فرانسيس بيركنز .. أول امرأة تخدم في حكومة رئاسية
تمكنت المرأة عبر التاريخ من حكم العديد من الدول والممالك والوصول إلى مناصب كبيرة، فرغم عدم قدرتها في العصور الحديثة على الوصول إلى وظائف حكومية كبيرة في الدولة، إلا أن المرأة الآن تشارك بشكل كبير في الحكومات ورئاسة الدول.
أصبحت المرأة تتنافس على مناصب الرئاسة في أكبر الدول، مثل هيلاري كلينتون وأخذت مناصب مهمة في أكبر الدول، مثل المستشارة ميركل في ألمانيا، ولكن هل كانت الطريق مفروشة للمرأة منذ البداية؟ بالطبع لا، فقد ناضلت النساء في العديد من البلدان للحصول على حقوقهن. فمن هي أول امرأة تخدم في حكومة رئاسية.
أول امرأة تخدم في حكومة رئاسية
في العاشر من أبريل سنة 1880، أصبحت فرانسيس بيركنز أول امرأة تعمل في حكومة رئيسية في الولايات المتحدة الأمريكية. تم تعيينها وزيرة في حكومة فرانكلين روزفلت. لقد لعبت دورا كبيرا في هذه الفترة على مستوى الجمهورية خلال رئاسة الرئيس روزفلت التي استمرت لمدة 12 سنة. كما أسهمت بشكل كبير ومهم في وضع سياسات الصفقة الجديدة والتشريعات الرئيسية المتعلقة بقانون العمل، مثل قانون الضمان الاجتماعي.
تزايدت التزامها بالخدمة العامة بشكل كبير في عام 1911، حيث وقفت فرانسيس على الرصيف في مدينة نيويورك أثناء اندلاع حريق في مصنع للملابس. تسبب هذا الحريق في مقتل العديد من العاملات. وبسبب هذه الكارثة، عملت فرانسيس كمفتشة في المصنع وكرست جهودها لتعزيز حقوق العمال الأمريكيين.
حياة فرانسيس المبكرة
ولدت فرانسيس بيركنز في بوسطن عام 1880م باسم فاني كورالي بيركنز، ولكن كانت أصولها من ولاية ماين، والدتها كانت سوزان إي بين من بيثيل ، ووالدها هو فريدريك بيركنز ونشأ في نيوكاسل، وقد استقروا أجدادها على طول نهر داماريسكوتا لأول مرة في خمسينيات القرن العشرين.
قررت العائلة زراعة الأرض التي كانوا يديرون بها الفناء على حافة النهر، ولكن بعد الحرب الأهلية، تعرضوا لصعوبات اقتصادية في ريف ولاية ماين، وانتقل فريدريك وشقيقه الأصغر إلى ماساتشوستس للبحث عن فرص أفضل، في حين بقي الابن الأكبر في نيوكاسل لإدارة المزرعة.
في عام 1882، قام فريدريك بيركنز بنقل عائلته الصغيرة من بوسطن إلى ووستر، حيث افتتح شركة للمنتجات الورقية، وهي شركة لا تزال ناجحة حتى يومنا هذا، حافظ على علاقات وثيقة مع نيوكاسل، أمضت فرانسيس صيف طفولتها مع جدتها في المزرعة في نيوكاسل، وفي فصل الشتاء، كانت جدتها وعمها يقيمان مع عائلة بيركنز في ووستر.
أكدت فرانسيس فيما بعد أن سينثيا أوتيس بيركنز، التي كانت في ذلك الوقت أرملة تبلغ من العمر سبعين عامًا، كانت مركز الأسرة، وكانت امرأة حكيمة للغاية، ووصفتها فرانسيس بأنها “نتاج جدتي غير العادي” وأنها أرشدتها بحكمتها طوال حياتها.
في فناء البيت، الذي بني كهدية زفاف لأجدادها عام 1837، سمعت فرانسيس قصصا عن الحرب الفرنسية والهندية، حيث أبقت عائلة بيركنز حارسا على النهر لإيواء المجتمع في حالة حدوث مشكلات.
وهكذا نشأت فاني بتقدير عميق للتاريخ والفخر بأصل وطنها، لقد صارت تفهم تراثها الجديد في إنجلترا وتتبنى قيم يانكي التي كانت جوهر ذلك التراث، والذي يعتمد على الإقصاء والإبداع والمثابرة والاعتماد على الذات، بالإضافة إلى الاعتقاد بأن الأمة الجديدة، التي لم يتجاوز عمرها قرن من الزمان، هي الفرص المتاحة لجميع الذين سعوا وكانوا على استعداد للعمل من أجلهم، كانت حياتها ستأخذها إلى ما هو أبعد من مزرعة المتواضعة.
