عوامل انهيار النفوذ البرتغالي في المحيط الهندي
عوامل انهيار النفوذ البرتغالي في المحيط الهندي
يمكن القول إن هناك العديد من العوامل التي ساهمت في انهيار النفوذ البرتغالي في المحيط الهندي وسقوط الإمبراطورية البرتغالية، وهذه الأسباب جمعت بعضها مع بعض حتى أدت إلى انهيار الإمبراطورية البرتغالية بالكامل، ومن بين هذه الأسباب
اهتمام البرتغاليين بالتجارة فقط
فقد اهتم البرتغاليون بالسيطرة على طرق التجارة ، فقط لاحتكار تجارة البضائع ، ولم يهتموا بإدارة شؤون الحكم ، بل انصب اهتمامهم على وضع القواعد العسكرية بشكل متفرق على امتداد السواحل التي قاموا باحتلالها ، حتى يتمكنوا من تمويل أساطيلهم البحرية ، ولم يقوموا بالتوغل في الدول ، بل تركوا شأنها لإدارة الحكام الوطنيين في مقابل دفع الضرائب أو الجزية .
نظرًا لتطلع البرتغال للاحتكار التجاري، لم يتمكنوا من المنافسة في معركة السيطرة على بلاد الشرق مع القوى الاستعمارية الأخرى، وقد أسرع ذلك من خروجهم بشكل سريع من المنطقة واستبدالهم بالقوى الأوروبية الأخرى .
كانت الإمبراطورية التي يتحدث عنها في بلاد الشرق غير متماسكة، حيث كانت تتألف من شريط ساحلي يمتد على طول السواحل الإفريقية والآسيوية، بالإضافة إلى بعض الجزر المتناثرة في بحار الشرق، وذلك على الرغم من سيطرة البرتغال على طرق التجارة البحرية لمدة قرن ونصف القرن .
ومع ذلك، فإنها فشلت في السيطرة الكاملة على التجارة، إذ توجه تجار العرب إلى نقل تجارتهم إلى مصر والبندقية وبلاد الشام، للهروب من الحصار البرتغالي على الخليج العربي والبحر الأحمر .
الاعتماد على شخص واحد لإدارة مستعمراتها
كان يعتمد البرتغاليون في إدارة مستعمراتهم على شخص واحد يتسلم الإدارة لفترة 3 من السنوات ، وهوة عبارة عن نائب ، أو ممثل عن الملك ، وكان أغلب من يتسلم هذا المنصب يتجه للاستغلال ، والنهب خلال فترة حكمه ، كما أن إدارة المستعمرات ، كان يتطلب نفقات باهظة ، مما أدى لاتجاه البرتغاليون للتعسف في جمع الضرائب مما زاد من الكراهية لهم .
النفقات الكثيرة الناتجة عن الاحتكار
أثناء فترة احتلال البرتغال لموانئ المحيط الهندي والطريق التجاري المؤدي إلى الهند، حرص البرتغاليون على الحفاظ على احتكار التجارة، مما أدى إلى تحملهم للكثير من التكاليف لتسليح السفن وإنشاء القواعد البحرية لحمايتها من هجمات الإنجليز والهولنديين .
تسببت الخسائر الكبيرة التي تكبدوها وعدم حصولهم على الأرباح المتوقعة في تسريع استيلاء إسبانيا على البرتغال في عام 1580، وذلك لتوجيه ضربة النهاية للبرتغال .
عوامل مشتركة في القرن 17
تسببت بعض العوامل المشتركة في القرن السابع عشر في ضعف سيطرة البرتغال على الساحل العربي، وانهيار سيادتها على الخليج العربي بسبب استمرار المقاومة في موانئ الخليج ضدها، والضغط الاقتصادي القوي من القوى الكبرى في المنطقة، ومن بينها الثورات التي وقعت بين عامي 1521 و 1526، وشملت البحرين وقطر وهرمز ومسقط وصح .
تم طرد البرتغاليين من البحرين في العام 1602 على يد شاه عباس الأول الحاكم الفارسي آنذاك، وتمكن من السيطرة على هرمز في عام 1622 بالتحالف مع البريطانيين، وهذا كان السبب الرئيسي وراء انهيار الإمبراطورية البرتغالية .
لم يتسرع الفرس والبرتغاليون في تحالفهم ضد العثمانيين، لذلك لم يتم طرد البرتغاليين بشكل دائم من المحيط الهندي والخليج العربي في ذلك الوقت. ومع ثورة اليعاربة في بداية القرن السابع عشر، تمكنت عمان من التخلص بشكل نهائي من نفوذ البرتغالي .
إنجازات الامبراطورية البرتغالية
عندما نتحدث عن أسباب انهيار النفوذ البرتغالي في المحيط الهندي، يجب أن نذكر أيضًا إنجازاتهم التي أثرت في العالم بأسره، بالرغم من انتهاء نفوذهم وانهيارهم في منطقة المحيط الهندي والخليج العربي. وبعض هذه الإنجازات هي:
فتح الطرق البحرية أمام التجارة العالمية
وصول البرتغاليين إلى الهند أدى إلى تطور طرق التجارة البحرية في العالم، وتم فتح الكثير من هذه الطرق بجهودهم، مما ساعد على ازدهار التجارة بين دول الشرق والغرب. ومع ذلك، زاد ذلك الطمع لدى الدول الاستعمارية الكبرى في الاستيلاء على البلاد واستغلال مواردها وأراضيها .
تزايد النفوذ البرتغالي بعد اكتشافهم رأس الرجاء الصالح، وأصبح هذا المكان الطريق الرئيسي لتجارة التوابل والحرير مع دول أوروبا .
أسس التجار البرتغاليون العديد من المراكز التجارية على ساحل الهند خلال الفترة الممتدة من عام 1500 إلى 1505، وبعد الاستيلاء على هرمز في عام 1507 اتجهوا إلى غرب الهند وأنشأوا العديد من رؤوس الأماكن التجارية هناك .
تعزيز الترابط بين دول العالم
ساعدت الرحلات الاستكشافية التي قامت بها البرتغال في تعزيز الترابط الاجتماعي بين المجتمعات البشرية، من خلال المساهمة في تطوير الطرق التجارية بين الدول وتسهيل حركة الأفراد والبضائع بينها، ونشر القيم الثقافية والاجتماعية .
رغم أن العديد من الدول الاستعمارية سعت إلى تدمير الهوية الثقافية للبلاد، وازدراء الأديان والثقافات الأخرى واستبدالها بقيمها، إلا أن هذه المحاولات لم تنجح في كثير من البلدان .