سيرة الصّحابي أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه
نسبه: يدل الرقم (2613) على خالد بن زيد، الذي هو من خزرج ومن أهل المدينة، وينتمي إلى عائلة ثعلبة بن عبد بن عوف بن غنم. كان أخا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكان صديقا لمصعب بن عمير. توفي ابنه، وتوفي هو ولم يكن لديه أحد يرثه.
إسلامه وتبرّكه بالنبيّ عليه السلام:
كان من أوائل المسلمين قبل الهجرة، وقد بايع النبي في بيعة العقبة الثانية للجهاد في سبيل الله والدفاع عن النبي. خصّه النبي بالنزول عليه في بني النجار لمدة شهر، حتى بنى خالد بن زيد المسجد النبوي الشريف وبيوتالنبي.
عندما دخل النبي عليه السلام المدينة المنورة، خرج الناس يتطلعون لوقوف ناقته عند بيوتهم، فيحاولون جذب انتباهه ويهتفون: “يا رسول الله، هنا! هنا!” ولكنه يأمرهم بتركها لتذهب حيث أمر بها، وسارت الناقة حتى وصلت إلى بيت أبي أيوب وتوقفت هناك، وكان ذلك مبركا لصاحب البيت.
وكان أبو أيوب يتبع يده النبوية في تناول الطعام، ويأكل منها.
تكريمه للنبيّ عليه السلام: نزل النبي إلى منزل أبي أيوب الذي يتكون من طابقين، وقد اختار النبي النزول في الطابق الثاني، ولكنه كره أن يكون فوقه، فاختار النبي الطابق الأرضي ليحرص على راحة زائره. وبالتالي، كان أبو أيوب وزوجته حريصين على عدم إزعاج نبي الله، فكانا يتحلىان بالحذر في خطواتهما وتحركاتهما ويتجنبان إزعاج النبي بأي شكل من الأشكال.
روى أبو أيّوب قصة عندما اختار النبي النزول في الطابق الأول، فانكسرت جرة ملؤها ماء، فهرع هو وزوجه لمسح الماء بقطعة قماش لا يوجد لديهم سواها من اللحاف، خشية أن يصل الماء إلى النبي ويؤذيه.
كان أبو أيوب يتبرك بالنبي في كل ما استطاع التبرك به، فكان يأكل من بقايا الطعام العالقة على لحية الرسول عليه السلام، ويتتبع آثار أصابعه في الطعام، فيأكل مما لامسته من الطعام، ويطعم من نفس القصعة التي أكل منها النبي.
روايته عن النبيّ: روى النبي الكثير من الأحاديث، وله مائة وخمسة وخمسون حديثا، سبعة منها في صحيح مسلم، وحديث واحد في صحيح البخاري، وخمسة في صحيح مسلم.
أفادت به العديد من الأشخاص، منهم جابر بن سمرة، والبراء بن عازب، والمقدام بن معديكرب، وعبد الله بن يزيدي الخطمي، وجبير بن نفير، وسعيد بن المسيّب، وموسى بن طلحة، وعروة بن الزّبيرة، ومحمد بن كعب، وآخرون.
وعن محمد بن كعب، أنّ أبا أيوب كان يخالف مروان، فقال: وقد سُئل أبو مروان عن سبب قيامه بذلك، فأجاب: إني رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي بهذه الصلوات. فإذا كنت توافقه في ذلك، فنحن نوافقك، وإذا كنت تختلف معه، فنختلف معك.
وقد قال لما احتدم الأمر بين عليّ ومعاوية: إذا مت، فحملوني، وإذا تغلبتم على العدو، فارموني تحت أقدامكم، لأنني سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: `من مات وهو لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة`.
مقته للمنافقين: كان شديد الكراهية للمنافقين وحاربهم بكل ما أمكنه. كان يتتبع الآيات التي نزلت في حقهم وينفذها ويطبقها. حدث أن كانت جماعة من المنافقين يتهامسون ويتهامزون في مسجد رسول الله وكان النبي يتواجد هناك. فأمر النبي بطردهم وقام أبو أيوب بسحب أحدهم، واسمه عمرو بن قيس، وجره خارج المسجد وهو يناديه قائلا: `ويل لك، لماذا تدنس مسجد رسول الله.
وحينما روّج المنافقون في المدينة بحادثة الإفك، متّهمين بها زورًا السّيدة عائشة أمّ المؤمنين، صدح أبو أيّوب برفضه ومقته لما قيل. فلمّا سألته زوجه عن الخبر وقالت: يا أبا أيّوب، أما تسمع ما يقول النّاس عن أم المؤمين؟ أجابها: إنّ هذا والله لكذب. فهل كنتِ أنت بفاعلته؟. قالت: لا والله لا أفعل. قال: فإنّ عائشة خيرٌ منك.
جهاده في سبيل الله: لم يغب عن المشاركة في غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، وشهد معه غزوة بدر وغزوة أحد ومعركة بني قريظة وبني قينقاع وواقعة يني النضير ومعركة الأحزاب، وغيرها كثير.
خاض جهاد المسلمين وفتوحهم للقسطنطينية بعد النبي في عهد معاوية بن أبي سفيان، ولم يتأخر ذلك سوى عامًا واحدًا فقط حين استُعملرجل شاب في الجيش.
موقفه من الفتنة: كان في صف علي لما وقعت الفتنة بينه وبين معاوية، لأنه رأى أن علي هو الإمام الذي أعطى بيعة للمسلمين، فلما توفي علي، تخلى أبو أيوب عن الدنيا ولم يرج لها سوى أن يموت في سبيل الله.
استشهاده: أصيب في فتح القسطنطينية، وطلب أن يحمل جثمانه فوق فرسه ليدفنه في أرض المعركة.