احاديث نبويةاسلاميات

شرح حديث ” تجدُ مِن شرِّ الناس يومَ القيامة عند الله ذا الوجهين “

تعريف ذو الوجهين

الشخص ذو الوجهين هو الشخص الذي يظهر للناس بوجه حسن طلق، ويحمد ويتحدث معهم بحب مثل صديق يتمنى لهم الخير، ولكنه في الواقع يخفي الشر ولا يكن لهم أي حب، وعندما يديروا وجوههم عنه يتحدث عنهم بسوء، ويكشف أسرارهم التي يعرفها، وينتقص من قيمتهم بأمور غير حقيقية، ويظن أنه بذلك سيحظى برضا ومحبة الجميع، ولكن الحقيقة أن الله لا يرضى عنه ولا عن أفعاله، وسيكون من أشرار الناس في يوم القيامة، وليس لديه وجاهة عند الله، سبحانه وتعالى، كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

صفات ذو الوجهين

يمكن التعرف على هذا الشخص من خلال الصفات التالية للشخص ذو الوجهين

  • لا يتماشى حديث الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم “لا ينبغي لذي الوجهين أن يكون أميناً” مع الأمانة، ويعتبر هذا نقصًا كبيرًا في الشخص.
  • ينشر الشائعات ويتحدث عن الناس في غيابهم بما يزعجهم.
  • الشخص الكاذب هو من يذكر الآخرين بعيوب ومساوئ ليست فيهم ولا تنتمي إلى أخلاقهم.
  • هو منافق ومتملق يظهر للناس ما لا يدل على حقيقته، يمدح كل شخص وكل طائفة ويظهر لهم أنه معهم وضد أعدائهم، وإذا قابل أحدًا من أعدائهم يمدحه ويذم أصدقاءهم أمامه.
  • يسبب النمشي بين الناس تشويهًا في الصورة النهائية للأشخاص، حيث ينقل الكلام من شخص إلى آخر ويذكر لهم الأشياء السيئة التي قالها شخص ما في لحظة غضب، مما يؤدي إلى حدوث الكراهية والبغضاء بين الناس.
  • المخادع هو الشخص الذي يخدع أي شخص آخر لتحقيق مصالحه الشخصية ومآربه، دون اعتبار لأي شخص آخر وحتى لو ادعى أنه صديقه.
  • يحب أحاديث النميمة ومجالسها، ولا يتحدث إلا بالسوء عن الآخرين، ويتتبع عورات الناس، وإذا وجد شيء يضر شخصاً ما، يدور حوله ويتحدث به إلى الآخرين.
  • بخلاف الذي ينتقد الآخرين في ظهورهم، يكون الشخص ذو الوجهين كثير المدح للآخرين في وجوههم، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: `إذا رأيتم الثناء فرموا التراب في وجوههم`

شرح حديث ذو الوجهين

شرح النووي معنى الحديث حيث أوضح أن المراد منه هو إنكار النفاق المحرم، حيث يقصد الحديث أن يأتي شخص لطرفين بينهم خلاف أو عدم اتفاق، ثم يذكر لكل طرف ما يرضيه ويعجبه، وينتقد أفعال الطرف الآخر ويذمها، بينما الفعل الصحيح الذي يرضى الله عز وجل هو إصلاح الخلاف بين الناس.

يجب على الشخص أن يذكر الأعمال الحسنة التي قام بها كل طرف وأن يتجاهل الأقوال السلبية وعدم ذكرها، حتى لو كانت صحيحة. يجب أن يكون الهدف من ذلك هو تصليح العلاقات بين الناس. أما القيام بالعكس فإنه مذموم عند الله. قد أوضح الغزالي أن الشخص ذو اللسانين هو الشخص الذي يتواجد في اجتماعين مختلفين وينقل ما قيل في الاجتماع الأول للأجتماع الثاني. والأسوأ من ذلك هو نقل الأقوال من كلا الجانبين، حيث يذكر لكل اجتماع ما قيل من قبل أصحاب الاجتماع الآخر بهدف تعميق الخلافات بين الأطراف.

صحة حديث إن شر النَّاسِ ذو الوجهين

الحديث حسن وصحيح وقد أثبت ذلك البخاري ومسلم في صحيحيهما، ولقد ذكر الرسول العديد من الأحاديث والآيات من القرآن الكريم التي تحمل نفس المعنى

  • يذكر الله في سورة البقرة أن هناك أناسًا يعجبون بقولهم في الحياة الدنيا ويشهدون الله على ما في قلوبهم، وهم أشد الخصام والنزاعات، وعندما يتولون الأمر يسعون في الأرض لتدميرها وتخريبها وإفساد الحرث والنسل، وهذا لا يحبه الله. وإذا نصح بهؤلاء الأشخاص وقيل لهم اتقوا الله، فإنهم يتمادون في الإثم ولا يستجيبون للنصح، وسوف يكون مصيرهم النار، وما أسوأ المصير.
  • قال رسول الله: “من كان له وجهان في الدنيا، كان له لسانان من نار يوم القيامة”، وهذا الحديث رواه أبو داود.
  • ستجد الناس معادنا، واختيارهم في الجاهلية يظل اختيارهم في الإسلام عندما يتعلمون، وستجد أن خير الناس في هذا الأمر هم الأكثر كراهية له، حتى يقعوا فيه، وستجد أن شر الناس هو ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه.” وقد رواه أبو هريرة.

عاقبة من يعمل عمل ذو الوجهين

يتساءل بعض الناس عن حكم العمل بوجهين، والحقيقة أنه لا يوجد له حكم محدد في الإسلام، فهو من الأعمال الخفية التي سيحاسبها الله في يوم القيامة لأنه فقط يعلم خبايا الأعين وما يكتمه الصدور. أما البشر فإنهم يظهرون فقط ما يظهر لهم، لأنهم لا يعلمون ما في أنفس الآخرين. وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث عاقبة العمل بوجهين عند الله تعالى وهي:

  • يأتي ذو الوجهين يوم القيامة وله لسانان من النار.
  • يكون من بين أشرار الناس في الدنيا الذين يبغضهم الله عز وجل وسيكونون على نفس الحال يوم القيامة ما لم يتوبوا.
  • لا يكون وجيهًا عند الله.

ما يجب عليك نحو ذي اللسانين

  • لا تصاحبه أبدًا، مهما كان حديثه لطيفًا ومهمًا، ولا تدعه يخدعك بأنه يحبك ويريد ودك دون الآخرين.
  • إذا تحدث شخص معك عن الناس، فلا تشاركه في حديثه، لئلا تحمل الذنب عند الله، فقد قال تعالى عن الذين يندمون على أفعالهم يوم القيامة `وكنا نخوض مع الخائضين`.
  • لا يجب الاعتماد على كل ما يقوله، فهو لا يتحدث إلا بالكذب وهدفه تثبيت الشائعات بين الناس.
  • إذا قال لك شيء قاله الآخرون عنك، فلا تهتم ولا ترد عليه بأي شيء لأن من قال لك سيقول عنك أيضًا، وإذا قلت شيئًا فسوف ينقله للآخرين.
  • يجب تجنب مشاركة الأسرار مع هذا الشخص لأنه سيكشف عنها ويخبر بها أي شخص يعرفه، ويجب تجنب ذكر أي خير عندك لأنه يتمنى الشر لك وللآخرين، ولا يحب أن يرى أي شخص يفوقه.
  • لا تأخذ منه شيئًا ولا تعطيه، لأنه نمّام شديد التشهير والحسد.

ذو الوجهين أقوال

هناك الكثير من الأقوال التي ذكرت عن هذا النوع من المنافقين الذين يظهرون عكس ما يبطنون، ونذكر هنا بعض العبارات عن الشخص الذي لديه وجهان

  • قال علي رضي الله عنه: `إياك والنفاق، فإن ذا الوجهين لا يكون وجهًا صالحًا عند الله`
  • حديثهم شيء، وحقيقتهم شيء آخر.
  • عندما يصبح الإنسان مثل العملات المعدنية، يقضي وقته يتنقل بين جيوب الآخرين.
  • ثلاثة لا تتعاطف معهم: من يجرحك ليضحك على حسابك، من يراقبك ويبحث عن أخطائك، ومن لديه وجهين؛ ملاك بوجهه وشيطان بعقله.
  • قال الشاعر أسامة سليم: `من أسوأ الأمور أن يتعرض الإنسان لبلية تبلى بحاشية النفاق، فيدس السم في الجرح`
  • واحد من الحكماء قال: `أحب أن يكون لي نصف لسان ونصف وجه، بدلًا من أن أكون ذو وجهين وذو لسانين، بسبب قبح المنظر وسوء المخبر في الأخير`
  • قال الكاتب جبران خليل جبران: `وضعت على بابي ضع نفاقك خارجًا وأدخل، فلم يزرني أحد`
  • يتحدث بعض الأشخاص بثقة عن الطيبة، ولكنهم في الواقع يمارسون النفاق بإبداع.
  • المنافق هو الشخص الذي يمدحك في الحشد ويخونك في الخفاء.
  • قال مصطفى صادق الرافعي عن النفاق: “لا يرضى عن النفاق إلا الجاهل، حيث يكتفي العالم بالعلم المكتسب دون الاندماج بالنفاق أو الاستكبر على ما هو حوله
  • قال الشاعر “لا فائدة في محبة رجل مزدوج اللون، لسانه حلو وقلبه مشتتع، حيث يأتيك الحلاوة من لسانه ويخدعك كما يخدع الثعلب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى