عبدالرحمن القصيبي شيخ اللؤلؤ ووكيل الملك عبد العزيز في البحرين
يتذكر التاريخ السعودي العديد من الشخصيات المهمة التي أثرت في حياة السعودية خلال القرن الهجري الماضي، حيث تعاملت هذه الشخصيات مع تأسيس وتوحيد الأقاليم والمدن في الأراضي العربية، وكانت تنتمي إلى عائلات مرموقة مثل تلك الأسرة التي كانت معروفة بالتجارة والاستثمار في منطقة الإحساء والبحرين. واشتهرت هذه الأسرة بالتخصصات العلمية والتجارة عبر البحار والعمل العسكري. قامت الأسرة بالتنقل بين نجد والبحرين والهند وعدد من الدول العربية بحثا عن التجارة وتوارث معرفة الأجداد والآباء. لعبت هذه الأسرة دورا كبيرا في ازدهار الحركة الاقتصادية في تلك المناطق من المملكة العربية السعودية قبل ظهور النفط. وقد ساهموا بشكل كبير في تمكين الملك عبد العزيز آل سعود من السيطرة على منطقة الإحساء بسبب المكانة الاجتماعية المرموقة التي يتمتعون بها في الخليج العربي. عين الملك عبد العزيز آل سعود، مؤسس المملكة العربية السعودية، هؤلاء الأشخاص كوكلاء له في البحرين، وكذلك أعطاهم مهاما لتأمين المواد التموينية والمعدات والأجهزة التي يحتاجها الملك. شغل هؤلاء الموظفون المناصب العليا في الدولة السعودية الحديثة، بما في ذلك الشيخ عبد الرحمن بن حسن القصيبي، وهو والد الدكتور غازي القصيبي، رحمهم الله.
حظي الشيخ بمكانة كبيرة وكان رحمة الله عليه على قدر من الحكمة والثقافة حتى تم تلقيبه بشيخ اللؤلؤ لأنه كان يعرف التميز بين اللؤلؤ الجيد واللؤلؤ الردئ تم تعينه وكيلًا سياسيًا للملك عبد العزيز آل سعود في البحرين كان للشيخ رحمة الله عليه العديد من الإسهامات الاجتماعية والإنسانية وكان له بصماته الخاصة في نشر العلم والثقافة كان يتبرع لطبع الكتب ودعم المشروعات الإنسانية على نفقته الشخصية وكان له أعماله في بناء المساحد والدفع عن المتعسرين ينسب الشيخ القصيبي لبلدة القصب في نجد حيث النشأة كان يعيش جده عبد الله يقول الدكتور غازي القصيب عن والدة الشيخ عبد الرحمن ” أنه عاش فقيرًا ومات غنيًا صاحب الملوك والأمراء وكان أشد قربًا للفقراء ” .
النشأة والتربية: كان الشيخ عبد الرحمن القصيبي تاجرا مشهورا بأعماله الخيرية وإحسانه وأعماله الوطنية في المجتمع السعودي. ولد الشيخ في حي النعاثل بمدينة الهفوف، وحصل على تعليمه في مدارس البحرين حيث تعلم اللغة الإنجليزية وتدرب على أعمال التجارة ومهارة تجارة اللؤلؤ في الهند. بدأ العمل في شراكة مع عمه. ينتمي الشيخ إلى عائلة شريفة، وقد تكلفه أمير حريملاء عبد الله بجمع الزكاة من فلاحي المنطقة. كانت العادة في أهل نجد أن يطلقوا على الرجل اسم بلدته، ومن هنا جاء اسم القصيب .
كان للشيخ عبد الله والد الشيخ عبد الرحمن ثلاثة أبناء توجهوا لساحل الخليج العربي واستمروا في رعاية الإبل وسافروا الأخ الأكبر إلى منطقة تجارة اللؤلؤ وبدأ في تشجيع تأسيس تجارته الخاصة بعد وفاة والد الشيخ عبد الرحمن ذهب لمساعدة عمه في الهند وتعلم اللغة الإنجليزية وتعامل مع التجار في بومباي وأرسلوا الأرباح لعمهم لشراء النخيل. من هنا اشتهر الشيخ في تجارة اللؤلؤ وأصبح على رأس تجار الخليج العربي وظل الوسيط التجاري بين المملكة العربية السعودية والبحرين حتى وفاته. كان جزءا من حاشية الملك عبد العزيز آل سعود، وكانت أول لقاء بينهما عام 1906 عند مرور قافلة الحج، حيث التقى الشيخ إبراهيم القصيبي بالملك عبد العزيز ونشأت صداقة رائعة بينهما، حيث أعجب الشيخ إبراهيم بقوة الملك عبد العزيز. عندما قرر الملك ضم الإحساء عام 1913، أبلغ الشيخ إبراهيم ووفر للملك كل ما يحتاجه، وتعززت العلاقات بين العائلة والملك حتى أصبحوا ممثلي الملك في البحرين. كان لهم دور في توفير السكن والإيواء لضيوف الملك عبد العزيز، وأصبحت العائلة الممثل الدبلوماسي بين الملك وبريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى
عمل الشيخ عبد الرحمن القصيبي كسفير دبلوماسي بين الملك وبريطانيا وأصدر الملك أوامره ليكون وكيلا له في البحرين بناء على ثقته الكبيرة به. قال عنه السفير البريطاني شارلز بلجريف أنه رجل مثقف ومتعلم ولديه مهارات طبيعية في التعامل مع اللؤلؤ. يقال إن للشيخ وثائق لا تقدر بثمن. وفي الواقع، كان الشيخ موضع ثقة الملك عبد العزيز وكان يحظى بتقديره في كل مناسبة. تم اختياره في عام 1346 هـ كجزء من جهاز التفتيش والإصلاح الذي ضم عددا من الأعيان وأعضاء مجلس الشورى لرعاية مصالح الناس وراحة الحجاج. في عام 1370 هـ، تم تعيينه وزيرا مفوضا من الدرجة الأولى حتى عام 1375 هـ، ومنحه الملك سعود بن عبد العزيز لقب وزير الدولة. والشيخ “عبد الرحمن القصيبي” – رحمه الله – كان يعبر عن إعجابه بنفسه ولم يكن يتذلل أمام البريطانيين، بل كان يتعامل معهم بالمساواة والاحترام.
تبرع الشيخ ببناء مكتبة في مكة المكرمة بهدف نشر العلم والتواصل المستمر مع كبار العلماء في مصر والشام، وقام بطباعة كتاب “فتح المجيد في شرح كتاب التوحيد” وكتاب “منح الشفات الشافيات في شرح المفردات” وكتاب “الروض المربع في شرح زاد المستنقع” على نفقته الخاصة