اسلامياتشخصيات اسلامية

فنون المهارات الإدارية لسيدنا رسول الله

نظم الإسلام العديد من الأحكام التي سهَّلت تنظيم حياتنا، وأسَّسَت تعاملنا اليومي وشملت التجارة والمبيعات والعلاقات الإنسانية والتشريع وغيرها، وقام نبي الرحمة بتنظيم كافة هذه الأحكام والمعاملات بطرق تسهل على المسلمين الاستفادة منها .

الشخصية الإدارية في رسول الله
– أظهرت السيرة النبوية الكثير من الجوانب الإدارية ، التي شملتها شخصية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، و هذه التنظيمات شملت بعض المنشورات أو اللوائح ، التي اعتمدت عليها إدارة الدولة الإسلامية ، أيام رسول الله و فيما بعد .

ظهرت الملكة الإدارية من خلال أسس التفكير التي اعتمدتها واستطاعت من خلالها إقامة أسس قوية ومتينة للدولة الإسلامية، ولم تعتمد على الأوراق والكلمات التي يمكن التلاعب بها في الإدارة .

فكرة العمل الجماعي و المشورة
كانت فكرة العمل الجماعي من أهم المبادئ التي استندت إليها إدارة الدولة الإسلامية والخلفاء الراشدين وأشهر الملوك الذين حكموا الدولة الإسلامية. على الرغم من تبنيها لاستراتيجية العمل الجماعي، كان يولي اهتماما خاصا لتعيين قائد لهذا الجمع. كان من بين أقواله: `إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم`، مما يشير إلى ضرورة وجود أمير أو خليفة قادر على القيادة .

الرحمة بديلا عن الرهبة
على الرغم من قوة رسول الله وسيطرته على جميع الأمور، إلا أنه كان رحيما. فلم يتعامل مع كلمة `مسكين` كما نتعامل نحن الآن. حتى قال: `اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين`. فسيدنا محمد لم يكن جبارا أو يتعامل بالسوط، بل كان رحيما ومتعايشا مع المستضعفين والمساكين، ولذلك أحبه الجميع واتبعوا أمره وكلامه بدون رهبة أو خوف .

الحزم في حدود الله
على الرغم من تلك الرحمة التي تحلى بها ، إلا أنه لم يكن ضعيفا أبدا في الحق ، فقد كان يقوم على حدود الله بقوة و قد تجلى ذلك في العديد من المواقف ، و منها عندما جاء له سارق فسأله عن فعلته فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ما إخالك سرقت؟ ” قال: بلى مرتين أو ثلاثا. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ” اقطعوه، ثم جيئوا به ”  فقطعوه، ثم جاءوا به فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” قل: أستغفر الله وأتوب إليه “. قال: أستغفر الله وأتوب إليه. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ” اللهم تب عليه ” .

فكرة المسئولية عن الرعية
و هنا اعتنى رسول الله بإسناد الأمر إلى الراعي ، أو المسئول عن كافة الأشياء و الشئون المتعلقة بالدولة ، مهما كبرت أو صغرت و ذلك اعتمادا على قوله ، (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته ، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم ، والمرأة راعية على بيت بعلها وهي مسئولة عنه ، والعبد راع على مال سيده وهو المسئول عنه . ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) .

الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
كافة أحكام الإسلام كانت معروفة عند المسلمين ، و قد اهتم رسول الله وقتها بعدم ترك المساحة لأحد ، بأن يضع نفسه قائما على حدود الناس ، يفرض أوامر الطاعة أو يجبر الناس عن الانتهاء عن المعاصي ، كذلك لم يصدر مثلا أحكاما بمنع تصنيع الخمر ، و إنما أمر الناس بالانتهاء عنه ، و علمهم أسس التعامل مع هذه المحرمات .

أسس اعتمد عليها سيدنا محمد
لم يعتمد سيدنا محمد في إدارة شئون الدولة ، على التحليل و التحريم فقط بل أنه كان شخصية إدارية ناجحة ، تمكنت من إنشاء مجتمع ناجح تمكن من ريادة العالم لقرون عديدة ، في وسط مجتمع غافل يعيش على الفوضى ، و على الرغم من أنه كان موضعه يؤهله لأن يكون ملكا أو سلطانا ، إلا أنه لم يسعى أبدا لذلك ، و كان يخرج بنفسه ليكون عبرة للناس ، على فعل أشياء و يتجنب بعض الأشياء حتى لا تسن من بعده .

في الأيام الأخيرة، وجدنا أشخاصًا يعملون على إذلال الناس ونهيهم بطريقة جائرة، في حين أن رسول الله لم يتعسف أبدًا .

التعامل مع أصحاب الديانات الأخرى
ظهرت قدرته على الإدارة في تنظيم التعامل مع أهل الذمة. قام بتأسيس العديد من المعاهدات مع المسيحيين واليهود، ولم يتجاهل التعامل معهم تماما كما يفعل البعض في عصرنا الحالي. بالإضافة إلى ذلك، عمل النبي محمد على إشراكهم في الدولة وشؤونها، ولم يحاول تهميشهم جانبا، باستثناء تشجيعه لمشاركتهم في الجيش أو الغزوات، وفي المقابل فإنه كان يفرض عليهم الجزية .

لم يكن سيدنا رسول الله مجرد رجل دين ، أتى ليخبرنا بتعاليم الله و قواعد الدين فحسب ، بل أنه كان رجلا جمع كافة الصفات التي مكنت المسلمين من ريادة العالم و حكمه ، كان إداري ناجح ، و قائم على حدود الدين بالعدل ، تعلمنا منه الإدارة و التشريع و القوة و الرحمة و العطف و الحزم .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى