فن الردود الدبلوماسية
تعتبر الحياة بشكل عام مجموعة من الفنون والعلاقات الاجتماعية، حيث يجب على الفرد أن يعرف كيفية إدارة حياته مع الآخرين دون أن يكون عبئا عليهم، وخاصة لأن الكثير من الأفراد لا يتمتعون بفن الرد على الآخرين، مما يجعلهم عرضة دائما للنبذ أو التجاهل من محيطهم. ونظرا لأن الأشخاص بشكل عام يميلون إلى الكلام اللطيف والتصرفات الحسنة، فلا يوجد شخص يتقبل التجاهل أو الكلمات السيئة العنيفة. لذا فإن الدين الإسلامي دوما يدعو إلى قول الكلمة الطيبة والتصرف الحسن، وتعلم فن الرد أمر شديد الأهمية للجميع.
فن الردود الدبلوماسية
الرد بشكل دبلوماسي يعد فنا يتطلب تعلم مهاراته ودراسة أشكاله، وكثير من الأفراد ليس لديهم تلك المهارة، مما يتسبب في خسارتهم للكثير من الأشخاص حولهم دون أن يدركوا ذلك، جعل الله عز وجل الكلمات لها تأثيرا كبيرا على مسامع وقلوب البشر، لذا يجب على الإنسان أن يدرك تأثير تلك الكلمات ويسعى جاهدا ليكون دائما لبقا في كلامه، فالكلمات الجارحة لا تكون إلا سهاما تصيب القلوب، وإذا علم الكبير كيف يعامل الصغير وقال له بكلمة حسنة، فإنه سينتج جيلا ناضجا وواعا وكريما، وإذا حافظ صاحب العمل على كلماته تجاه العاملين، فسيحصد أفضل إنتاج، فكان الرسول الكريم لا يقول إلا كلمات طيبة وحسنة .
فن الدبلوماسية
فكرة الدبلوماسية في حد ذاتها، هي فقط التعرف على كيفية التعامل مع الأشخاص، حيث يجب أن يمتلك الفرد مهارات في الحديث والاعتراض وكسب الآخرين وإدارة المشكلات والأزمات، وكل هذه المهارات تتطلب شخصا فطنا ومهذبا وذو جأش وحكمة، وفيما يلي السبل الأكثر أهمية للدبلوماسية، أو ما يعرف باتيكيت التعامل مع الآخرين:
- يتعين على الأفراد أن يتقبلوا النقد ويدركوا أنه لا يوجد أحد خالٍ من الخطأ، فالبشر يخطئون ويمتلكون عيوبًا، ولذلك يجب التعامل مع النقد بصدر رحب وتحويل الشعور السلبي إلى طاقة إيجابية للتغيير نحو الأفضل.
- يتعتبر الاعتذار ثقافة، ولا يتمتع بها إلا الأشخاص ذوو الخلق الرفيع. فالاعتذار يساعد في خلق حالة من الود بين الأفراد، ويساعد على حل المشكلات وإذابة جبال العداوة والخصام. ولذلك، فإن الشخص الذي يعتذر دومًا هو الأقوى، حيث يتغلب على أخطائه وعيوبه ويتعامل بشكل إيجابي مع المشكلات التي يواجهها.
- في الدين الإسلامي الحنيف ، التبسم في وجه أخيك يعتبر صدقة وتأثيرها جميل. في العلاقات الإنسانية ، يمكن للابتسامة أن تذيب جبالًا من الخصام والعداء ، لذلك يجب على الأفراد الابتسام باستمرار ، كما يمكن أن تعطي الأشخاص جمالًا وسعادة في الوجه.
- لا يمكن الحكم على أي شخص من خلال لقاء واحد، فلا يمكن التعرف عليهم أو على طباعهم إلا من خلال التعامل المتكرر، ويجب وضع عدة مبررات لسلوك الأفراد في تعاملاتهم، لذلك يجب تجنب الحكم السريع دون معرفة كافة الأمور.
- يجب احترام الأفراد وترك مساحة للحديث، حتى لو كنت تستطيع السيطرة على المحادثة بالكامل، لا تفعل ذلك، بل اترك للآخرين المساحة الكافية لوضع آرائهم وأفكارهم، سيظهرون بذلك بشكل أكثر حكمة وذكاء مما تعتقد.
فن الردود الذكية
الذكاء هو العامل المنتصر دائما في جميع الظروف، لذا يجب على الأفراد استخدام عقولهم، خاصة أن العقل السليم ينتج كلمات صحيحة ويطرح أفكار مميزة، ولكي يتمكن الشخص من الرد بذكاء، يجب عليه أن يكون مستمعا جيدا وأن يفهم الحديث جيدا حتى لا يرد بدون وعي، وإلى جانب ذلك، التأني والصبر هما أدوات الرد الذكي، ويجب التخلي عن الغضب ولكن يمكن الرد في حالة استخدام كلمات قاسية من خلال الأمثلة الشعبية، مثل الرد على النقد المتعلق بالعمر المتأخر للزواج أو القامة أو الوزن، فكثيرا ما لا يستطيع الشخص الرد بشكل مناسب على الكلمات المؤذية، وهذه هي صفة الرد الذكي
- في البداية، يجب على الفرد أن يثق بنفسه حتى تخرج الكلمات بثقة تامة وقوة مطلقة.
- إذا كانت الكلمات غير مرغوبة والعبارات ساذجة، يجب تجنب الاستمرار في الحديث وتغيير الموضوع بسرعة.
- يجب الرد على الكلمات الطيبة بأفضل منها، واستخدام العبارات القصيرة التي تكون أكثر دقة وروعة من العبارات الطويلة.
- يجب تجنب استخدام الكلمات الحادة والعبارات القاسية في الحوار، حيث إنها تزيد من حدة النقاش، بينما يساعد الحوار الودي على الحفاظ على العلاقات الاجتماعية وتجنب الخروج عن الود.
- يتألف نصف الذكاء من التواضع والنصف الآخر من حسن الخلق، لذلك يجب على الأفراد دائمًا التحلي بالتواضع وحسن الخلق.
- ينبغي تجنب انتقاد الآخرين،فالرد بالنقد دومًا يشير إلى النقص، والأشخاص الأذكياء والمتوازنين لا يمكنهم الاهتمام بالغيرة والحقد من الآخرين.
فن الرد المهذب
كثيراً ما يتعرض الأفراد للكلمات الجارحة والنقد والتنمر والكثير مما يتسبب للشخص في الضيق والأذى، حيث إن الله تعالى يقول في كتابه العزيز “وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِين .وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِين”، إذ أن الله تعالى يعلم أن هناك الكثير من العباد قولهم أذى، ولكن يجب على الفرد الإحتفاظ بأدبه ودينه، وعدم قول شيء غير القول الحسن، حتى وإن تعرض للأذى والإساءة، فيجب أن يرد حقه وكرامته، ولكن بما لا يخالف تعاليم الدين ومكارم الاخلاق، وفيما يلي سبل الرد المهذب:
- لكي يستطيع الفرد الرد بشكل مهذب يجب عليه التمهل والتفكير لمدة لا تقل عند دقيقة واحدة، حيث إن الإنسان الواقع تحت تأثير الكلام السلبي والعبارات الوقحة، قد لا يعينه تفكيره وذهنه على الرد السريع، غير أن التمهل وتنظيم النفس قد يمنحه فرصة للتفكير الجيد واختيار العبارات المناسبة.
- الرد بصوت منخفض، فالصوت المرتفع دومًا يضيع الحق ويعبر عن الهمجية، رغم أن الكثير من الأشخاص لا يستطيعوا السيطرة على ردة أفعالهم في حالة التعرض للكلمات الجارحة والعنف الفكري والظلم من قبل الآخرين، إلا أنه يجب دوماً الحرص كل الحرص على الهدوء والثبات الانفعالي، حتى لا ينتصر عليك الآخر، وتخسر احترام الحاضرين أجمعين.
- يجب على الأشخاص المهذبين الرد بأجمل الردود عندما يتم إطراءهم أو إشادتهم، حتى لا يندم الأفراد على إطرائهم أو كلماتهم الطيبة، فالرد بأجمل الردود يفتح القلوب ويحافظ على الصداقة ويزرع الخير في القلوب.
- في حال كانت الكلمات قاسية للغاية وتجعل الشخص غير قادر على التحكم في رد فعله، فإنه يمكن تجاهلها، وفي هذه الحالة، عدم الرد يعتبر أشد قسوةً من الكلمات نفسها، فهذا يعني إما أن الشخص لا قيمة له ولا وزن لكلماته، أو أن تعبّر عن قسوة وبشاعة الكلمات.
- يجب إعادة السؤال مرتين إذا لم يكن الجواب جيدًا، ويجب إعادة الكلمات مرة أخرى حتى يستوعب الأشخاص مدى وقاحة الموقف وخطورة العبارات وصرامتها.
- يمكن تغيير النشاط الحالي واستئناف الحديث، إذا كان الحديث يأخذ اتجاهًا غير مريح. في هذه الحالة، من الأفضل تناول كوب من الماء أو بعض العصير أو قطع الحلوى، بدلاً من الاستمرار في الحديث غير اللطيف.
- الحفظ على اللباقة: يجب على الفرد أن يتذكر دائمًا أنه لا ينبغي أن ينتقص من شأنه، وأن لا شيء ينقصه أكثر من الكلام السيء، لذلك يجب عليه اختيار الكلمات بحرص والحفاظ على لسانه، فالكلمات الفظة لا تنقص إلا من قائلها.
- يمكن للفرد الهروب بشكل مهذب من الحديث من خلال التسلية وتحويل الموضوع إلى حوار هزلي، وهذه إحدى الطرق التي يمكن للفرد من خلالهاالخروج بشكل مهذب من الحديث الجارح.