صحة

علم الأعصاب و تنمية سلوك المجرمين

يقوم الباحث دانيال ريزيل بدراسة أدمغة المجرمين الذين تم تشخيصهم بأنهم يعانون من اضطرابات نفسية، حيث يسأل إذا كان الدماغ قادرًا على تطوير مسارات عصبية جديدة بعد الإصابة،هل يمكن مساعدة الدماغ على تجديد الأخلاق والقيم الإيجابية لدى الفرد؟

يبدأ دانيال رايزبل محادثة على موقع تيد قائلا إنه يود أن يتحدث عن كيفية تغيير عقولنا ومجتمعنا، ويروي قصة سجين قابل للتحويل في سجن وورموود سكرابس شديد الحراسة في لندن. يعتبر سجن وورموود سكرابس، والذي يعني الأرض الحزينة، من أخطر السجون التي تم بناؤها في نهاية العصر الفيكتوري بواسطة السجناء أنفسهم. ويتم فيه احتجاز أخطر المجرمين في بريطانيا الذين ارتكبوا أفعالا لا يمكن وصفها تقريبا. يقول إنه ذهب هناك لدراسة عقولهم .

كان فريق العمل التابع لجامعة لندن يعمل ضمن منحة من وزارة الصحة البريطانية، وكانت مهمته دراسة مجموعة من نزلاء السجن الذين تم تشخيصهم بأنهم يعانون من اضطرابات نفسية بسبب عدوانيتهم وقسوتهم، وكان السؤال الذي طرحوه على أنفسهم هو ما هو سبب هذا السلوك؟ هل هناك سبب عصبي يمكن أن يفسر حالتهم؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما هو العلاج المناسب لهذه الحالات؟ وهذا ما دفعهم للحديث عن التغيير، وخاصة التغيير العاطفي، حيث كان يشغل بالهم كيف يمكن للناس أن يتغيروا خلال حياتهم

عندما دخل إلى السجن وجد السجين جو الذي يتحدث عنه جالسا على طاولة مصنوعة من الفولاذ واستقبله بتعابير وجه لامبالية على مدار الأشهر التي تلت ذلك اللقاء. قام هو وفريقه بإجراء اختبارات على جو ونزلاء السجن وركزوا على قدراتهم في تصنيف الصور المختلفة للعواطف وردود أفعالهم العاطفية. فإذا نظر أحدهم إلى صورة حزينة، يبدو حزينا ونشعر بذلك من خلال ردة فعل بسيطة في جسده، مثل زيادة ضربات القلب والتعرق. ومع ذلك، فشل النزلاء في التعبير عن العواطف المطلوبة وفشلوا أيضا في إظهار أي استجابات جسدية، لأنهم يعرفون الكلمات ككلمات، ولكنهم لا يعرفون معنى التعاطف .

بإستخدام جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي لتصوير أدمغتهم فالأمر لم يكن سهل و هم مقيدون بالأغلال و الأصفاد حتى نضع كل واحد منهم على جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي و بعد القليل من الوقت تصادف تبادر إلى ذهنهم أنهم ضحايا لطفولة مضطربة ، هناك منهم من يعانون في خلل في مناطق من الدماغ يطلق عليها الأميجدالا و هي عضو يشبة في شكله حبة اللوز و يوجد عميقًا في كلا شقي الدماغ و هذا العضو هو المسؤال عن الشعور بالتعاطف و كما زاد تعاطف الشخص زاد نشاط منطقة الأميجدالا و كان نزلاء السجن يعانون من خلل في تلك المنطقة مما أفقدهم التعاطف و القسوة و شكل سلوكهم الأخلاقي .

عادة ما يكون اكتساب السلوك الحميد جزءًا من نمو الشخص وتعلم كيفية التحدث، فمن الممكن لأي شخص في سن 6 أشهر التمييز بين الأشياء الحية وغير الحية، وفي سن 12 شهرًا يستطيع الطفل التقليد، وعلى الرغم من أن التقليد في البداية لن يكون متقنًا، إلا أنه سيتم بناء أساسيات الدماغ الاجتماعي تدريجيًا .

عملوا على ابتكار طريقة لتغيير أدمغة السجناء وبالتالي سلوكهم لصالحهم الشخصي في المقام الأول. كان الاعتقاد لأكثر من 100 عام لدى علماء الأعصاب أنه لا يوجد تغيير في الدماغ بعد فترة الطفولة وأنه لا يتم نمو أي خلايا عصبية جديدة في الدماغ، ولكن في التسعينات بدأت الدراسات في جامعة برنستون تظهر أدلة على إمكانية تشكيل الخلايا العصبية، أي ولادة خلايا عصبية جديدة في البصلة الشمية المسؤولة عن حاسة الشم وفي منطقة الحصين المسؤولة عن الذاكرة القصيرة الأمد، ثم في منطقة الأميجدال .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى