عام الرمادة و تعامل المسلمين مع الأزمات
يُعرف العام الرمادي بأنه العام الثامن عشر من الهجرة، وكان ذلك العام الذي شهد فيه المسلمون مجاعة عظيمة، وذلك خلال فترة حكم عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
عام الرمادة
– أيام خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه حدثت مجاعة شديدة في المدينة المنورة و ما يحيطها من قرى ، و كان ذلك بعد عودة الناس من الحج في الثامن عشر من الهجرة ، فمنع المطر و جفت الأرض و هلكت المواشي ، و بقي المسلمين على هذا الحال تسعة أشهر ، و قد سمي بالرمادة نظرا لأن الأرض أصبحت سوداء تشبه الرماد .
تجلى شخصية عمر بن الخطاب، الخليفة الذي قدّم نفسه فداءً للناس وحرم على نفسه الطعام خوفًا من الله تعالى وحرصًا على رعايته للناس الذين كانوا تحت حمايته، وخشية أن يسأل الله عليه عن تفريطه برعايتهم .
عمر بن الخطاب في عام الرمادة
– كان عمر بن الخطاب يأثر الناس على نفسه ، فيحرم على نفسه الطعام الذي ليس بإمكان الناس الحصول عليه ، و قد قيل عن أنس بن مالك رضي الله عنه : “تقرقر بطن عمر وكان يأكل الزيت عام الرمادة ، وكان حرم عليه السمن ، فنقر بطنه بأصبعه ، و قال: تقرقر تقرقرك إنه ليس لك عندنا غيره حتى يحيا الناس” و قد كان عمر بن الخطاب يأكل الشعير فتصدر بطنه أصواتا فيضرب عليها “والله ما هو إلا ما ترى حتى يوسع الله على المسلمين” .
كان عمر بن الخطاب يعمل على جلب الطعام من الأرياف إلى أهل الحضر، وكان يدعو الله باستمرار ليفرج كرب المسلمين، وقد وصف ابنه العام الذي تولى فيه عمل جلب الطعام بأنه كان عامًا شديدًا ملمًا، ووصف أباه بأنه اجتهد في توزيع الطعام على المسلمين، حتى أن الله أنزل الغيث بفضل دعائه .
– كان عمر يواسي شعبه بنفسه، ويبذل أقصى جهده لتزويدهم بالطعام في هذا الوقت، وقرر أن يلزم أفراد الأسرة بمشاركة الطعام معا إذا استمرت الجوع، بناء على التكافل الاجتماعي بين فئات المسلمين، ويتذكر أنهم أكلوا جرابيع وجرذان في هذا العام بسبب شدة الجوع، حتى انتشر الموت بينهم .
فقه عمر بن الخطاب في حل الأزمة
عندما وقعت هذه الأزمة على المسلمين ، اتخذ عمر عدة إجراءات ومواقف لإدارة وحل الأزمة ، وكانت شخصيته النبيلة واضحةفي هذه الخطوات .
الصلاة و الدعاء
سعى عمر بن الخطاب لتشجيع المسلمين على أداء الصلاة والدعاء والتضرع إلى الله لحل هذه الأزمة. في هذا العام، قام بعدة تحركات، بما في ذلك أداء صلاة العشاء مع الناس يوميا، ثم يعود إلى منزله ويستمر في الصلاة حتى وقت متأخر من الليل. بعد ذلك، يستمع إلى أخبار المدينة أثناء دعائه قائلا: `اللهم لا تجعل هلاك أمة محمد على يد` .
طلب الغيث من الله
وفيما كان يستسقي النادي في الناس، ويصلي معهم ركعتين، دعا قائلا: `اللهم، عجزت عنا أنصارنا، وعجز عنا حولنا وقوتنا، وعجزت عنا أنفسنا، ولا حول ولا قوة إلا بك، اللهم اسقنا وأحيي العباد والبلاد` .
موقف إنساني لعمر بن الخطاب
من بين الأحداث الإنسانية التي تجسدت في عمر بن الخطاب، عندما كان يفحص أوضاع رعيته، وجد امرأة تجلس أمام نار في وسط الليل، وتبدو وكأنها تطبخ طعاما، وصوتها يرتفع وهي تقول: `تعالي يا رب، انصفني من عمر، فهو شبعان ونحن جوعى`. عندما سمع صوتها، اقترب منها واستفسر عن حالتها. فقالت إنها امرأة فقيرة، وتدعي أنها تطبخ الطعام حتى ينام طفليها، لأنها لا تملك طعامهم. في هذا الوقت، خرج عمر بسرعة وأحضر الطعام من منزله وعاد إليها. وفي كل هذا، لم تعرف المرأة أنه عمر، حتى أطعمت طفليها، وعلمت بحالته وأنه ليس شبعانا كما اعتقدت، بل ربما يكون أضعف منها .