عبد الله بن عمرو بن العاص .. القانت الأواب
هو الإمام الحبر، الذي يدعى بأبي عبد الرحمن وأبي نصير القرشي السهمي، وأبي محمد، وهو ابن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم، وهو صاحب وابن صاحب رسول الله، وأمّه رائطة بنت الحجّاج. أسلم الإمام الحبر قبل والده بـ11 سنة فقط، وكان يُسمّى العاصّ قبل الإسلام ثم سُمّي بعد الإسلام بعبد الله.
فضله عبد الله بن العاص: تلقى النبي الكثير من العلم ونقله، ووصل عدد الأحاديث التي أسندها إلى 700، واتفق المحدثون على صحة سبعة منها، ونفى البخاري ثمانيا ومسلم عشرينا، وقد كتب الكثير من هذه الأحاديث بإذن النبي بعد موافقته الصحابة على ذلك، بعدما كانوا يمتنعون عن الكتابة لغير القرآن.
وقال عنه أبو هريرة: لم يكن هناك رجل أحسن منّي في نقل أحاديث الرسول إلاَّ عبد الله بن عمرو، لأنه كتب وأنا لم أكتب.
عمرو جمع ما كتبه في صحيفة أسماها `الصحيفة الصادقة`.
روى عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبي بكر الصّديق وعمر بن الخطّاب، ومعاذ بن جبل، وسُراقة بن مالك، وأبيه عمرو بن العاص، وأبي الدّرداء، وعبد الرحمن بن عوف. كما نقل وروى عن أهل الكتاب وكان يستدرس كتبهم. كان يجيد فهم السّيريانيّة، فاطّلع على التوراه وفسّر بها القرآن. وكان من تلامذته سعيد بن المُسيِّب.
التعبُّد والورع : قال النبي: إن أهل البيت هم عبد الله وأبو عبد الله وأم عبد الله
وقد روي عنه أنه قال: جمعت القرآن وقرأته كله في ليلة، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: اقرأه في شهر، فقلت: يا رسول الله، دعني أستمتع من قوتي وشبابي. فقال: اقرأه في عشرين، فقلت: دعني أستمتع. فقال: اقرأه في سبع ليال، فقلت: دعني يا رسول الله أستمتع. فأبى .
وكان من مبالغته في الزُّهد أنّه لمّا تزوّج، لم يقرب زوجه لما بلغ من فرط العبادة والتفرُّغ لها حتّى عرِف أبوه بالأمر فشكاه للنّبي. دعا به النّبي وسأله: ” أتصوم النّهار وتقوم الليل؟” قال: نعم، قال النّبيّ: ولكنّي أصومُ وأُفطِر وأصلّي وأنام وأمسُّ النساء، فمن رغِب عن سُّنتي فليس منّي.
وفي أخرى، أنّ النبي دعا به: “وصلتني معلومة أنك قلت إنك ستصوم النهار وتقوم الليل ما دامت حياتك؟” قال: نعم، فقال: “فلا تفعل ذلك، بل صم وافطر، وقم وانمح”
مجاهد في سبيل الله: كان يسعى إلى الجهاد في كل مرة ينادى به، وكان يحتفظ بمكانه دائما في المقدمة، متطلعا للشهادة. وقيل إنه كان يبارز بسيفين، ووقف بجانب معاوية بن سفيان في معركة صفين خشية إيذائه، ولكنه لم يستخدم السيفين. وبعد ذلك، تفرغ للعلم والعبادة. وقال عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه-: “ما لي ولصفين، ما لي ولقتال المسلمين، لوددت أن أموت قبل ذلك بعشرين سنة -أو عشر سنوات-. فوالله، لم أضرب بسيفي، ولم أطلق سهما. وكان يحمل الراية في يده.
وفيما يتعلق بره مع أبيه، قد حان اليوم الذي أتى فيه إلى صفين، فأمره بالخروج للمشاركة في القتال. استنكر عليه عبد الله، فرد عليه عمرو بن العاص قائلا: “أشهدك بالله! هل تعلم أن آخر ما قاله رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لك هو أن يمسك بيدك؟” لذا، أنا آمرك بالخروج والقتال. فخرج.
وفاته : يقال إنه توفي عن عمر يناهز 72 عاما، ويقال إما في مصر التي فتحها عمرو بن العاص، أو في مكة، أو في عسقلان.