عوامل نهضة الشعر العربي الحديث
بعد أن قام الاحتلال التتري بإسقاط العاصمة العباسية في بغداد وقاموا بقتل وحرق العلماء والأدباء وأعمالهم، عاش العرب في فترة من الظلام، ولكن في أواخر القرن الثامن عشر استفاقت العرب وظهر ما يعرف بالأدب الجديد، وظهرت النهضة الأدبية لرفع مستوى الأدب العربي من جميع الجوانب وخاصة رفع مستوى الشعر العربي وظهر في ذلك الوقت أشهر وأقوى شعراء العصر الحديث.
عوامل النهضة الأدبية والشعرية في العصر الحديث
تتمثل عوامل النهضة الأدبية في العصر الحديث وعوامل النهضة الشعرية الحديثة في عدة عوامل، ومن بينها
اليقظة الوطنية
أيقظت الحملة الفرنسية التي قادها نابليون على مصر وباقي البلاد العربية عيون العرب والمسلمين على حضارة جديدة، حيث تجلى تأثير هذه الحضارة في تعزيز الانتماء إلى هوية الأمة، وحمايتها والكفاح من أجلها، وإيقاظ الوعي الوطني والقومي والتفاخر به، وزيادة الطلب على المعرفة والاستفادة منها، تشبه ثورة فرنسا وحركات التحرر والوطنية الأخرى في أوروبا التي دفعت أوروبا من العصور الظلامية إلى عصر الانفتاح والتقدم والقوة التي أصبحت بها الدول الأوروبية بعد فترة الضعف التي مرت بها.
تلك هذا الأمر بارتفاع الوعي الوطني في الدول العربية، وجعل الناس يناضلون من أجل الحرية والعدالة مثل هذه الدول، ونشأت بعدها الشعر والأغاني وغيرها من الفنون التي تعبر عن الوطنية، وظهرت العديد من القصائد الوطنية والأغاني الوطنية.
الحركات الدينية
ظهرت العديد من الحركات الدينية التي تدعو إلى العودة إلى الهوية الإسلامية الحقيقية ومقاومة المحتل الغربي ومقاومة التغريب وتغيير الهوية الإسلامية والعربية في بلادنا خلال فترة الاحتلال.
ظهرت حركة السنوسية في شمال أفريقيا، والحركة المهدية في السودان، وحركة الإمام محمد بن عبد الوهاب في نجد في المملكة العربية السعودية حاليا. أثرت هذه الحركات على الشعر العربي والأدب العربي عموما، حيث اتبعوا المواضيع التي تدعم هذه الحركات والدين الإسلامي والهوية الإسلامية للأمة، مع التركيز على المعاني وإزالة جميع الأساليب المبتدعة والمملوءة بالتكلفة في جميع أشكالها.
الاتصال بالحضارات الأخرى
بعد خروج الاحتلال الفرنسي من مصر، قام محمد على بأول البعثات العلمية إلى أوروبا للاستفادة من العلوم والمعارف في هذه الدول والحضارات الأوروبية، وانتشرت البعثات من الدول العربية للدراسة في الدول الأوروبية، وهذا الأمر كان من خلال البعثات العلمية للطلاب وتبادلهم في الدراسة، وإقامة المدرسة العسكرية والمدنية على الطراز الأوروبي، وانتشرت الترجمة للعديد من اللغات مثل الإنجليزية والإيطالية والفرنسية، مع ظهور الطباعة والصحافة.
كانت المطابع والطباعة من بين أكثر الأشياء التي ساهمت في نشر الأدب العربي وتطويره، ظهرت المطابع في أوروبا التي جلبها الفرنسيون إلى مصر، وبعد انسحاب الفرنسيين من مصر، تم إنشاء المطابع في عهد محمد علي، وقام بإنشاء مطبعة في بولاق، والتي ساهمت في تنمية الطباعة العربية والتركية حيث تم طباعة ونشر العديد من الكتب القديمة ونشرها، والتي ساعدت الكثير من الأدباء العرب على الاطلاع عليها وعلى الأدب العربي الذي كان مهملا والذي لم يكونوا يعلمون به، والذي كان مليئا بأنواع السجع والبلاغة والألوان البديعة.
من أمثلة كتب الأدب العربي: تضمنت الكتب العربية الكلاسيكية مثل (كليلة ودمنة) لابن خلدون والجاحظ وغيرهم، بالإضافة إلى العديد من الدواوين مثل (أبي نواس) و(المتنبي) و(أبي تمام) وغيرها، وقد ساعدت هذه الكتب على تنمية الوعي العربي خلال القرن الماضي.
ساهمت الطباعة في تسهيل الوصول إلى الكتب بأسعار أقل مما كانت عليه، حيث كانت الطريقة المعتادة للنشر قبل ظهور المطابع هي النسخ اليدوية الباهظة التكلفة والتي تستغرق وقتا وجهدا، وبالتالي لم تكن متاحة للجميع للاستفادة منها والتعلم منها، ولذا كانت الطباعة الحل الأمثل لهذه المشكلة، مما جعل الكتب متاحة للجميع.