علم البديع في القرآن الكريم
البلاغة هي من أجمل العلوم التي يمكن تعلمها في الحياة، حيث تجعلك تعبر عن الأشياء باستخدام الكلمات، وتعرف الجمال الذي يكمن فيها، ومن خلال هذا العلم الرائع يمكنك أن تتعرف على العديد من الأساليب التي تجعل الكلام بليغا، وتنقسم البلاغة إلى علم المعاني وعلم البيان وعلم البديع، ويندرج تحت كل قسم من هذه الأقسام العديد من الأساليب البلاغية الرائعة التي يجب تعلمها لفهم بلاغة القرآن الكريم وأسرارها البلاغية الرائعة.
تعريف علم البديع
في اللغة، يعتبر مصطلح `البديع` شيئا جديدا وفريدا وغريبا، وهو ابتكار شيء بشكل متفرد. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: `بديع السماوات والأرض، وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون`. وهو اسم يعود لله – عز وجل – ويعبر عن قدرته على خلق ما لا يستطيع غيره خلقه. ومع ذلك، يختلف تعريف علم البديع بين علماء الاصطلاح، حيث يشير إلى فن الكلام الحديث. يعتبر علم البديع العلم الذي يتعرف من خلاله على جوانب الكلام الجميلة، وذلك من خلال توفير التناسق ووضوح المعنى. يتميز بتزيين الكلام وتحسينه من خلال التنميق في الأبيات الشعرية أو استخدام الجناس أو الترصيع أو التورية في المعنى أو الاستعانة بالطباق، وما إلى ذلك.
علم البديع في القرآن الكريم
يحوي القرآن الكريم العديد من الأمثلة على علم البديع، ويتضمن القسمان اللفظي والمعنوي، ومن بين الأمثلة على ذلك
الجناس التام والناقص في القرآن الكريم
- قوله تعالى: وفي يوم القيامة، يقسم المجرمون ما لبثوا سوى ساعة واحدة، وهي المدة الزمنية المشار إليها بلفظة الساعة المكررة مرتين في هذه الآية .
- قوله تعالى: في هذه الآية، هناك جناسٌ ناقصٌ بين الكلمتين `ناضرة` و `ناظرة`، والذي يحدث بين نوعين من الحروف، وهما حرف الظاء والضاد، وهذا ما يجعل المعنى مختلفًا .
- قوله تعالى: توضح الآية الجناس الناقص بين كلمة “همزة” وكلمة “ولمزة”، حيث تختلف الحروف المستخدمة فيهما وتختلف المعاني، ولكنهما يتفقان في باقي الشروط الأخرى .
السجع في القرآن الكريم
- قوله تعالى: إن الأبرار في نعيم، وإن الفجار في جحيم
- {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم}، وهذا سجع مرصع وقد سُميَّ مرصّعًا م قولهم ترصيع العقد ، تشبيهًا له بعقد اللؤلؤ ، حيث توضع اللؤلؤة في جانب، وتوضع مثلها في جانبٍ آخر ؛ الفقرتان المتفقتان في الوزن والتقفية مثلُ اللآلئ المتماثلة في جانبَيْ العِقد .
- وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ، فَمَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ”، وهي الفاصلة المستخدمة في نهاية كل جملة، والتي يتم الاتفاق عليها في الوزن والقافية، ولكن بقية الكلمات تختلف.
- قوله تعالى: وَمَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا”، وهذا سجع مطرف، وهو الذي اتفقنا عليه في التقفية، حيث تم إتلاف الفاصلتان في الوزن، ويسمى مطرفًا لأن التوافق بين الفاصلتين واقع في الطرف، وهو الحرف الأخير.
- {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنذِرْ* وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ* وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ* وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} سجع قصير .
- {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ* وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي ۚ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ}. السجع الطويل .
رد العجز في القرآن الكريم
- قوله تعالى: ( وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ) .
- قوله تعالى : (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارًا) .
- قوله تعالى : ( قال أنى لعملكم من القالين ) .
التصريع
يأتي التصريع في الشعر عندما يتوافق إيقاع البيت الأول من القصيدة مع الضربة الصوتية النهائية للقافية التي اختارها الشاعر لقصيدته بأكملها ،
مثل قول امرئ القيس : لنَبكي من ذِكرى حبيبٍ ومنزلِ بسِقطِ اللِّوَى بينَ الدَّخُول فحوملِ .
حسن التقسيم
تقسيم البيت الشعري إلى جمل متساوية المقاطع، ويتم ذلك غالبا في الأبيات الشعرية التي تتألف من تكرار تفعيلتين، مثل البحر البسيط والطويل، وهذا مثل قول الشاعرة الخنساء: حمال ألوية هباط، أودية شهاد، أندية للجيش جرار
أمثلة على المحسنات البديعية في القرآن
التورية
- في الآية {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ}، يتضح أن التورية تحمل في لفظها {جَرَحْتُم}، ويمكن تفسير ذلك بمعنى ظاهر غير مقصود وهو الجرح في الجسم، أو معنى آخر مقصود وهو ارتكاب الذنوب والمعاصي.
- قوله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا}
- قول الله تعالى: التورية في هذه الآية جاءت بكلمة “يد”، ولها معنيان: معنى قريب غير مقصود وهو عضو من أعضاء جسم الإنسان، ومعنى بعيد مقصود وهو الذل والهوان، حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون .
- عندما وصل النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة كان يردف أبا بكر، وأبو بكر كان شيخا معروفا بين الناس، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- شابا لا يعرف، فرأى رجل أبا بكر وقال له: يا أبا بكر، من هذا الرجل الذي بجانبك؟ فأجابه أبو بكر: هذا الرجل يرشدني إلى الطريق، فظن الرجل أنه يعني الطريق الذي يسلكه، ولكن المعنى الحقيقي هو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يرشده إلى الخير.
الطباق
- قال الله تعالى : يتم قول طباق إيجاب `اللهم مالك الملك، تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء`
- قوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}. طباق سلب .
- {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ۚ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ} طباق تدبيج لأنها جاء في الألوان ولا يكون طباق التدبيج إلا في الألوان .
- قوله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} طباق خفي .
المقابلة
- قال تعالى : {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا..} . مقابلة في معنى واحد .
- قوله تعالى : وفقًا للآية الكريمة {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}، فالكلمة “يحل” تقابل كلمة “يحرم”، وكلمة “لهم” تقابل كلمة “عليهم”، وكلمة “الطيبات” تقابل كلمة “الخبائث”، وهذه المقابلة تحمل معاني مختلفة.
- مثل قوله تعالى: تعني هذه الآية أن سعي الإنسان يمكن أن يكون إما للخير أو للشر، وأن الله سيسهل الأمور للذين يتصرفون بشكل صادق ويتقون الله ويصدقون بالخير، وسيجعل الأمور صعبة على الذين يبخلون ويتغاضون عن الخير ويكذبون به .
المشاكلة
يحدث خطأ اللفظ عندما يستخدم المتحدث كلمة غير صحيحة لوصف شيء ما، ومثال على ذلك قول الله تعالى في سورة المائدة: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ}. فلايجوز للإنسان أن يستخدم كلمة “نفسك” لوصف ذات الله – عز وجل -، ولكن استخدام هذه الكلمة يأتي هنا للتعبير عن المشاكلة .