شرح حديث ليس المؤمن بالطعان
معنى حديث ليس المؤمن بالطعان
ورد في السنة النبوية الشريفة حديث يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، وهو مروي عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، ويقول الحديث: “المؤمن لا يسب ولا يلعن ولا يتفحش ولا يتنجس”، وهو من الأحاديث الصحيحة الموثقة بالسند، ويتضح معناه وشرحه كالتالي:
- لا ينبغي للمؤمن أن يطعن في الناس، وإن استخدام كلمة الطعن هو صيغة مبالغة للطعن في الآخرين بدون حق، وهذا الخلل من الخصال القبيحة التي يمكن للمؤمن أن يتصف بها، كما أنها من الصفات السيئة التي تذم المسلم وتؤدي إلى دخول صاحبها النار.
- في الحديث الصحيح، قال رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام: “لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر”. وكان هذا الحديث جوابا لسؤال الصحابة عن معنى الكبر، حيث أن بعضهم يحب أن يرتدي ثيابا جميلة وبعضهم يحب أن تظهر على نعاله وثوبه جمال المظهر. ولكن الكبر هو بطر الحق واستصغار الناس.
- البطر يعني رد الحق بعد ظهوره، وأما الغمط فيعني الطعن في الناس بدون حق.
- فإذا كان أي شخص يمتلك أي من خصال الكبر المذكورة من قبل الرسول عليه الصلاة والسلام، مثل التجريح بالمسلمين بدون حق أو الرد على الحق بعد ظهوره، فإنه سيدخل النار ولن يدخل الجنة أبدا.
- ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: لا يسمح بالكلام الفاحش أو البذيء، وكلاهما يعني اللغة البذيئة بالإضافة إلى الكلام الفاضح.
- فالمؤمن لا يجوز له أن يتصف بصفات قبيحة، فيجب أن يبتعد عن القدح والعيب بالإضافة إلى الوقوع في أعراض الناس، وليس من صفاته الشتم واللعن، ولا أن يطعن في الناس، ومن الممكن أن يكون الطعن بالنسب أو بالعرض أو بالشكل والهيئة، بل إن المؤمن ما يميزه هو قوة إيمانه بالإضافة إلى اتصافه بمكارم الأخلاق التي تزيده رفعة وسمو وتبعده عن كل ما هو قبيح.
وهناك حديث آخر عن أبي الدرداء يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: `لا شيء يكون أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيء`. هذا الحديث رواه الترمذي ووصفه بأنه حديث حسن صحيح، ويمكن تفسيره على النحو التالي:
- ففيه فضيلة حسن الخلق، بالإضافة إلى كف الأذى وبذل الندى.
- – يتجلى في الإسلام قيمة الحسن الخلق، وأن الأعمال العظيمة والثقيلة في ميزان العبد يوم القيامة هي حسن الخلق، ولذلك على المؤمن أن يسعى جاهدًا للحفاظ على الخلق الحسن.
- وقد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام عدة أحاديث عن حسن الخلق ومنها، قال: ” أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم”، ويقول ﷺ: “إنَّكم لن تسعوا الناسَ بأموالكم، ولكن يسعهم منكم بسطُ الوجه، وحُسن الخلق”، ويقول: “أنَّ الإنسان بخُلقه الحسن يبلغ درجةَ الصَّائم القائم”.
- إن الله تعالى يكره المسلم أو المؤمن الذي يتصف بالسوء ويتحدث بلسان فاحش.
إعراب ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان
إعراب حديث الشريف `ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذي` هو كالتالي:
- ليس فعل ماض ناقص وإنما ينتمي إلى صيغة كان المبنية على الفتح الظاهر.
- المؤمن: اسم غير مرفوع ويشير إليه الضمة الموجودة في آخره.
- بالطعان: الباء حرف جر زائد، والخبر غير منصوب، وعلامة نصبه الفتحة التي تمنع ظهورها من خلال اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، أو يمكن إعرابها بأنها اسم مجرور لفظا ومنصوبا محلا على أنه خبر غير منصوب.
- و : حرف عطف.
- لا: نافية لا عمل لها.
- اللعان أو الفاحش أو البذيء كلهم نفس الإعراب ويعربوا: اسم معطوف على الطعن، يتم تحليله كمجرور ويعمل على إعطاء خبر ليس حقيقيا.
صحة حديث ليس المؤمن بالطعان
يجب على المسلم أن يتجنب استخدام الألفاظ البذيئة وينطق بالكلمات الحسنة دائما، وذلك بناء على حديث صحيح رواه الترمذي والحاكم وصححه الألباني، وقد ثبت أن الحديث يقول: `ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش البذيء`، كما أن هناك أحاديث أخرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحث على الابتعاد عن الألفاظ البذيئة والصفات الغير حميدة، ومنها قوله تعالى في سورة البقرة آية 83: `وقولوا للناس حسنا`
- وقال عليه الصلاة والسلام لمعاذ: “كف عليك هذا يعني لسانه، قال وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به، قال: ثكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم. رواه الترمذي.
- وقال صلى الله عليه وسلم: القول “سباب المسلم فسوق وقتاله كفر” متفق عليه.
فيحرم على المسلم التكلم بكلام يؤذي المسلمين ويكون فيه الشتم والسباب، حسب ما ورد في السنة النبوية الشريفة ولقوله تعالى في سورة الأحزاب آية 58: “وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا “.
معنى الطعان واللعان والفاحش البذيء
تم ذكر كلمات الطعان واللعان والفاحش البذيءفي الحديث الشريف الذي تم شرحه سابقاً في هذا المقال بشرح وافٍ، ولكن سنسلط الآن الضوء على معاني هذه الكلمات ومعانيها اللغوية، وهي على النحو التالي:
- تعني كلمة `الطعان` الشخص الذي يتميز بكثرة السب والشتم للآخرين.
- اللعان هو الشخص الذي يلعن الناس، واللعان هي صفة مبالغة، والمقصود هنا أنه شخص كثير اللعن.
- الفاحش هو الشخص الذي يتصف بالسوء في القول والفعل.
- البذيء هو كلمة تستخدم لوصف الكلام القبيح واللغة البذيئة، بالإضافة إلى السفالة والفحش حتى لو كان صادقا.
- يعني `ليس المؤمن` أي شخص ليس كاملا في إيمانه.
وإن الفوائد التي نجنيها من هذا الحديث الشريف هي كالتالي:
- الميزان الحقيقي هو الذي يقيس أعمال العبد في يوم القيامة.
- إن الله عز وجل يبغض الفاحشة.
- في هذا الحديث الشريف يوضح رسولنا الكريم أنه يجب على المؤمن أن يبتعد عن الأخلاق القبيحة ويرفض التصرف بهذه الأخلاق لأنها لا تناسب الصفات المطلوبة للمؤمن الكامل الإيمان.
- يجب السعي لصفات الحسن الخلق، حيث إنها تكسب صاحبها محبة الله عز وجل ومحبة عباده، بالإضافة إلى أنها تعد من أفضل الأعمال التي يتم توزينها يوم القيامة.