احاديث نبويةاسلاميات

شرح الحديث ” إن الله زوى لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها “

قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل زوى لي الأرض، حتى رأيت مشارقها ومغاربها، وأعطيت الكنزين الأبيض والأحمر، ودعوت الله ألا يهلك أمتي بسنة بعامة، وألا يسلط عليهم عدوا يقتلهم بعامة، وألا يلبسهم شيعا، وألا يذيق بعضهم بأسا بعضا، وأنا عليه الصلاة والسلام قد قضيت قضاء لأمتي، فإنه لا يرد، وأعطيت لأمتي أن لا يهلكوا بسنة بعامة، ولا يسلط عليهم عدوا ممن سواهم، ليقتلهم بعامة، ولا يلبسهم شيعا، ولا يذيق بعضهم بأسا بعضا، ولكن بعضهم يهلك بعضا، وبعضهم يقتل بعضا، وبعضهم يسبي بعضا.” [حديث صحيح]

شرح الحديث:
جاء الحديث بمجموعة من الأخبار العظيمة وفيه أن الله تعالى طوى الأرض وما عليها حتى جعل حجمها صغير فاستطاع رسول الله صل الله عليه وسلم رؤيت المشرق والمغرب في آن واحد، وعلم أن ملك أمته سوف يبلغ الأرض من مشارقها إلى مغاربها، وهو خبر عن المستقبل أوحى به الله إليه أن المسلمين سوف ينتصرون على مملكة الفرس في المشرق والروم وبلاد الأندلس في المغرب.

ومنحه وأمته الكنزين الأحمر والأبيض؛ فالكنز الأحمر هو الذهب وهو الغنائم التي حصل عليها المسلمون من الفرس، والكنز الأبيض هو الفضة وهو الغنائم التي حصل عليها المسلمون من الروم. وبشكل عام، يشير ذلك إلى الغنائم التي أنعم الله بها على المسلمين من خلال الانتصارات الإسلامية، وهو ما تحقق بعد ذلك تأكيدا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم .

ثم دعا رسول الله ربه أن لا يصيب أمته بالجدب أو القحط، حتى لا تخرب أموالهم ومحاصيلهم ولا يهلكوا جميعا. ودعا لهم أن يحميهم الله من أي اعتداء من الكفار، حتى لا يستولي الأعداء على أموال المسلمين وأعراضهم. وأخبره الله تعالى أن قضائه وقدره حتمي ولا يمكن تغييره، وأنه استجاب لدعوته بأن يحميهم من القحط كما حدث في الأمم السابقة، ولكنه يصيب بعض البلاد دون البعض الآخر.

وبناء على ما يقوله الله تعالى، الدعوة الثانية مستجابة، ولكنها مشروطة بأن يجتمع الأمة على كلمة واحدة، وهي كلمة الحق، وأن لا يقتتلوا بينهم. فإذا انفتقدوا للاتفاق وتصارعوا، سيعاقبهم الكفار تعزيزا لهم. وقد تحقق ذلك في خلافة أبي بكر وعمر – رضي الله عنهما – حيث اجتمع المسلمون على الحق وكانوا متحابين ومتحامين. ولكن عندما حدثت الفتنة في عهد عثمان بن عفان – رضي الله عنه – وتفرق المسلمون وقتل عثمان، عاقبهم الله بأعداء من الكفار وظهرت الفتن والضلالة حتى اليوم. إذا، إذا كان قادة المسلمين وأئمتهم من أهل الضلالة، ستضل الأمة بأكملها. وإذا كان قادة المسلمين من دعاة الحق وأهله، ستتصلح حالتها وستنهض وتقود العالم بفضل الله.

ما يستفاد من الحديث:
إخبار الرسول بالأمور التي ستحدث في المستقبل يشير إلى صدق رسالته.
تعبر رحمة النبي صلى الله عليه وسلم عن قلقه على أمته جرّاء الجفاف والجدب.
دعاء الرسول لأمته بأن يحميهم الله من سيطرة الكفار عليهم إلى الأبد.
الاجتماعُ الذي يجمعُ المسلمين على كلمةِ الحقِّ شرطٌ لحفظِ الأمةِ من غلبةِ الكفارِ عليهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى