فضائل العلم الشرعي .. قصص من الواقع
من فضائل العلم الشرعي
قال الله تعالى: لم أخلق الجن والإنس إلا ليعبدون، ولست بحاجة إلى رزقهم أو إطعامهم، فإن الله هو المزود الذي يتمتع بالقوة والثبات. ويتضح من هذه الآيات أن للعلم الشرعي فضل عظيم ومكانة عالية عند الله، لأن الهدف الأسمى للخلق – وهو العبادة – لا يمكن تحقيقه بدونه. وقال الإمام أحمد رحمه الله: “لا يعدل العلم شيئا لمن صحت نيته”، وذكر القرآن والسنة فضل طلب العلم النافع، ويعتبر من أبرز فضائل العلم الشرعي ما يلي
- رفع الله -عز وجل- مرتبة العلماء، حيث أنه جمع بين شهادتهم وشهادته وشهادة ملائكته، إذ قال :”شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ”.
- يرفع الله تعالى من آمنوا منكم وأوتوا العلم درجات في الدنيا والآخرة، حسب قوله تعالى: `يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ`.
- قد وصف تعالى علماء الشريعة بأنهم مخلصون خوفا منه سبحانه وإيمانا بكتابه، في قوله: “إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ”، وقال: “وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ”.
- لم يأمر الله نبيه بالتضرع له لزيادة شيء ما إلا إذا كان يريد الزيادة في العلم، وهذا مبين في قوله: `وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا`.
- إن الله تعالى اختار أهل العلم وصف ما لديهم من فضل عظيم، وعدهم بجنات عدن؛ كما قال: `ثم أوصلنا الكتاب للذين اصطفيناهم من عبادنا، فبينهم من يظلم نفسه ومنهم من يتقي الحدود ومنهم من يسابق في عمل الخيرات بإذن الله، وهذا هو الفضل العظيم. يدخلون جنات عدن ويستمتعون فيها بأساور من الذهب واللؤلؤ، وثيابهم فيها من الحرير.
- يميز الله أهل العلم عن غيرهم في يوم القيامة تكريماً لهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: `إن معاذ بن جبل سيتقدم يوم القيامة برتوة مع العلماء`.
- فضّل الله العالم عن العابد؛ في قوله -صلى الله عليه وسلم-: قال النبي صلى الله عليه وسلم: `فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب`، وفي رواية أخرى: `فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم`، ويدل ذلك على أن المعرفة والعلم لهما مكانة عالية جدًا في الإسلام.
- ييسر الله تعالى طريق طالبي العلم الشرعي للوصول إلى الجنة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: `مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ`.
- تحب الملائكة أهل العلم وتضع أجنحتها على الطرق والمسارات التي يسلكونها احترامًا لهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: `وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم`.
- رفع الله تعالى قدر العالم على قدر الجاهل في الدنيا عندما قال: “هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون.
- تصلي الملائكة على الشخص الذي يعلِّم الناس العلوم الشرعية والخير، حيث قال صلى الله عليه وسلم: `إن الملائكة تصلي على معلم الناس الخير`.
قصص من الواقع في طلب العلم الشرعي
في السطور التالية، سنروي لكم بعض القصص من السلف الصالح في طلب العلم الشرعي
- يحيي بن سعيد القطان
فلما ذُكروا أمامه طلب علم الحديث، قال: `كنت أخرج من البيت قبل الفجر ولا أعود إلا بعد صلاة العشاء`، أي أنه يخرج من بيته في سبيل البحث عن العلم قبل طلوع الشمس ولا يعود إلا بعد صلاة المغرب.
- ابن شهاب
قال: قضى الشخص خمسة وأربعين عامًا في السفر بين الشام والحجاز، ولم يجد حديثًا لا يمكن وضعه في مكانه.
