شعر زرقاء اليمامة
شهد تاريخ العرب القدماء العديد من الشخصيات المميزة التي تركت أثرا وتراودنا قصصها وحكاياتها حتى الآن. ومن بين أبرز هذه الشخصيات العربية، ظهرت سيدة تدعى زرقاء اليمامة وأطلق عليها هذا الاسم نظرا لزرقة عينيها اللافتة وحدة بصرها. لقد تغنى العديد من الشعراء عن هذه المرأة في قصائدهم .
زرقاء اليمامة
تُعد زرقاء اليمامة واحدة من نساء العرب القدماء اللاتي ذُكر اسمهن في العديد من الكتب العربية القديمة والحديثة، حيث اشتُهرت هذه المرأة بعينيها ذات اللون الأزرق ودقة وحدة البصر المتناهية وجمالها الفائق .
على الرغم من شهرة زرقاء اليمامة، إلا أن المؤرخين لا يزالون في حيرة ولم يتم التوصل بشكل مؤكد حتى الآن إلى صحة القصص التي روجت عنها واسمها الحقيقي وأصلها. والسبب في ذلك هو أن هذه المرأة تعود إلى القبائل العربية القديمة التي اختفت قبل العصر الجاهلي الأول، وبالتالي لم يتم توثيق أي شيء عنها بسبب عدم اهتمام الناس آنذاك بالكتابة أو التوثيق، حيث أنهم قد لا يكونوا يعرفون الحروف الهجائية بعد، وكانت المعلومات التي تم تناقلها عنها شفهيا أو عن طريق الشعر فقط .
ومن أشهر الأقوال التي جاءت عن زرقاء اليمامة أن اسمها الحقيقي هو (زرقاء بنت نمير) ، وأنها نجدية تنتمي إلى أهل اليمامة وتحديدًا من جديس ، وروى بعض الأشخاص أن دقة نظرها كانت تُساعدها على أن ترى الشعرة البيضاء داخل اللبن وأنها كانت تستطيع أن تنظر الراكب على بعد مسيرة تمتد إلى ثلاثة أيام .
قصة زرقاء اليمامة
تحكي بعض الكتب العربية قصة زرقاء اليمامة التي اعتمدت على قوة بصرها وذكائها وقدرتها على الإبصار للإنذار عن قدوم الأعداء من بعد بعيد، وبالتالي يتم إعداد قومها للتصدي لأي هجوم عدائي يتعرضون له .
وفي إحدى المرات ؛ رأت زرقاء اليمامة من على بُعد شجر يسير وقامت بتحذير قومها منه وأن هذه الأشجار هي جيش الأعداء ؛ ولكنهم قابلوا ذلك بالسخرية منها ولم يصدقوها ، في حين أن الأعداء قد علموا بقوة بصر زرقاء اليمامة وقدرتها على التنبؤ بقدومهم ؛ فقاموا بقطع الأشجار والتخفي ورائها حتى لا تراهم ، وعندما وصل هؤلاء الغزاة إلى قومها وقاموا بالقضاء عليهم أدركوا صدق ما قالته زرقاء ولكن بعد فوات الأوان .
هناك الكثير من المشككين في صحة هذه القصة، ويعتقد البعض أن السيدة ربما كانت لديها قوة خارقة تتمثل في الفراسة والقدرة على التنبؤ بموعد وصول الأعداء، وأنها كانت تمتلك البصيرة وليس البصر .
زرقاء اليمامة في الشعر
دائما ما كان قدماء العرب يحرصون على تجسيد الأحداث الحياتية المختلفة في صورة أبيات شعرية يتناقلونها فيما بينهم ، وقد كانت زرقاء اليمامة إحدى الشخصيات التي حظيت باهتمام الشعراء ؛ حيث أن الكثيرين قد اتخذوها في أشعارهم كمثال على قوة وحدة البصر والذكاء والفطنة على النحو التالي :
شعر المتنبي عن زرقاء اليمامة
وأَبصر من زرقاء جوٍّ، لأنني
إذا نظرت عيناي ساواهما
شعر الأعشى عن زرقاء اليمامة
ذكر الأشعياء قصة زرقاء اليمامة مع قومها في معلقته الشعرية
إذْ نظرتْ نظرةً ليست بكاذبة
إذ يرفّعُ الآلُ رأسَ الكلب فارتفعا
قالت: أرى رجلاً في كفِّه كتِف
أو يخصِف النعلَ، لهفي أيّةً صنعا!
فكذّبوها بما قالت فصبّحهم
ذو آلِ حسّانَ يُزْجي الموتَ والشِّرَعا
فاستنزلوا أهلَ جوّْ من منازلهم
وهدّموا شاخصَ البنيان فاتَّضعا