شرح قصيدة ” بانت سعاد فقلبي اليوم متبول ” لـ كعب بن زهير
نبذة عن الشاعر كعب بن زهير :
هو من الشعراء المخضرمين أي أنه أدرك الجاهلية و الإسلام ، و قد إنحدر من عائلة تعرف بإجادة الشعر و إتقانه ، و له العديد من الإخوة لكن بجير كان أقربهم إلى قلبه ، و عند نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه و سلم و إنتشار الإسلام ؛ قرر بجير الذهاب للمدينة المنورة لجمع المعرفة حول الرسول و الدين الجديد ، و قد إنتظره كعب بن زهير لكي يعود لكنه لم يعود أبدًا ، و هذا لأن الله شرح قلبه للإسلام و هداه على هدى نبيه .
مناسبة قصيدة بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
شعر كعب بن زهير بالغيظ بعد أن علم بدخول أخيه بجير الإسلام، وهاجم أخاه والإسلام في قصيدة كاملة، مما جعل رسول الله يغضب عليه ويبيح دمه، وبعد فتح مكة المكرمة ودخول المسلمين إليها، أصاب كعب بن زهير الرعب الشديد خوفا من أن يقتله أحد المسلمين، وتوجه إلى الصحابة ليتحدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يعفو عنه .
في النهاية، ذهب كعب إلى مسجد رسول الله وتمنى أن يعفو الرسول عنه، وفعل الرسول ذلك وخلع عنه بردته، وبعد أن أعلن إسلامه، سرد كعب تلك القصيدة المؤلفة من 85 بيتا لمدح رسول الله، وتعتبر هذه القصيدة من أجمل القصائد التي تم مدح الرسول فيها، ولقد تم ترجمتها لعدة لغات وشرحها من قبل كبار العلماء والمشايخ .
شرح قصيدة بانت سعاد
1- بداية القصيدة :
ظهرت السعادة، فقلبي اليوم مقلوب… مغرم بها لم يفلح في التخلص
ولم يكن هناك سعادة بعد فراقهم في الصباح الباكر سوى أغنية ضجيجية ضعيفة
هيفاء تأتي بلا حيلة ومخطط… لا يشتكي أي منزل منها ولا طويل
فما تدوم على حال تكون بها *** كما تلون في أثوابها الغول
تختفي علامات الظلم عند ابتسامتها * كأنها ينبوع يجلب السعادة والراحة
كانت مواعيدها مثل الأمثلة للدقة، ومواعيدها ليست إلا أوهاما
في قصيدته، بدأ كعب بن زهير بالمدح العفيف، ثم انتقل إلى ذكر حبيبته ومدى حبه وتعلقه بها، وهذا كان من طباع العرب في قصائدهم، حيث كانوا يبدأون قصائدهم بالمدح للشخص الذي يريدون كتابة القصيدة عنه، ثم ينتقلون إلى ذكر عشيقتهم ومدى حبهم ووفائهم لها .
2- الدخول في الغرض الأساسي للقصيدة :
كل ذكر وإن طالت سلامته *** يوما على ظهر الجمل محمول
أخبرت أن رسول الله وعدني *** والعفو عند رسول الله مأمور به
مهلا، الذي أعطاك نافلة القرآن بها عبر وتوجيهات
قد قمت بدور لو يقوم به غيري … أرى وأسمع ما لو يسمع الآخرون
لن يتوقف الرعد إلا بإذن الله حتى يكون له *** رسول ينوي ذلك
لذاك أهيب عندي إذ أكلمه *** وقيل إنك مسبور ومسؤول
من ضيغم من ضراء الأسد مخدرة *** ببطن عثر غيل دونه غيل
إن الرسول لنور يستضيء به، مهند من سيوف الله المسلول
في فرقة من قريش قال أحدهم *** عندما أسلموا: `انزلوا في بطن مكة`
ذهبوا وظلت الآثار والأسرار، لا تكشف عند اللقاء، ولا يظهر الشوق
بعد الإنتهاء من ذكر المحبوبة ، توجه كعب إلى مدح الشخص التي تكتب القصيدة من أجله و هو رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فذكر عفوه و تسامحه ، ويذكر أن الدنيا فانية لا يخرج الإنسان منها بشئ ، و ينتقل كعب بن زهير إلى الإعتذار من سيد الخلق على الإهانة التي وجهها كعب للإسلام و المسلمين ، و يظهر مدى خوفه من وعيد الرسول صلى الله عليه وسلم ، و إرتعاد جسده من هيبة و عظمة رسول الله ، و يعود كعب ليصف مدى راحته و إطمئنانه عندما عفا عنه الرسول صلى الله عليه وسلم .
وفي المنزل الذي يبدأ فيه `إن الرسول لنور يستضاء به`، أشار الرسول إلى هذا المنزل لأصحابه لكي يستمعوا إليه، بسبب محبتهم وتكريمهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وبعد أن انتهى كعب من مديح الرسول، تحدث عن المهاجرين وصفا لهم بأفضل الصفات والأخلاق الحميدة والنبل والجود. وبعد انتهاء كعب من قصيدته، قام الرسول عليه الصلاة والسلام بخلع رداءه وأهداه لكعب بن زهير .
معنى كلمة متبول في قصيدة كعب بن زهير
استخدم كعب بن زهير كلمة “متبول” للتعبير عن شدة الألم والحزن والأسى في القلب، وهي في الأساس اسم مفعول يأتي من كلمة “التبل.
الأساليب البلاغية في قصيدة بانت سعاد
ظهرت في هذه القصيدة عدة أساليب بلاغية، من بينها:
” بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ ** مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُفدَ مَكبولُ
وما سعادُ غداةَ البين إذ رحلوا، إلا أغنُّ غضيضُ الطرفِ مكحولُ
وكما تُمسكُ الماء الغرابيل، لا يمسك الوصل الذي زعمت به
كانت مواعيد عُرقوب لا قيمة لها وكانت كلها باطلة
في هذا البيت الشعري، يبدأ الشاعر بالغزل ويطلق على محبوبته اسم `سعاد`، ويشبه رحيلها بالغزال الذي يرحل وينام عينه.
قال المتكلم: `اصبر قليلاً، فالذي أعطاك نافلة من القرآن بها عِظات وتفصيلٌ`
لا تأخذني بأقوال الشائعات، ولو كثرت الأقاويل عني فلم أذنب
إِنَّ الرَسولَ لَنورٌ يُستَضاءُ بِهِ مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللَهِ مَسلولُ”
جاءت كلمة إن الرسول لسيف : أوجز وصف النبي صلى الله عليه وسلم بمقارنته بالسيف الحديد القوي والمتميز.
لا يجب أن يخدعك ما وعدت به أو ما توقعت، لأن الأماني والأحلام قد تكون مضللة
تم استخدام الأسلوب البلاغي هنا من خلال استخدام الطلمة للتأكد من عدم الوفاء بالوعد من قبل حبيبته.
التشبيه في قصيدة بانت سعاد
فيما يلي نماذج على التشبيه في قصيدة بانت سعاد:
ولا تتشبث بالعهد الذي يزعمون، إلا كما يتشبث الماء بالغرابيل
في هذا المثل، يشير الشاعر إلى عدم تمسكها بوعد موثوق به، ويستخدم مصطلح “الغرابيل” كمثال على الوعود، ويشير إلى محبوبته سعاد وتم حذفه من القصيدة.
“وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا إِلّا أَغَنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولُ”
تم وصف سعاد بأنها مثل الظبي لأن جمالها شديد، وتم حذف الاشتباه في الظبي.