شعر الفرزدق في المدح
الفرزدق هو همام بن غالب بن صعصعة الدرامي التميمي، وهو من أشهر شعراء العصر الأموي. يلقب بالفرزدق بسبب قصره وضخامته وكثافة وجهه. ولد الفرزدق في السنة الثامنة والثلاثين للهجرة، في عهد الخليفة عمر بن الخطاب في البصرة. اشتهرت البصرة بسوق العرب بعد ظهور الإسلام؛ إذ كانت تلك المدينة لها دور كبير في ازدهار التجارة والثقافة. توفي الفرزدق في العام 114 هجريا في البصرة، العراق.
من هو الفرزدق
يعد الفرزدق مثالًا أصيلًا لشعر الهجاء، ويرون النقاد الذين يتابعون تاريخ الشعر العربي أن معركة الهجاء المتبادلة بينه وبين الشاعر جرير، التي استمرت لأكثر من نصف قرن، هي أطول مطارحة شعرية بين شاعرين في تاريخ الأدب العربي.
يعتبر الفرزدق واحدا من رواد الشعر العربي في حكم الأمور في بلاد الشام، وله الفضل في تطوير فن الهجاء والفخر والتناقض في الشعر بشكل كبير، كما كان ماهرا في استخدام الكلمات والمعاني بين المدح والهجاء. وقد كتب الفرزدق شعرا عن القهوة والعديد من الأشياء التي يحبها الناس، مثل قصيدة المديح لرجل كريم وغيرها من الأشعار.
ويقول الفرزدق عن نفسه متفاخراً :
إذا مت فابكيني بما أنا أهله
فكل جميل قلته فيّ يصدق
موقف الفرزدق في الدفاع عن آل البيت
قيل أن هشام بن عبد الملك حج مرة، وأثناء الطواف حاول الوصول إلى الحجر الأسود ولم يستطع بسبب الازدحام، فوضع كرسيا وجلس عليه ينظر إلى الناس، وعندما جاء زين العابدين وطاف بالبيت، انشقت صفوف الناس ليصل إلى الحجر الأسود. فسأل رجل من أهل الشام عن هذا الرجل الذي هابه الناس بهذه الهيبة، فادعى هشام بن عبد الملك عدم معرفته به، وكان الفرزدق موجودا، فقال قصيدته المشهورة في مدح زين العابدين وآل البيت، التي يقول في مطلعها
يا سائلي أين حلّ الجودُ والكرمُ
عـندي بـيانٌ إذا طلابه قـدموا
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
يعرف البيت هذا والحل والحرم وصاحبه هو ابن خير عباد الله جميعًا
هذا التقي النقي الطاهر العلم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله
بجدّه أنبياء الله قد ختموا
ما قال لا قطّ إلاّ في تشهده
لولا التشهد كانت لاؤه نعم
إذا رأته قريش قال قائلها
إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
مدح خلفاء بني أمية ” الحجاج “
إنّ ابنَ يُوسُفَ مَحْمُودٌ خَلائِقُهُ
سِيئانِ مَعرُوفُهُ في الناسِ وَالمَطَرُ
هُوَ الشِّهابُ الّذي يُرْمى العَدُوُّ بِه
وَالمَشْرَفيُّ الّذي تَعصَى بهِ مُضَرُ
صفات الفرزدق
كان الفرزدق مغرورًا ومعتزًا بنفسه وجماله، حيث كان ماهرًا في اللغة وكان صريحًا وجريئًا، واشتُهِر بفصاحته وكرمه، ولم يكن يحب الجلوس لتناول الطعام وحيدًا، بل كان يتمسك بأخلاق عشيرته في الكرم والجود.
قصيدة الفرزدق أحب من النساء
أُحبُّ مِنَ النّسَاءِ، وَهُنّ شَتى.
