صفات التوازن السلوكي و النفسي التي تحلى بها رسول لله
أجريت العديد من الدراسات حول شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم، واشتملت هذه الدراسات على التوازن السلوكي والنفسي في طبيعته، وقد أثبتت جميعها أنه كان يتمتع بنفس متوازنة، تحتوي على توازن لم يسبق لأحد أن حققه، وهذا يؤهله لقيادة هذه الأمة .
التوازن السلوكي في شخصية رسول الله
كان التوازن السلوكي لشخصية معينة من أهم أدلة نبوته، إذ كانت هذه الشخصية التي يحتذى بها في جميع جوانب الحياة، فجمعت بين سمات الأب والمربي والقائد والمحارب والمعلم، بتوازن تام دون أن تتفوق أيًا من هذه الصفات على الأخرى .
التوازن بين القول و الفعل
شهد التاريخ الكثير من النماذج لقائدين ، انفصلت أفعالهم عن أقوالهم ، على عكس شخصية سيدنا محمد ، فكان مثالا للارتباط بين القول و الفعل ، و قد ظهر هذا التوازن في الكثير من المواقف ، فقد كان مثلا يذكر عنه عن لسان السيدة عائشة ، أن كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه ، و كان يصوم من الشهر حتى يظن البعض أنه ، لم يفطر شيئا ، و لم يكن يأكل من الطعام أفضل ما فيه ، مثل أي صاحب ملك أو سلطان ، فقد كان مثله كباقي الفقراء ، فلم يكن يدعو المسلمين لفعل شئ ، و يفعل هو عكسه مما كان يجعل الناس تتبع كلماته بمنتهى الرضا ، لأنهم لم يشعروا بانفصاله عن عالمهم .
الصدق بين الجد و الدعابة
– لم يكن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تلك الشخصية الجادة الفظة ، التي جاءت لنشر أحكام الدين فقط و لم يكن أيضا تلك الشخصية المرحة الفكاهية ، التي لا يعرف صدقها من كذبها و إنما قد حقق توازن بين هذا و ذاك ، فقد قام هذا التوازن على صدقه الذي كان من أوضح و أدق سماته الشخصية ، فعن عبد الله بن سلام قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس وقيل قد قدم النبي صلى الله عليه وسلم وجئت فيمن جاء قال فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب فكان أول ما قال (يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا والناس نيام تدخلون الجنة بسلام) رواه الترمذ .
وقد تجلى هذا الصدق في وعود سيدنا رسول الله مع المسلمين، حتى وإن ظهر هذا الوفاء بالوعود بعد وفاته، على سبيل المثال عندما وعد المسلمين بفتح عظيم، أو حثهم على فتح مصر وغيرها .
بالإضافة إلى دعابته ومرحه الذي كان يخفف عن المسلمين في الظروف الصعبة التي مروا بها، ولكي لا يشعروا بأن حياتهم كمسلمين تتضمن فقط تعاليم الدين والجهاد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: `إني لا أقول إلا الحق`، رواه الترمذي. على الرغم من دعابته ومرحه، إلا أنه حذر من أن كثرة الضحك تميت القلب، وكان يهدف بذلك إلى التحذير من الاستخفاف وإضاعة الجد .
التوازن الأخلاقي في شخصيته
– حينما تحدثت السيدة عائشة عن أخلاقه قالت أن خلقه القرءان ، قالت أنه حليم بار صبور جمعت شخصيته كافة الخصائل الحسنة ، كان لطيف مع البسطاء قوي مع ذو السلطان و كان شخصية عادلة لم يطغى عطفه ، على كرامته و لم تطغى قوته على لينه و قيل ، ما سئل رسول الله شيئا قط و قال لا كان كثير التصدق يجمع بين الشدة و اللين .
ظهر توازن النفس لدى الإنسان في قوته في تطبيق أحكام الله وخوفه منه ومحبته الشديدة له، وأيضا عند وفاة ابنه إبراهيم، ورغم حزنه الشديد إلا أنه تحكم في نفسه خوفا من الله، وعندما قال المسلمون له إن الشمس تكسف حزنا على إبراهيم، علمهم صلاة الكسوف ورد عليهم بأن السماء لا تكسف حزنا على أحد .