علاج الاضطرابات النفسية عن طريق منع الشعور بالخوف
اكتشف العلماء منطقة جديدة في الدماغ تشارك في تثبيط الخوف، وهذا الاكتشاف يفتح الباب أمام التدخلات السريرية في المرضى الذين يعانون من أمراض نفسية، مثل اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) .
اضطراب ما بعد الصدمة ” PTSD “
اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) هو اضطراب عقلي يمكن أن يحدث بعد تعرض الشخص لحدث صادم مثل الاعتداء الجنسي أو الحروب أو حوادث التصادم أو التهديدات الأخرى لحياته، وتشمل الأعراض أفكارا مزعجة أو مشاعر أو أحلاما ذات صلة بالأحداث، والاضطرابات العقلية أو الجسدية المرتبطة بالصدمات النفسية ومحاولات تجنب الإشارات المرتبطة بهذه الصدمات، والتغييرات في طريقة تفكير الشخص، وتستمر هذه الأعراض لأكثر من شهر بعد الحدث، وتكون فرصة تعرض الأطفال الصغار لهذه الأعراض أقل، ولكن بدلا من ذلك قد يعبرون عن ذكرياتهم من خلال اللعب، ويكون الشخص المصاب بالاضطراب النفسي اللاحق للصدمة أكثر عرضة للانتحار وإيذاء الذات المتعمد .
يعاني نصف الأشخاص الذين يتعرضون للاغتصاب من اضطراب ما بعد الصدمة، وهم أكثر عرضة لذلك بالمقارنة مع الأشخاص الذين يتعرضون لصدمات غير مرتبطة بالاعتداءات مثل الحوادث والكوارث الطبيعية، ويعاني الأطفال أقل من البالغين من اضطراب ما بعد الصدمة، وخصوصا إذا كانوا دون سن العاشرة، ويتم تشخيص الاضطراب بناء على وجود أعراض محددة بعد الحدث الصادم .
كيف يمكن تثبيط الشعور بالخوف
أظهرت دراسة أجريت في جامعة تكساس إي أند أم أن هناك منطقة جديدة في الدماغ تشارك في تثبيط الخوف، وهذا الاكتشاف يتيح فرصة لتطوير تدخلات سريرية للمساعدة في علاج المرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية مثل اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). وتم نشر النتائج في الثلاثين من أكتوبر الحالي، حيث اكتشف الدكتور ستيفن مارين، الأستاذ المتميز في العلوم النفسية والدماغ، في جامعة تكساس إي أند أم وفريقه، أن منطقة دماغية صغيرة في المهاد تسمى “نواة ريونين” لها دور في تثبيط الخوف في الفئران. وقبل اكتشاف ذلك، كان يعتقد أن هذه المنطقة تعمل بشكل أساسي كمسار لنقل المعلومات الحسية من محيط الدماغ إلى القشرة، وهو الجزء المسؤول عن أداء التفكير المعقول .
يقول الباحثون : من اللافت للانتباه أننا نعلم أن الجزء الأمامي من القشرة المخية يلعب دورا في تنظيم العواطف، ولذلك كان هناك اهتمام كبير في كيفية تحقيق ذلك، وبالتالي، يشير هذا البحث الأساسي الذي يحدد هذا النقل من الجزء الأمامي للقشرة المخية إلى نواة ريونين في المهاد، إلى أجزاء من الدماغ تلعب دورا مهما في تثبيط الخوف، والتي يمكن أن تكون دربا لتطوير أدوية وعلاجات جديدة للاضطرابات النفسية .
عقاقير الاضطرابات النفسية التقليدية
في الوقت الحالي، تعتمد معظم الأدوية التي يستخدمها الأطباء لعلاج الاضطرابات النفسية على الصدفية، حيث تؤثر على جميع الخلايا العصبية في الدماغ. ومع ذلك، فإن العلاجات السلوكية، مثل علاج اضطرابات ما بعد الصدمة، والتي يعاني المرضى فيها من فترات طويلة ومتكررة من الصدمات، تكون فعالة في تقليل الخوف. وقد قام مختبر “نظم المشاعر والذاكرة” في جامعة تكساس A&M بتعريض الجرذان لنغمات مقترنة في البداية بصدمات خفيفة لخلق استجابة للخوف، ثم استخدموا العلاج السلوكي، وعرضوا الفئران للنغمات بشكل متكرر لفترات طويلة لكبح الخوف .
وبواسطة تطبيق نهج دوائي، ألغى الفريق البحث عمل نواة ريونين وتبين أن الجرذان لم تستطع قمع الخوف. ثم استخدموا استراتيجية صيدلانية مستهدفة لكبح الخلايا العصبية بشكل انتقائي في القشرة المخية قبل الجبهية. لتحقيق ذلك، استخدم الفريق فيروسات هندسية تحمل مستقبلات مصممة خصيصا بواسطة العقاقير المصممة (DREADDs) وتبين أن تثبيط هذه المدخلات منعت الفئران أيضا من قمع الخوف. من خلال تحديد مشاركة هذه الدائرة المحددة في الدماغ في تثبيط الخوف، يمكن للباحثين الآن اتباع علاجات أكثر توجيها للاضطرابات النفسية التي تعمل بشكل أفضل وتستمر لفترة أطول .