حَدِيثَ النّزْرِ وَالحَدَقَ الكِلالا
مَوانِعُ للحَرَامِ بِغَيْرِ فُحْشٍ
وَتَبْذُلُ ما يَكُونُ لها حَلالا
وَجَدْتُ الحُبَّ لا يَشْفِيهِ
إلاّ لِقَاءٌ يَقْتُلُ الغُلَلَ النِّهَالا
أقُولُ لِنِضْوَةٍ نَقِبَتْ يَدَاهَا
وَكَدّحَ رَحْلُ رَاكِبِها المَحَالا
وَلَوْ تَدْرِي لَقُلْتُ لِا اشْمَعِلّي
ولا تَشْكي إليّ لَكِ الكَلالا
فإنّك قَدْ بَلَغْتِ، فلا تَكُوني
كَطاحِنَةٍ وَقَدْ مُلِئَتْ ثِفَالا
فإنّ رَوَاحَكِ الأتْعَابُ عِنْدِي
وتَكْليفي لَكِ العُصَبَ العِجَالا
وَرَدِّي السّوْطَ مِنْكِ بحَيْثُ لاقَى
لَكِ الحَقَبُ الوَضِينَ بحَيْثُ جَالا
فَماتَرَكَتْ لَها صَحْراءُ غَوْلٍ
ولا الصَّوّانُ مِنْ جَذْمٍ نِعَالا
تُدَهْدِي الجَنْدَلَ الحَرّيَّ
لَمّا عَلَتْ ضَلِضاً تُنَاقِلُهُ نِقَالا
فَإنّ أمَامَكِ المَهْدِيَّ يَهْدِي
بِهِ الرّحْمَنُ مَنْ خَشِيَ الضّلالا
وَقَصْرُكِ مِنْ نَدَاهُ، فَبَلّغِيني
كَفَيْضِ البَحْرِ حِينَ عَلا وَسَالا
نَظَرْتُكَ مَا انْتَظَرْتَ الله حَتّى
كَفَاكَ المَاحِلِينَ بكِ المحَالا
نَظَرْتُ بإذْنِكَ الدّوْلاتِ عِنْدِي
وَقُلْتُ عَسَى الّذِي نَصَبَ الجِبَالا
يُمَلّكُهُ خَزَائِنَ كُلّ أرْضٍ
وَلمْ أكُ يَائِساً مِنْ أنْ تُدَالا
فَأصْبَحَ غَيْرَ مُغْتَصَبٍ بِظُلْمٍ
تُرَاثَ أبيكَ حِينَ إلَيْكَ آلا
وَإنّكَ قَدْ نُصِرْتَ أعَزَّ نَصْرٍ
على الحَجّاجِ إذْ بَعَثَ البِغالا
مُفَصِّصَةً تُقَرِّبُ بِالدّوَاهي
وَنَاكِثَةً تُريدُ لَكَ الزِّيَالا
فَقَالَ الله: إنّكَ أنْتَ أعْلى مِنَ المُتَلَمّسِينَ لَكَ الخَبَالا
فأعطاكَ الخلاَفَةَ غَيْرَ غَصْبٍ
وَلَمْ تَرْكَبْ لِتَغْصِبَهَا قِبَالا
فَلَمّا أنْ وَلِيتَ الأمْرَ شَدّتْ
يَدَاكَ مُمَرّةً لَهُمُ طِوَالا
حِبَالَ جَمَاعَةٍ وَحِبَالَ مُلْكٍ
تَرَى لَهُمُ رَوَاسِيهَا ثِقَالا
جَعَلْتَ لَهُمْ وَرَاءَكَ فاطْمَأنّوا
مَكَانَ البَدْرِ، إذْ هَلَكُوَا هِلالا
وَليَّ العَهْدِ مِنْ أبَوَيْكَ
فِيهِ خَلائِقُ قَدْ كَمَلْنَ لَهُ كَمالا
تُقىً وَضَمَانَةً للنّاسِ عَدْلاً
وأكْثَرَ مَنْ يُلاثُ بِهِ نَوَالا
فَزَادَ النّاكِثِينَ الله رَغْماً
ولا أرْضَى المَعاطِسَ وَالسَّبَالا