سيرة الإمام عبدالرحمن الأوزاعي
شهدت العصور الأموية والعباسية في بلاد الشام والمغرب والأندلس وجود العديد من الأئمة الكبار في الفقه الإسلامي والحديث النبوي، من بينهم الإمام عبد الرحمن الأوزاعي الذي كان متميزا عن علماء عصره وكان يستحق أن يذكر سيرته من قبل الأجيال
نبذة عن نشأة الإمام عبدالرحمن وحياته
ولد الإمام عبدالرحمن بن عمرو في بعلبك ونشأ في قرية الكرك في البقاع، وانتقل مع والدته إلى بيروت بعد وفاة والده. يقال أنه ذهب بعد ذلك إلى دمشق. حصل على لقب إمام العيش المشترك في لبنان في العصر الحديث، وعرف بالتسامح مع غير المسلمين من النصارى واليهود من أهل الشام .
كيف توجه عبدالرحمن بن عمرو إلى العلم
عندما وصل عبد الرحمن بن عمرو إلى سن الشباب، شارك في حملة عسكرية إلى اليمامة، وبينما كان يصلي في مسجد اليمامة، شاهد يحيى بن أبي كثير يصلي، وأعجب بأدائه للصلاة، فسأل عنه وتحدث معه، وأعجب عبد الرحمن الأوزاعي بعلم يحيى بن أبي كثير إلى درجة أنه ترك الشعر والأدب وأصبح يتعلم منه ويكتب عنه.
بعد فترة، نصحه يحيى بن أبي كثير بالسفر إلى البصرة للاستفادة من ما يقوله الحسن البصري ومحمد بن سيرين. ولكن المفاجأة كانت بعد رحيله، حيث تبين أن الحسن البصري قد توفي وكان ابن سيرين يعاني من المرض حتى توفي. ولكنه لم يفقد الأمل وبدأ بالتنقل هنا وهناك ليشرب المعرفة ويتعلم. وتلمذ تحت يد محمد الباقر ومعلم بن أنس وعطاء بن أبي رباح وغيرهم.
مذهب الإمام عبدالرحمن بن عمرو وبعضاً من فتاويه
تشكل المذهب الفقهي لعبدالرحمن الأوزاعي الخاص به وعمل به العديد من فقهاء وأئمة الشام والأندلس حيث أنه قام بفتوى أكثر من سبعون ألف حالة وتم العمل بمذهبه طويلاً إلى أن قام القاضي أبو زرعة محمد الدمشقي بإدخال مذهب الشافعي إلى دمشق فقل استخدام مذهب الأوزاعي شيئاً فشيء إلا أنه ظل شائعاً في الشام أما عن الأندلس فظلوا يستخدمون مذهب الأوزاعي وسجلوا بعضاً منه في أمهات الكتب الخاصة بهم
اتبع شيخ الإسلام المذهب السني كمنهج له، حيث أكد على أهمية السنة بقوله إن القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن، وكان قد أفتى بتحريم ورثة القاتل على الميراث، واعتمد في بعض المسائل الأخرى على رجاحة عقله .
المكانة العلمية التي وصل إليها الأوزاعي
كان للأوزاعي مكانة عالية بين أهل الشام، حيث كان أمره مطاعا أكثر من السلطان نفسه، وكثير من العلماء والفقهاء وثقوا به وأثنوا عليه. وقال عبد الرحمن بن مهدي إنما الناس في زمانهم أربعة: حماد بن زيد بالبصرة، والثوري بالكوفة، ومالك بالحجاز، والأوزاعي بالشام. وأثنى الشافعي أيضا عليه وقال: “ما رأيت رجلا أشبه فقها بحديثه من الأوزاعي”، وقال الوليد بن مسلم: “ما رأيت أكثر اجتهادا في العبادة من الأوزاعي”، وقال أبو إسحاق الفزاري: “ما رأيت أحدا كان أشد تواضعا من الأوزاعي، ولا أرحم بالناس منه، وإن ناداه أحد يجيب لبيك، فيا له من تواضع عظيم من رجل عظيم.
وفاة عبدالرحمن بن عمرو الأوزاعي
تدور قصة وفاة الأوزاعي حيث توفي اختناقا، حيث يقال إن الأوزاعي دخل حمام منزله وأحضرت زوجته معه وعاءا به فحما، ثم خرجت وأغلقت الباب ولم يكن هذا متعمدا. بسبب كبر سنه، حيث بلغ من العمر سبعين عاما، لم يتمكن من فتح الباب واستسلم للأمر وتوجه نحو القبلة وتوفي. وقد حدث ذلك في العام 157 هجريا في شهر صفر. توفي الأوزاعي وهو لا يملك أي أموال أو أراض أو منزل، ويقال إن المسلمين واليهود والنصارى شيعوا جنازته.