ادببوح القصيد

شرح قصيدة تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

التعريف بالشاعر

هذا الشاعر والحكيم العربي الشهير هو أبو الطيب المتنبي، ويتميز بشخصيته الفريدة وغموضه. شعر المتنبي صعب فهمه وأحير الناس، وهذه هي الأسباب التي جعلت ابن رشيق يطلق عليه لقب `بمالئ الدنيا وشاغل الناس`. لقد ترك المتنبي مجموعة كبيرة من القصائد المتنوعة، بما في ذلك قصيدة الرياح التي تصفها بأنها أقوى مما يتحمله السفن. تعتبر قصائد المتنبي سجلا تاريخيا للأحداث في عصره .

و قد لقب المتنبي بهذا اللقب لعدة اسباب اختلف حولها المؤخرون فمنهم من قال انه ادعى النبوة في شبابه و لهذا لقب بذلك و منهم من قال لقب بهذا اللقب لما ورد عنه من ورع في خلقه و ولد المتنبي في الكوفة سنة ثلاث و ثلاثمائة و قد اختلف المؤرخون في نسبه و تعددت ايضا الاغراض الشعرية في شعر المتنبي و من هذه الاغراض :

  1. المديح
  2. الهجاء
  3. الفخر
  4. الرثاء
  5. الغزل
  6. لبوصف
  7. الحكمة

سبب كتابة قصيدة تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

نظم المتنبي هذه القصيدة وهو في مصر عندما بلغه أنه تم نعيه في مجلس سيف الدولة، وكان ذلك في حلب، وكانوا أيضا يريدون إفساد علاقته بسيف الدولة، فجعلوه يقلل من مكانته وشأنه بشتى المجالات، ولهذا السبب رحل المتنبي إلى مصر حيث رحب به كافور الأخشيدي في وقتها ولم يبخل عليه بالمال، ومن ثم وصله عن الفاسدين من حاشية سيف الدولة أنهم يدعون أن المتنبي قد مات أو قتل، ولهذا كتب هذه القصيدة  .

شرح قصيدة تجري الرياح

  • بم التعلل لا اهل و لا وطن            و لا نديم و لا كأس و لا سكن

التعلل هنا يشير إلى الملهى والنديم هو الشخص الذي يرافق الخمر والسكن هو المكان الذي يعيش ويستريح فيه الإنسان. المتنبي يتحدث عن نفسه قائلا إنه ليس لديه ما يشغل به نفسه، حيث أنه بعيد عن أهله ووطنه وأصدقائه ومجالسه. وفي تلك الفترة، عانى المتنبي من الوحدة والغربة والعدم الوفاء بما وعد به من دعم ومكان .

  • أريد من زمني ذا أن يبلغني      ما ليس يبلغه من نفسه الزمني

يقول المتنبي في قصيدته: أريدُ وأبتغي من زمني أن يوصلني إلى ما لم يصل الزمنُ بنفسه، ويقصد هنا أنه يريد أن يظل شابًا وسعيدًا وصحيًا ولا يصيبه الشيب أبدًا .

  • لا تهتم بالدهر، طالما يصاحب روحك ما لا يبالي

يخاطب المتنبي نفسه هنا ويقول: طالما أنت حيٌّ، فلا تهتم بالزمن وظروفه، فإنها تزول ولا تبقى، والشيء الوحيد الذي يذهب ويزول ولا يعود أو يستبدل هو الروح فحسب .

  • لا يدوم السرور إلا إذا كنت قد سررت به، ولا يتركك الحزن إلا إذا فاتك

يؤكد البيت السابق على أنه لا ينبغي على الإنسان أن يبالي بما يجلبه الدهر من أحزان وأفراح لأن كل شيء زائل، وسيرحل الحزن والفرح بمرور الوقت .

  • ما أضر بأهل العشق هو أنهم هيأوا ولم يتعرفوا على الدنيا ولم يفطنوا

و أهل العشق هنا تعني الذين يعشقون الدنيا و لم يعرفوا انها غدارة و يعني هذا البيت أنه احب الناس الدنيا من قبل ان يعرفوا هذه الدنيا على حقيقتها المرة و لم يعرفوا ايضا حقيقة الناس و ما فيهم من صفات الغدر و الخيانة و لو فطنوا لذلك ما أحبوا الدنيا و ما أضاعوا أيامهم و أنفسهم في سبيل ما لا يستحق .

