منوعات

عقوبة الشتم في مواقع التواصل الاجتماعي

تنتشر الكثير من الجرائم الإلكترونية عبر الإنترنت في السنوات الأخيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، سواء كانت إنستغرام أو فيس بوك وتويتر وغيرها، مثل السب والتشهير واختراق الحسابات، ومن أهم أسباب انتشار هذه الجرائم، الأمية الرقمية وانخفاض الوعي في المجتمع، حيث أصبحت هذه المواقع مكانا لتبادل العبارات الفاحشة وهذا ما أدى إلى زيادة القضايا في الآونة الأخيرة.

تعريف الجريمة الالكترونية

الجريمة الالكترونية هي جريمة ارتكبت باستخدام الإنترنت، وقد تعتبر العديد من التصرفات جريمة إلكترونية، بما في ذلك الوصول لمعلومات شخص ما عبر الإنترنت، عن طريق القرصنة أو الحصول على معلومات بطاقة الائتمان، أو نشر معلومات خاصة، و دعم المنظمات الإرهابية أو الشتم و القذف و التشهير بشخص ما و إلحاق الضرر به، و هو موضوع هذا المقال، و قد حرصت كل البلدان بدون استثناء على وضع قوانين صارمة لمعاقبة المجرمين و النيل منهم، لخلق بيئة صحية و سليمة لمستخدمي الانترنيت بصفة عامة و مواقع التواصل الاجتماعي بصفة خاصة.

أسباب انتشار الشتم في مواقع التواصل الاجتماعي

يجدر بالذكر أن هذه الظاهرة انتشرت ليس فقط بين الأشخاص العاديين، بل انتقلت أيضا إلى الشخصيات المعروفة مثل السياسيين والفنانين والإعلاميين ونجوم الرياضة. بالإضافة إلى ذلك، يقوم بعض الأشخاص بمهاجمة مختلف الديانات والمعتقدات، ويثيرون الفتنة والاضطراب من خلال تعابير طائفية وعنصرية بغيضة. يبدو أنهم يعتقدون أن التعبير عن الاختلاف لا يمكن أن يتم بأي طريقة أخرى سوى هذه الطريقة، بدلا من احترام الآداب الاجتماعية.

تعود أسباب انتشار هذه الظاهرة إلى الحرية التي تشعر بها هذه الفئة في العالم الافتراضي من وراء الشاشة دون وجود رقيب أو حسيب، ويعود ذلك إلى اعتقاد هذه الفئة بصعوبة اكتشاف هوياتهم ومكانهم، بالإضافة إلى اعتقادهم الشديد بقدرتهم على الهروب من العقاب.

يتم فتح الحساب المجاني في مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الشخص، ويبدأ في مهاجمة الأشخاص والرد على تعليقاتهم بشكل غير لائق، سواء بحسابه الحقيقي أو المزيف، وهذا يدل بوضوح على نقص النضج الفكري لهذه الفئة وعدم قدرتهم على ضبط سلوكهم. بدلا من استغلال هذه المواقع وتطبيق تعاليم ديننا بالتعبير عن الكلمة الطيبة لإخواننا المسلمين، نشاهد تعليقات جارحة بكميات كبيرة ورسائل مسيئة. ومن أهم الأسباب لذلك هو غياب القوانين التي تنظم الإنترنت، بالإضافة إلى توفر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مجاني وسهل الاستخدام للجميع بغض النظر عن تربيتهم وتعليمهم ودوافعهم ومستوى ثقافتهم. في كل الأحوال، إذا لم تكن هناك مساءلة قانونية، فهناك قيم أخلاقية ذاتية يجب أن نلتزم بها في تعاملنا مع الآخرين.

التربية ودورها في محاربة هذه الظاهرة

 غالبية الآباء يمنعون أولادهم من الشتم، وينسون أن أولادهم يكررون ما يفعلونه، فالابن يتأثر بتصرفات والديه ومنشوراتهم ويكرر كلماتهم، لذلك لا يجوز محاسبته على أفعال قام بها والداه حثوه عليها. يتلقى الابن تصرفات والديه بشكل تلقائي ويقلدها بشكل عفوي دون أن يدرك مدى خطورتها، وتمر السنوات ويستمر بتكرار نفس الأفعال ويلقى نفسه فجأة تحت المساءلة القانونية وقد يعاقب بالضرب أو السجن أو دفع غرامة كبيرة ومستقبله يدمر، دون الأخذ بعين الاعتبار سمعته ومكانته في المجتمع.