- عبيد بن يعيش
قال: قضيت ثلاثين عاماً دون أن أتناول الطعام بيدي خلال الليل، حيث كانت أختي تطعمني بينما أنا أكتب الحديث. وكان يأخذ قضمات في فمه من طعام أخته، لأنه لا يبقى طويلاً على مائدة الطعام.
- محمد بن حبيب
قال: “كنا نحضر مجلس أبي إسحاق إبراهيم بن علي لطلب الحديث، فكان يجلس على سطحٍ له ويمتلئ هذا الشارع بالناس الذين يحضرون للسماع ويبلغ المستمعون عن هذا العالم. قال: وكنت أقوم في السحر فأجد الناس قد سبقوني وأخذوا مواضعهم، وحُسب الموضع الذي يجلس الناس فيه، فوجد مقعد ثلاثين ألف رجل”.
- محمد بن قدامة
وقال: سمعت رجلا شجاعًا يقول: سمعت أبا يوسف يقول: مات ابني ولم أستطع تجهيزه للدفن، وتركته عند جيراني وأقربائي خوفًا من أن يفوتني شيء من علم أبي حنيفة، لكي لا تذهب حسرته عني.
أهمية طلب العلم الشرعي
العلم الشرعي هو أحد العلوم المفيدة، وكان النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – يطلب من الله في دعائه العلم النافع، وذلك لأن الله – عز وجل – أصلح الدنيا والآخرة بهذا العلم. وكان النبي يدعو إلى العلم الشرعي لطلب الرزق وقبول الأعمال، وذلك من أسباب أهمية السعي في طلب العلم الشرعي. وجاءت أهمية طلب العلم الشرعي فيما يلي:
- العلم هو ميراث الأنبياء، فالأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – لم يورثوا دراهم ولا دنانير، بل ورثوا العلم، فمن يكتسب هذا العلم فقد نال ثروة طيبة من ميراث الأنبياء، وإذا كنت من أهل العلم الشرعي فإنك قد ورثته من محمد – صلى الله عليه وسلم -.
- يجعل العلم الشرعي الإنسان من شهداء الحق، والدليل قوله تعالي: “شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ” [آل عمران من الآية:18].
- أهل العلم هم نوع من الحكام الذين أمر الله بطاعتهم في قوله تعالى: `يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ` [النساء: 59].
- وأهل العلم هم القائمون بأمر الله تعالى إلى يوم القيامة، والدليل على ذلك حديث معاوية رضى الله عنه يقول: “سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقوم: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم والله يعطي ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله” (رواه البخاري).
- لم يرد الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يحسد أحداً على شيء من النعم التي أنعم الله عليه بها إلا بنعمتين: طلب العلم والقيام به، والتاجر الذي يخصص ماله خدمة لدين الاسلام؛ حيث قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “لا حسد إلا في اثنتين: رجل أتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمةً فهو يقضي بها ويعلمها”.
- يعزز الله مكانة أهل العلم في الدنيا والآخرة، ففي الآخرة يرفعهم الله إلى درجات أعلى في الجنة، وفي الدنيا يرفع الله مكانتهم بين عبيده، كما قال الله تعالى: `يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ`.
حكم طلب العلم الشرعي
إن طلب العلم شرعي هو فرض كفاية؛ أي إذا قام به أحد أفراد المجتمع يرفع عن الباقي ويصير سنة للآخرين، ومن الممكن أن يكون طلب العلم الشرعي واجباً على الإنسان، أي أنه التزام فردي، وهذا يعتمد على معرفته بعمل عبادة يريد القيام بها في الدنيا، حيث يجب أن يعرف كيف يعبد الله بهذه العبادة.
يعتبر طلب العلم الشرعي أحد أفضل الأعمال الدنيوية، وهو شكل من أشكال الجهاد في سبيل الله، خصوصًا في عصرنا الحالي حيث بدأت البدع تظهر في المجتمع الإسلامي وتنتشر وتتكاثر ويصبح الجهل منتشرًا بين الكثيرين.