تعليم فرانسيس
درست فرانسيس في المدرسة الثانوية ووستر الكلاسيكية، وتخرجت منها عام 1898. في سنوات المراهقة، قرأت كتاب “نصف حياة أخرى” للكاتب والصحفي والمصلح جاكوب ريس، والذي كان ملهما لحياتها الشخصية والعملية.
تم قبول فرانسيس في كلية ماونت هوليوك، ورغم خوفها من المعايير الصارمة، إلا أنها لم تعتبر نفسها مشرقة حتى تمكنت بصعوبة من إنهاء فصل الكيمياء الصعب، وهذا الموقف جعلها تكتسب الثقة بنفسها.
نضالها لأجل العمال
أخذت بيركنز دورة في التاريخ الاقتصادي الأمريكي، وقامت برحلة ميدانية إلى المطاحن والمصانع المحلية كجزء من متطلبات الدورة التدريبية. شهدت فرانسيس بشكل مباشر ظروف العمل السيئة التي تركت تأثيرا عميقا عليها. أدركت أن العمال يتعرضون للاستغلال الشديد في ظروف خطيرة، وترى كيف يمكن للعمال المصابين أن يجدوا أنفسهم مضطرين إلى العيش في الفقر.
قبل أن تغادر فرانسيس بيركنز، ساعدت في تأسيس فرع من رابطة المستهلكين الوطنية، حيث سعت فرانسيس والمنظمة إلي تحسين ظروف العمل للعمال، فكانت فرانسيس تعمل على بعض السياسات الفعالة للغاية، من خلال حث المستهلكين على أن يقاطعوا المنتجات الخاصة ببعض الشركات التي لا تفور ظروف آمنة لهم.
عندما اقتربت فرانسيس من الانضمام إلى الرابطة الوطنية للمستهلكين، رحبت بتلك الفرصة بشغف، حيث كانت ترغب في العمل في منظمة تدافع عن حقوق العمال وتحميهم. هناك، بدأت تتعرف على السياسة وتشارك فيها لأول مرة، حيث كانت تسعى للقضاء على استغلال الأطفال في العمل وتقليص ساعات العمل. في عام 1911، تمت دعوة الرئيس تيودور روزفلت لحضور اجتماع الدوري في نيويورك، وعلى الرغم من رفض الدعوة من قبل الرئيس، إلا أن ذلك كان بداية لسمعة متزايدة لها في عالم السياسة.
في 25 مارس 1911، نشب حريق في مصنع المثلث القميص الشهير بمدينة نيويورك، حيث كان العديد من العمال يعملون في المصنع، ومعظمهم من النساء الفقيرات، وذلك بسبب سوء إجراءات السلامة، مثل الهروب الغير الصحيح من الحريق والأبواب المغلقة. لم يتمكن العمال من الهروب من النيران المشتعلة، وقامت النساء المحتجزات بالقفز واحدة تلو الأخرى من الطوابق العليا للمصنع بحالة من اليأس، مما أدى إلى وفاة 146 عاملا في تلك الحادثة.
اتخذت بيركنز إجراءات على الفور وسعت نطاقها لتحقيق الهدف منع المأساة التي قد تحدث في مكان العمل في المستقبل. وقد تم تعيينها أمينة تنفيذية للجنة السلامة بناء على توصية ثيودور روزفلت. ولعبت اللجنة دورا أساسيا في إنشاء لجنة التحقيق في مصنع في ولاية نيويورك.
فرانسيس وزيرة العمل
عندما تولى روزفلت منصب الرئاسة في عام 1933، قام بتعيين فرانسيس بيركنز وزيرا للعمل، وهذا القرار جعلها تعمل في أول منصب حكومي. في البداية، حدث جدل كبير حول تاريخ تعيينها، ومع ذلك، تمكنت في النهاية من الاحتفاظ بمنصبها لمدة 12 سنة. عملت بجدية لضمان الحصول على الحد الأدنى للأجور للعمال، وتطبيق الحد الأقصى لساعات العمل الأسبوعية. أيضا، عملت على الحد من استغلال الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 سنة، وأسست فيلق الحفظ المدني، وقامت بتقديم تعويضات للعاطلين.
وساعدت على إطلاق مشروع قانون الضمان الاجتماعي والإشراف على قانون معايير العامل العادلة سنة 1938، في أواخر الثلاثينيات تحول النشاط العمالي من الحكومة إلي النقابات الخاصة بهم، حيث لعبت فرانسيس دور واضح وكبير في فترة وزارتها، ومن أهم الأعمال هو تعزيز مكتب إحصاءات العمل في أمريكا.