سيرة الكاتب روبرت بيرتون
هو كاتب إنجليزي شغوف بالكتابة إلى حد كبير، ولد في ليندي بإنجلترا في شهر فبراير لعام 1577 ودرس لفترة طويلة في جامعة أكسفورد البريطانية، سواء كطالب بها أو كزميل في كنيسة المسيح. تخصص بيرتون في دراسة علم الرياضيات وكان له باع طويل في التنجيم، ثم تعرض لدراسة العديد من المجالات الأخرى، وكانت حياته تميل إلى الغموض كثيرا .
على الرغم من أنه كان مرحا وودودا في بعض الأحيان، إلا أن الكآبة كانت تسيطر عليه بشكل كبير وكانت سببا رئيسيا لشهرته وملاصقتها لسيرته. وشغل منصب النائب في كنيسة سانت توماس عام 1616 وظل به لفترة طويلة من عمره. كان يميل دائما إلى جو الصمت والانعزال بشكل كبير ويرى في ذلك عين الاستقرار من وجهة نظره. وكان يحاول دائما نشر هذا المنطق لمن حوله، بسبب إيمانه الشديد بذلك .
سيرة الكاتب روبرت بيرتون
تأثر بيرتون بشدة بالحزن، حتى أصبح يسيطر عليه وعلى آرائه بشكل كبير، وهذا ما توضحه كتاباته التي تركها وراءه. تدور معظم كتاباته حول الكآبة، ويعود البعض إلى أن ذكر الحزن في كتاباته يعبر عن انعكاس سيطرة الحزن على حياته وتفكيره. حازت كتاباته على إعجاب القراء حتى في القرون التي تلت رحيله بسبب صدق مشاعره الواضحة في معظم كتاباته، ويميل في كتابته إلى الأمور الفلسفية .
وجهة نظر بيرتون في الحياة
كان لبيرتون وجهة نظر خاصة في الحياة، حيث كان يعتقد أن حياته هادئة ومنعزلة ومستقرة، وهذه النظرة المشاهدة للحياة أضافت نوعا ساخرا إلى تجربة البشرية. وعلى الرغم من كونها ساخرة، إلا أنها تعكس الواقعية ولا تبتعد كثيرا عن تجارب الناس. كما كان يميل إلى دمج الحياة اليومية مع بعض أشكال الترفيه والمرح، وكان ينصح الجميع بضرورة التمسك ببعض الأفكار العقلية، ودعا لربط الاضطرابات البشرية بمبادئه المسيحية التي كان يؤمن بها .
كتاب تشريح الكآبة
تشريح الملنخوليا أو تشريح الكأبة من الكتب التي نالت إعجاب الكثيرين من القراء في شتى العصور المختلفة بسبب فلسفته التي كان يتبعها عن سرده للكتاب ، حيث أن تلك الفلسفة ارتبطت بشكل كبير بأفكاره التي كان يؤمن بها ويعتقدها ، تطرق في كتابه تشريح الكآبة إلى عدة مجالات وقضايا مختلفة قام بمناقشتها في تشريح الكآبة .
ظهرت في هذا الكتاب ثقافة بيرتون بسبب استخدامه للعديد من المصطلحات الغريبة التي تميل إلى التعقيد وعدم الفهم في بعض الأحيان، وهذا يعكس شخصية بيرتون وحياته التي كان يميل فيها إلى الغموض في الكثير من الأحيان في فهمه وتعامله مع الأمور الحياتية التي كان يواجهها .
ومن الأمور التي سيتم مناقشتها في هذا الكتاب، قضية اليأس. وقد أعرب بيرتون عن رأيه في العلاج من هذا الداء، مشيرا إلى أنه يتطلب مزيدا من التأمل والحكمة. وقسم كتابه “الكآبة” إلى عدة أقسام، حيث تناول القسم الأول الكآبة وذكر الأسباب الرئيسية لها، كما فند أيضا الأعراض المساعدة في تشخيص هذا المرض. وتناول القسم الثاني من الكتاب علاج الكآبة، بينما تحدث القسم الثالث عن الحزن والحب، وذكر بعض الأمثلة التي تتعلق بالحب من الأحداث الحقيقية التي حدثت معه. ثم تطرق إلى الحديث عن الأمور النفسية التي تعرض لها في مسيرة حياته .
يتناول القسم الرابع من كتاب شرح الكآبة الحزن الديني، ويعالج في هذا القسم من الكتاب الإحباط وأسبابه، ويحاول إيجاد حلول واقعية لهذا المرض النفسي الذي يؤدي في بعض الأحيان إلى الاكتئاب الشديد، ويتحدث الكاتب عن هذا المرض الخطير، وتتميز كتابات بيرتون بالحيوية والنشاط والأسلوب السهل المتمثل في الأسلوب العامي في بعض الأحيان، وتتميز مواضيع بيرتون بالتفرد والتميز عن الكثير من الكتابات الأخرى، كما يميل في كثير من الأحيان إلى المواضيع الخيالية التي ينجح فيها الكتاب المحترف والمتمكن والمتمرس فقط، وهذه هي الأقسام الرئيسية التي يتضمنها الكتاب والتي تتناول القضايا والموضوعات الرئيسية التي تشغل الكاتب وفكره .
وفاة الكاتب روبرت بيرتون
بعد حياة مليئة بالكتابة الفلسفية والآراء، انتقلت روح الكاتب الإنجليزي روبرت بيرتون في الخامس والعشرين من يناير عام 1640. ترك وراءه عالما كان يعيش فيه معزولا ومنعزلا عن الرغبات الدنيوية. وعلى الرغم من شهرته بالكآبة والحزن، إلا أنه كان يميل إلى الفرح بأساليبه الخاصة. كان يزور جسر القدمين ليستمع إلى البسطاء ويشاهد حياتهم اليومية في الطعام والشراب وغيره. انتشرت شائعة أنه قد انتحر شنقا في كنيسة المسيح، لكن بعض الناس يرون ذلك مجرد شائعة بدون أساس. توفي روبرت ودفن في كاتدرائية كنيسة المسيح، التي قضى فيها معظم أيام حياته .