فضل سورة سبأ واوقات قرائتها
التعريف بـ سورة سبأ
تم نزول سورة سبأ خلال الفترة المكية، مما يعني أنها تعود للفترة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم. ولذا، عندما يقرأ المسلم هذه السورة، يجد فيها اهتماما كبيرا بعناصر وأركان العقيدة الإسلامية، وهذا هو الأمر الذي نلاحظه في العادة في السور التي نزلت قبل الهجرة، حيث تشكل العقيدة الأساس، وعندما يكون الأساس قويا، يكون البناء قويا.
وهذا يشير إلى ضرورة التركيز على أهمية العقيدة، بالإضافة إلى كافة المسائل التي تتعلق بها، من الإيمان بالله عز وجل، الإيمان بالنبي عليه الصلاة والسلام، والإيمان بالقرآن الكريم على أنه رسالة عظيمة، وكذلك الإيمان بالحساب ويوم القيامة، حيث إن سورة سبأ تجعل المسلم يُفكر في أهمية تعديل المسار إلى الطريق الصحيح، إذ أن العقيدة إن كانت قد شغلت جزءًا كبيراً في المصحف الشريف للأهمية التي تدل عليها، فقد جاء غالبيتها في سورة سبأ.
متى تقرأ سورة سبأ
سورة سبأ تشارك في الإشارة وإظهار هوية الله عز وجل، حيث تبدأ بقول الله تعالى: `الحمد لله`، ثم تعرف بالله بقوله سبحانه وتعالى: `له ما في السموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير * يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور` [سبأ: 34]، وتنتهي بقول الله تعالى: `قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير * ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير * قل من يرزقكم من السموات والأرض قل الله` [سبأ: 22- 25]، وتصل إلى الآية الكريمة: `قل أروني الذين ألحقتم به شركاء` [سبأ: 27]، وهذا يعني عدم وجود آلهة كما يزعمون، وبالإضافة إلى ذلك، فهي من السور العظيمة التي يفضل للمسلم أن يقرأها في أي وقت من اليوم.
فضل سورة سبأ الروحانية
كما أنه من فضل سورة سبأ أيضًا حديثها عن الرسالة النبوية وتوضيحها، مثل قوله تعالى في الآية الكريمة: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ” [سبأ: 28]، بالإضافة إلى ذكر الله للكافرين في قوله عز وجل: “وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ” [سبأ: 43]، إلى جانب مناقشة الله سبحانه وتعالى من خلال نبيه صلى الله عليه وسلم، بل يعتبر الأمر أقرب إلى التحدي والتعجيز مثل قوله تعالى: “قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ” [سبأ: 46].
ويخبرهم أيضا أنه ينصحهم ويدعوهم إلى فعل أمر واحد، حيث يقول سبحانه وتعالى: `أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا` [سبأ: 46]. يدعو الله المسلمين إلى عدم الانفعال والتعصب في قضايا الحياة، سواء كانوا في أزواج أو في مجموعات أكبر، بل يجب عليهم أن يتشاوروا ويتحاوروا. وحتى إذا كانوا أفرادا منفردين، يجب عليهم أن يتأملوا في النبي محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام والرسالة التي أرسل بها من قبل الله. وهذا يعني أنهم يجب أن يتأملوا في ما إذا كان يحق له أن يكون رسولا حقيقيا أم أنه كاذب متلبس.
يجب على الأشخاص أن يتأملوا ولا يتحدثوا بدون معرفة ولا يردوا بدون فهم، ودليل على ذلك هو قول الله العز والجل: `ما بصاحبكم من جنة` [سبأ: 46]، وهو ليس مجنونا، لأنه كان جزءا من مجتمع الناس قبل بداية الرسالة بأربعين عاما، ولم يعلن نبوته إلا بعد مرور ثلاث سنوات، ثم بقي في مجتمعه ثلاثة وأربعين عاما دون أن يلاحظ أي شخص جنونا فيه، ولا حتى تلبسه أي جن، كما ذكر في كلام الله سبحانه وتعالى: `إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد` [سبأ: 46].
أسباب نزول سورة سبأ
ذُكر في سورة سبأ قوله تعالى: “لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور” [سبأ: 15] ، حيث إنه لم يَرِد في فضل هذه السورة أي من الأحاديثُ الصحيحة المأخوذة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
ومع ذلك، يجب الإشارة إلى أن سورة سبأ هي إحدى السور الخمس التي تبدأ آياتها بحمد الله، وهي: الفاتحة، والكهف، وسبأ، والأنعام، وفاطر. وبالإضافة إلى ذلك، فإن فضلها مثل فضل السور الأخرى التي ذكرت في القرآن الكريم فيما يتعلق بالأجر الذي يحصل عليه المسلم عند تدبر تلاوة كل حرف، حيث يتم مضاعفة الأجر بحسنة واحدة، والحسنة تساوي عشر حسنات، ويتم الحصول على المزيد من الأجر في الآخرة بسبب قراءة القرآن التي تؤدي إلى رفع درجات المؤمن عند ربه .
كما ذُكر عن ابن أبي حاتم عن علي بن رباح قال: (حدثني فلان أن فروة بن مسيك الغطفاني قدم على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال يا نبي الله إن سبأ قوم كان لهم في الجاهلية عز وإني أخشى أن يرتدوا عن الإسلام أفأقاتلهم فقال ما أمرت فيهم بشيء بعد فأنزلت هذه الآية لقد كان لسبإ في مسكنهم الآيات).
الحكمة في سورة سبأ
يجدر الإشارة إلى أن سورة سبأ قد تحدثت عن يوم القيامة من بدايتها إلى نهايتها في الكثير من المواضع، فهي مختصة بالحديث عنه، إذ أنه في البداية قال تعالى: “وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم” [سبأ: 3]، وبعدها قال الله عز وجل: “وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد” [سبأ: 7].
ومن الحِكم الأخرى التي تناولتها سورة سبأ، أنه في بدايتها قوله عز وجل: “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْض” [سبأ: 1]، بالإضافة إلى نهايتها والتي تتمثل في قوله سبحانه وتعالى: “وَحِيلَ بَيْنَهُمْ” [سبأ: 54] بمعنى ما بين الكافرين، مثلما تذكر الآية الكريمة: “وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ” [سبأ: 54].
وما يعنيه ذلك أن الكافرون في الغالب لا يستطيعون الوصول إلى هدفهم لأنهم أضلوا دينهم فيضلهم الله في حياتهم، مثل قول الله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ” [يونس: 81]، وأيضًا قول الله عز وجل: “الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ” [محمد: 1]، إذ أنهم يستمرون في العمل حتى يزيد ضلالهم، مما يجعلهم لا يصلون لما يرغبون فيه، حتى ولو ازدادوا علمًا يومٌ بعد يوم.