صاحب مقولة ” فلما استد ساعده رماني “
عندما اشتد الألم في ذراعي، أخفقتني الأوجاع حتى لم أعرفه، وقد قال أحد شعراء العرب عن الحزن الذي شعر به بسبب ناكر المعروف، الذي رباه وعلمه كل ما يمكنه استخدامه ليصبح شخصا قويا، ولكن عندما أصبح الفتى شابا قويا، تمكن من السيطرة على معلمه ومربيه، مما أحزنه وجعله يشعر بأنه قد ضيع وقته في التعامل مع هذا الشخص الذي لا يقدر على التقدير، ولهذا السبب، قال الشاعر هذه الأبيات.
فلما استد ساعده رماني:
ذكرت روايتان لكلمة (اشتد) بالبيت الثاني فالمشور عند العامة هو لفظ (اشتد) من الاشتداد والشدة وتعني القوة والبأس، ولكن توجد رواية أخرى للبيت ذكرت في كتاب الحريري “درة الغواص في أوهام الخواص” يقول فيها: (استد) بالسين المُهمَلة والمراد بها السداد بالرمي والمعنى لما استطاع التسديد بإتقان وإصابة الهدف رماني وهذه الرواية هي التي تروى في جميع كتب التراث كالصحاح للجوهري، و اللسان لابن منظور، والعين للخليل بن أحمد، وغيرها من كتب التراث في اللغة
الرواية الأولى: قائل البيت هو أوس بن معن:
معن بن أوس بن نصر المزني أحد شعراء الجاهلية والإسلام، صحابي جليل أدرك الإسلام و مدح الصحابة، استحسن شعره الخليفة معاوية ابن أبي سفيان، يتسم شعره بالقوة والجزالة على الرغم من قلته وتنوعه فقدم الفخر والمديح والهجاء والغزل إلا أن شعره غلبت عليه الحكمة، توفى في عام 683م، والرواية تقول أن أوس كان له ابن أخت رباه وأحسن تربيته إلا أنه لما اشتد عوده وصار قوياً مال إلى أهل أبيه في معادة أوس مما جعل أوس يهجوه بهذه الأبيات.
يقول أوس بن معن:
فيا عجبًا لمن ربيت طفلًا *** ألقمه بأطراف البنان
أعلمه الرماية كل يوم *** فلما اشتد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي *** فلما قال قافية هجاني
أعلمه الفتوة كل وقت *** فلما طر شاربه جفاني
وقال في أوس مدح عبيد الله بن عباس:
أنت فرع من قريش والبحور الفوار تجري منها المياه العذبة
ثبتوا قادة للناس في بطحاء مكة، *** ولهم وسقاة الحجاج الضيوف
الرواية الثانية: قائل البيت هو مالك بن فهم:
مالك بن فهم المتوفي في 157م كان شاعرا عربيا، وتقول القصة أنه اختار أحد أولاده ليحرسه كل يوم بالتناوب مع الآخرين. وكان الابن الأصغر يدعى سليمة، وكان أقرب ابنائه إلى قلبه بسبب محبته له. ولأن إخوته شعروا بالغيرة، قالوا لأبيهم إنه أضعف همة وأكثر كسلا من سليمة، وأنه ينام بدلا من حراستهم في الليل، ولم يصدق مالك كلامهم، لكنه قرر في يوم من الأيام مراقبة سليمة ليعرف إن كان الأمر صحيحا.
وفي ساعات الليل المتأخرة، خرج مالك من خيمته بحثًا عن ابنه في دورته الليلية. وعندما لاحظ الخيل وجوده، صهل بشدة ونبه سليمة لوجود دخيل، فأطلق سهمه وأصاب الدخيل دون أن يعرف أنه كان والده. وفيما كان يرقد على فراش الموت، قال مالك هذه الأبيات.
فيا عجبًا لمن ربيت طفلًا *** ألقمه بأطراف البنان
أعلمه الرماية كل يوم *** فلما استد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي *** فلما قال قافية هجاني
أعلمه الفتوة كل وقت *** فلما طر شاربه جفاني
جزاني لا جزاه الله خيرًا *** سليمة إنه شرًا جزاني