لذا، يجب أن ننمي الجانب الأخلاقي للطفل ونتبع الشريعة الإسلامية وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم في التعامل الاجتماعي. ومن المتفق عليه أن الخلق يتضمن حسن المعاشرة والتعامل مع الآخرين، ويعتبر ذلك من أولويات التربية السليمة. فأين نحن من ديننا الحنيف وتعاليمه، ونحن نشهد مئات التعليقات اليومية التي تحتوي على شتائم وافتراءات

سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي

لكل شيء إيجابيات وسلبيات، وكذلك لمواقع التواصل الاجتماعي على الفرد والمجتمع، فمن بين السلبيات انتهاك خصوصية الفرد وهدر الوقت وخلق خلافات بين المستخدمين، وقد يصل ذلك إلى التفرقة بين الشعوب من خلال زرع روح التعصب وأصبحت تلك المواقع منبرا للمعارضين وكذلك مكانا لتصفية الحسابات ونشر التعصب الرياضي. ويؤدي الدخول إلى تلك المواقع إلى العزلة الاجتماعية وعدم اندماج الشخص مع أسرته، وغيابه عن مشاكل الأسرة والمناسبات الاجتماعية، حيث يقضي وقته في الشجار وسب الآخرين، معتقدا أن أفعاله تندرج تحت مبدأ حرية التعبير.

وكما يترتب على خرق قوانين هذه المواقع مخاطر اجتماعية كبيرة، فإن الجاني قد يتعرض للمسئولية القانونية، في البداية يتفاعل المستخدمون مع مواقع التواصل الاجتماعي للدردشة مع الأصدقاء والتعرف على أشخاص جدد وتبادل المعلومات، ولكن ينتهي الأمر بالشتائم وتجد نفسك فجأة تقوم بارتكاب ما يعرف بالجريمة الإلكترونية، وتتعرض لعقوبة تصل إلى السجن، والمشكلة الرئيسية هي أن معظم مستخدمي هذه المواقع لا يدركون أن ما يقومون به غير قانوني، ويعتقدون أن السلطات لن تلاحقهم، وقد يتورط الكثيرون في أمور أسوأ بكثير مثل إشعال الحروب الأهلية والثورات كما رأينا في السنوات الماضية، حيث انتقلت شرارات الجدل في مواقع التواصل الاجتماعي لتخلق مؤيدين ومعارضين خارج نطاقها.

كيف تحمي نفسك من مخاطر هذه المواقع

تعد مواقع التواصل الاجتماعي أداة فريدة للتواصل، وأصبحت منذ سنوات واحدة من أهم المصادر لكسب المال بالنسبة للكثيرين، ويمكن الاستفادة من فوائدها من خلال الاستخدام العقلاني. لا ينبغي الوثوق في أشخاص على الفيسبوك والإنستغرام أو تويتر أو غيرها من مواقع التواصل الاجتماعي دون معرفة سابقة، وينبغي أن نكون حذرين في اختيارنا وتصرفاتنا. وينبغي عدم نشر المعلومات أو التعليقات التي يمكن أن تتسبب في إلحاق الضرر بنا وتؤثر سلبا على مستقبلنا، ويجب استخدامها في الأمور التي تفيدنا وتزيد من معلوماتنا الثقافية والعلمية، وليس لإثارة المشاكل لأنفسنا أو للآخرين والجدال حول أمور لا فائدة منها. إذا كان كل شخص يدرك أهمية استخدامها بالطريقة الصحيحة، فلن يكون هناك شتائم في مواقع التواصل الاجتماعي ولن يكون هناك حاجة إلى قانون مكافحة جرائم المعلوماتية.

تبدأ مسؤولية حماية الخصوصية من الفرد نفسه، من خلال فهم الجرائم الإلكترونية وعقوباتها ومخاطرها، وأهمية حماية الأجهزة والبيانات من الاختراق. ومن هنا يبرز الدور المهم للتعليم والتوعية بالقوانين والتشريعات المتعلقة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. ويقع الدور الأساسي في هذا المجال على عاتق المدارس والجامعات، وكذلك على الأسرة وتربية الأطفال بشكل صحيح، كما ذكرنا في وقت سابق.

يجب التركيز على توجيه الآباء لأبنائهم وإرشادهم في استخدام الإنترنت بشكل صحيح، من خلال استخدام برامج تسمح بتصفح الإنترنت بأمان. يجب أيضا التأكيد على وضع أولويات تساعد في حماية الأطفال من مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي. يجب تعاون المؤسسات التربوية والتعليمية لتقليل الجرائم الإلكترونية التي تحدث على وسائل التواصل الاجتماعي مثل واتساب وتويتر وفيسبوك وغيرها. يجب التنبيه أيضا إلى أن بعض الأشخاص قد يحاولون استفزازك لتورطك في قضية جنائية، وتعريضك لخسائر مالية وعقوبات قانونية مثل الحبس والجلد، كما يحدث في المملكة العربية السعودية. لذلك، يجب أن لا تكون عجولا في الكتابة وأن تفكر جيدا قبل الرد أو رفض التعامل مع الأشخاص الذين لديهم نوايا سيئة.

