فضل المعلم في بناء الدول المتقدمة
يعتمد تقدم المجتمعات ورفعتها على بعض الأسس والمبادئ، التي تعد من أهم العوامل المسؤولة عن النهضة في أفراد هذا المجتمع. ونجد أن هذه المبادئ والعوامل موجودة في كل دولة توصلت إلى النجاح والتقدم، حيث بدأت ببناء الإنسان نفسه، وذلك لأنها تؤمن بأن بداية النهضة هي الاعتماد على العنصر البشري والعمل على تطويره وتنميته منذ الصغر حتى يصبح قادرا على قيادة المجتمع نحو التقدم والنجاح، وهذا ما اتبعته معظم الدول المتحضرة ومازالت تطبقه حتى اليوم .
المعلم و تقدم المجتمع
و يعتبر المعلم هو أحد العوامل المهمة التي تساهم بشكل كبير في التقدم و النهوض بالمجتمع ، حيث أن المعلم هو المسئول عن التنشئة الاجتماعية للأجيال القادمة و الذي يسعى لتقدم المجتمع و الدول ، حيث أن المعلم منذ بداية التعليم الابتدائي و هو يقع على عاتقيه حمل تعليم الأجيال الصغيرة القادمة ، و تأسيس و ترسيخ أهم الأفكار التربوية و الأخلاقية في عقولهم .
الدين الإسلامي و المعلم
و ليس هذا فقط بل أن الإسلام قد أوصانا باحترام المعلم و أهل العلم ي كتابه الجليل القرآن الكريم ، و ذلك حين قال ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ ) الآية التاسعة من سورة الزمر ، و ليس هذا فقط ، بل قد أوصانا رسول الله صلى الله عليه و سلم أيضا عن المعلم بأنه خير الناس ، و ذلك في حديثه الشريف ( فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: إِنَّ اللَّهَ و َمَلَائِكَتَهُ و َأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَ حَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ ) رواه الترمزي و صححه الألباني .
تجارب حول العالم عن أهمية المعلم
و نرى أيضا أن هناك الكثير من الدول حول العالم قد عرفت قيمة المعلم و أهمية تربية و رعاية الأطفال و الأجيال الصغيرة ، و ذلك لكي تقوم ببناء المجتمع و تقدمه فيما بعد ، و من أهم هذه الدول هي ألمانيا ، حيث أنها تعتبر من أكثر الدول التي تهتم بالعلم و التعليم ، كما أنها تهتم بإعداد المعلمين على درجة عالية من العلم .
ومهم أن نذكر أن ألمانيا تحتوي على مجموعة متنوعة من المدارس، وتعمل على تأهيل معلميها بمؤهلات خاصة تجعلهم مؤهلين تماما لأداء هذه المهمة ورعاية الأجيال الصغيرة. كما يشترط على جميع المعلمين وجود شهادات جامعية عليا، وعلى كل معلم أن يدرس طلابه في تخصصه، ولكي يصبح مدرسا في المرحلة الابتدائية، يجب عليه أن يدرس سبع فصول دراسية في الجامعة .
يُطلب من المعلمين الذين يدرسون في المراحل المتوسطة والثانوية العامة والمدارس المهنية الدراسة في الجامعة لمدة تتراوح بين ثمانية إلى تسعة فصول دراسية على الأقل، وذلك لتأهيلهم لممارسة التدريس في المراحل التعليمية والتعامل مع الأطفال والطلاب بشكل صحيح .
لتأكيد أهمية المعلم في بناء وتطور المجتمع، فإن رواتب المعلمين في ألمانيا تفوق رواتب القضاة والأطباء والمهندسين في ألمانيا، وهذا هو دليل حي على أهمية العمل كمعلم، وترسيخ المبادئ والأخلاق في نفوس الطلاب والأجيال الجديدة، حيث يكون المعلم مسؤولا عن تأسيس العلم والمعرفة في أذهان الأجيال الصاعدة، والتي بدورها ستعمل على تقدم المجتمع وازدهاره .
ولا يجب أن ننسى أيضا إنجاز اليابانيين، الذي بدأت أولى خطواته نحو التقدم بالاهتمام بالتعليم والمعلم والأجيال الناشئة، والعمل على إنشاء مناهج تعليمية مميزة تساعد الأطفال على فهم وحفظ جميع العلوم والتفوق فيها. ونراها الآن في أفضل مراحلها من حيث التقدم، ويعود هذا الفضل للمعلم الذي كافح وبقى مع الأجيال الجديدة حتى أصبحت على دراية بكل العلوم ونضجت وتحسنت البلاد وعملت على تقدمها .