  • يا من نعيت بعد مغادرته من مجلسه، كل شيء زعمه الناس عن زوجته

يقول المتنبي هنا إلى سيف الدولة أن كل من يزعم أنه مات في حضرته ووجوده، فإن روحه قد غادرت الدنيا كوديعة مثل ما يحدث لجميع الناس، وبالتالي فإن ادعاءه كذب .

  • كم قد قتلت و كم قد مت عندكم      ثم انتفضت فزال القبر و الكفن

في قصيدته، يقول المتنبي لسيف الدولة إنه قد حسبتم مرارًا وتكرارًا قتلي وموتي من خلال إشاعات حاشيتكم، ولكنه بعد ذللك تمكن من إزالة أذى القبر والتراب والكفن .

  • قد كان شاهد دفني قبل قولهم       جماعة ثم ماتوا قبل من دفنوا

يقول المتنبي إن جماعة من حاشية سيف الدولة زعموا أنه توفي جسدًا وليس روحًا، ولكنهم في الحقيقة هم الذين توفوا روحًا، أي أن أرواحهم قد ماتت، وظلت أجسادهم دون أرواحهم، وبسبب الأفعال الفاسدة التي ارتكبوها ضد المتنبي، يدل ذلك على سوء سلوكهم .

  • ليس كل ما يتمناه الإنسان يحققه *** الأمور تسير عكس رغباتنا

يقول المتنبي إن أعداءه، الذين هم حاشية سيف الدولة، يتمنون الموت له، ولكنهم لا يدركون ولا يحققون ما يتمنون. فالرياح لا تجري كلها على ما يريده السفن، ويرمز المتنبي بمثل السفن للتعبير عن خيبة رجاء حاشية سيف الدولة، وكثيرا ما تقال هذه المقولة: “تجري الرياح بما لا تشتهي السفن .

  • رأيتكم لا يصون العرض جاركم      و لا يدر على مرعاكم اللبن

يعبر المتنبي في هذا البيت عن الحسب والشرف، ويوجهه لسيف الدولة، حيث يقول إن من يجاوركم لا يقدر ولا يستطيع حماية عرضه، لأنه سيتعرض للإهانة من قبلكم وأنتم لا تهتمون، وإذا رعيتم المواشي في أرضكم فلن تنتج الحليب .

  • جزاء كل قريب منكم مل وحظ كل محب منكم ضغط

والضغن في اللغة يعني الحقد، ويقول المتنبي إن من كان قريبًا منكم، فقد أبغضتموه ومللتموه ولم تحبوه، ومن كان يحبكم، فحقدتم عليه، وأنتم لا تجازون المحب والغريب بما يستحق. وكان هذا أيضًا كلامًا يوجهه المتنبي لسيف الدولة وحاشيته .

  • وتغضبون على من استفاد منكم، حتى يعاقب بالتنغيص والمنع

الرفد هو العطاء، والتنغيص هو تشويه العيش، والمنّ هو العطاء، وهو التباهي بالمعروف، ويعرض المتنبي بسيف الدولة، قائلاً إن عطائكم لا يخلو من التشويه والمنّ والإيذاء .

  • إني أصاحب حلمي وهو بي كريم، ولا أصاحب حلمي وهو بي جبان

يقول المتنبي إنه يحلم بمن يؤذيه طالما كان حلمه مرتبطًا بكرامته، وإذا كان مرتبطًا بالذل والجبن، فلم يحلم ولم يصبر .

  • و لا أقيم على مال أذل به      و لا ألذ بما عرضي به درن

يقول المتنبي إنه لا يثبت ولا يبقى، ولا يتمتع بشرف يتسخ به، ولا يتلذذ بما يأكله شخص مذلول .

الأساليب الفنية في القصيدة

  1. تشمل الجمل الأسمية على التأكيد على الجمل الخبرية دون الربط بزمن الفعل، واستخدام النفي لتأكيد الجمل الخبرية، واستخدام التصريح لجذب انتباه المستمع، واستخدام السؤال البلاغي كسؤال إنكاري.
  2. يعتبر الالتفات إلى صيغة المتكلم وتحديد الزمن كإنسان واستخدام الجناس الناقص من الأسماء الشاملة الجميلة .
  3. إستعمال الاستعارة المكنية و الطباق .
  4. يتضمن استخدام المقابلة المضادة والمقابلة المؤيدة واستخدام اللفظ الاستعاري .
  5. إستعمال التشبيه التمثيلي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى