة على الرمال الحارة جدا وتجريدهم من ثيابهم، ووضع الصخور الكبيرة فوق أجسادهم، بهدف إجبارهم على التراجع عن الإسلام والرجوع. ولكن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه الكريم بالصبر، وأمر أيضا المسلمين الذين اتبعوه بالصبر على هذا الأذى، وذلك لكي ينالوا ما أعده الله لهم من الخير في الآخرة [1] .
ثمرات الصبر على الاذى في سبيل الدعوة إلى التوحيد
- يعد الصبر من أعظم الصفات التي يجب على كل مسلم أن يتحلى بها، ولذلك فإن الله قد أعد للصابرين أعظم الثواب والجزاء في الآخرة .
- وعد الله سبحانه وتعالى المؤمنين الذين يصبرون على البلاء في الدنيا بأن يكافئهم الله في الآخرة دون حساب، وذلك بتجاوزه عن سيئاتهم التي ارتكبوها في الدنيا .
- وعد الله سبحانه وتعالى الصابرين في الدنيا أن يعينهم ويكون معهم دائمًا ليساعدهم على تحمل الصعاب التي يواجهونها، وسوف يلهمهم الصبر والسلوان ليساعدهم على التغلب على ما يواجهونه .
- يؤكد الله سبحانه وتعالى في كثير من مواضع القرآن بأن المؤمنين سيواجهون الصبر في الدنيا والآخرة، وذلك على ما يستحقون .
- الله سبحانه وتعالى يشجع عباده المسلمين على الصبر وقوة التحمل، ويذكر لهم قصة النبي يوسف عليه السلام وصبره وقوته في مواجهة التحديات التي واجهها طوال حياته. بدءا من إلقائه في البئر من قبل إخوته وصولا إلى توليه منصب حاكم مصر. فقد صبر طوال هذه الفترة، منذ كان طفلا حتى أصبح بالغا واجتمع مع والده وأهله مرة أخرى. إنه مثال جيد يمكن الاستفادة منه في موضوع الصبر وقوة التحمل .
صبر الرسول على الأذى
النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو أكثر عباد الله وهو من أكثر الأنبياء أيضا الذين لقو أشد أنواع التعذيب من قومهم هو ومن أسلم معه من المسلمين الأوائل ولكن الله سبحانه قد أمره بذلك ، فعندما سألت عائشة رضي الله عنه أبنة النبي صلى الله عليه وسلم هل قد مر عليه أو قد رأي يوم أشد وأقوى من يوم أحد فما كان جواب النبي إلا أن قال لابنته أنه قد لقى وشاهد من قومه وأهله ما هو أقوى من أحد بأضعاف مضاعفة .
وأيضا ذكر لها أن ما رأى النبي من قومه كان في يوم بيعة العقبة، وكان ذلك اليوم من أصعب الأيام عليه. فعندما حدث النبي صلى الله عليه وسلم ابن عبد كلال، لم يجبه أو يرد عليه بكلمة، ثم غادر النبي وذهب، ووجهه يعكس الألم والهموم التي يشعر بها النبي صلى الله عليه وسلم، وظل يستمر في سيره حتى وصل إلى منطقة رأس الثعالب. وفي تلك المنطقة، لم يرو النبي سوى سحابة كبيرة أرسلها الله سبحانه وتعالى لتظله وتحميه وتعينه على ما واجهه من الصعاب .
فبعث الله تعالى رسوله جبريل إلى النبي ليخبره بأن الله علم بما فعله المشركون معه. فقال له جبريل إن الله أرسلني إليك لأنفذ أوامر النبي. إذا أراد النبي معاقبة قريش على أفعالهم، سأفعل ذلك. وإذا أراد النبي أن يعفو عنهم، سأفعل ذلك أيضا، فهذه هي أوامر الله. فلم يفعل الرسول إلا أنه عفا عن المشركين وصبر وتحمل ما تعرض له من إيذاء وعذاب
أنواع الصبر
عند التحدث عن أنواع الصبر، يمكن القول إنَّ الصبر ليس بأنواع وإنما هو درجات ومراتب، وكلما ارتفعت درجة الصبر وصعوبتها، كلما اعتبر ذلك من أعلى مراتب الصبر
- الدرجة الأولى في الصبر: صبر على المعاصي” يعني أن يتحمل الإنسان ما يقع فيه من معاصي، ويحاول بقدر الإمكان أن يمتنع عنها ويجاهد نفسه لتجنبها .
- الدرجة الثانية: – الصبر على الطاعة يعني أن يستمر الإنسان في طاعته لله والتقرب منه، حتى وإن كان يتوقع من الله أن يمنحه شيئا في الدنيا، وإذا لم يحدث هذا فلا بد من الصبر ومواصلة الطاعة لله .
- الدرجة الثالثة: علينا أن نصبر على الابتلاءات، لأن الله هو الذي يعلم ويقدر ما هو خير لنا، وغالبا ما يكون هذا الخير مختلفا عن ما نريد ونتمنى. وعندما يحدث شيء لا نرضاه، فإننا نحزن كثيرا، ولكننا لا نعلم إن كان هذا الشيء سيء أم جيد، فقد يكون هذا الشيء السيء بداية للخير الذي نتمناه. ولذلك، يجب أن نصبر ونكمل طاعتنا لله ونتقرب منه .
من ثمرات الصبر
للصبر ثمرات كثيرة في الدنيا والآخرة ، منها :
- إن الله تعالى يوفي الصابرين أجورهم بغير حساب، ويأتي ذلك كتأكيد على قوله تعالى في سورة الزمر: `إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ`.
- يحب الله عز وجل الصابرين، ويُجسد ذلك في قوله تعالى في سورة آل عمران: `وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبَّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوَمَا اسْتَكَانُوا ۚ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ`، وهذا يدل على أن الله يحب الصبر والاحتساب، ويعوض المؤمنين عن جهدهم وتعبهم في الدنيا والآخرة.
- يأتي النصر بعد الصبر، وفي سورة الأنفال قال الله عز وجل لنبيه الكريم: `يا أيهاالنبي حرض المؤمنين على القتال، إن كنتم عشرة صابرين يغلبوا مائتين`، مما يدل على أن الصبر والاستمرارية هما الطريق لتحقيق النصر.
من فضل الصبر على الأذى
الأذى هو ما يتعرض له الإنسان من قول أو فعل أو غير ذلك، ويتضمن فضل الصبر على الأذى:
- إذا كان لديك صبر على الأذى وترد السيئة بالحسنة، فإنك تحظى بثواب عظيم في الآخرة من الله.
- تعد الجنة جزاء الصابرين على البلاء والأذى في الدنيا.
- إن الصابرين في معية الله عز وجل.
- الصبر هو أفضل من المولى عز وجل للمؤمنين.