 أهمية فرض العقوبات على المستخدمين

بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يقدمون أنفسهم ويطرحون أرائهم من خلال الأسماء المستعارة و الصور المزيفة وتفاصيل شخصية وهمية، إما لأنهم يبحثون عن الحرية دون أن يعرفهم أحد، وإما أن يُستَخدم الحساب كستار للشتائم لأغراض شخصية وقد يكون الدافع سياسي أو رياضي أو لمجرد التعصب للرأي، ومن هنا تبرز أهمية فرض العقوبات والأهم من ذلك تفعيلها لأنها تساهم في الردع من هذه التصرفات المشينة، ومن شأنها المساعدة في تنظيم التعامل و السلوك لدى المستخدم، فيشعر أنه محاط بقيود تجبره على الالتزام بالأخلاق في تعامله مع الآخرين وطرح آفكاره بشكل محترم على عكس ما يعتقده أن مواقع التواصل الاجتماعي هو فضاء بلا قيود، و مكان للنيل من الآخرين وشتمهم دون حسيب أو رقيب.

ومع ذلك، قد ينبه قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية لهذا الأمر، حيث يحتوي على عقوبات صارمة لهذا النوع من التجاوزات السيئة. فإذا تمكن الشخص من الهروب من السجن، فلن يتمكن من النجاة من دفع الغرامة. ما يميز قانون مكافحة جرائم المعلومات هو تشديد العقوبات وفقا لخطورة الأفعال، وتختلف العقوبات من بلد لآخر، ولكنها جميعا تتفق على مبدأ الصرامة والحزم في اتخاذ التدابير اللازمة ضد الجاني، حيث يمكن أن تصل العقوبة إلى السجن لعدة سنوات وفرض غرامة كبيرة .

ما هي الإجراءات القانونية اللازمة

يمكن للشخص المتضرر أن يتوجه إلى النظام القضائي، من خلال الجهات القانونية المختصة، وهي الشرطة أو النيابة العامة، لضمان حقوقه واستعادة مكانته والمطالبة بتعويض عن الأضرار الجسيمة التي تعرض لها، لذا يجب أن يكون الإبلاغ عن الجريمة في أقرب مركز شرطة الخطوة الأولى لضمان حقك، ومن المفترض أن يكون لدى الضحية معلومات كافية عن الجاني وإن أمكن، بعض الصور لهذه التعليقات والرسائل كدليل على الإساءة، لكي يتم التدخل من قبل السلطات المختصة، ومع توفر الأدلة، يجب تقديم بيانات مفصلة عن المتهم، بما في ذلك الاسم والعنوان والصلة، وبعد ذلك ترسل الشرطة المحضر إلى النيابة المختصة، التي تقوم بالتحقيق والتعاون مع السلطات الأخرى لمعرفة اسم مالك الحساب وتفاصيله الشخصية، ثم يتم استدعاء المشتبه به للتحقيق وسماع أقواله بشأن التهمة الموجهة إليه، وإذا ثبتت الجريمة، يتم تحويل المتهم فورا إلى المحكمة الجنائية بتهمة السب والقذف.

لكن ماذا لو استخدم المجرم أسماء مزيفة وأخفى هويته الحقيقية؟

 حتى وإن استخدم الجاني حسابات مزيفة، لن يتجنب العقاب، لأن تقديم شكوى سيدفع الجهات المختصة إلى التحقيق في القضية واستخدام تقنيات حديثة لتعقبه وتتبع حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، واكتشاف من يديرها بسهولة عبر عنوان بروتوكول الإنترنت للأجهزة التي يستخدمها، حتى ولو كان الحساب المزيف الذي يستخدمه يحتوي على صور ومعلومات وهمية.

فإذا كنت ضحية الشتم ، فالقانون يمنحك الحل لضمان حقوقك كاملة ، لذلك يجب توخي الحذر قبل استخدام هذه المواقع ، وبالنسبة للجاني فيجب عليه التفكير قبل أن يتعرض لعقوبات صارمة التي يمكن تفسده بسبب تعليقات سخيفة قد تدمر حياتك بالكامل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى