سيرة إبراهيم بن صالح بن عيسى
احتلت شبه الجزيرة العربية المكانة الأولى في إخراج عددا كبيرا جدا من الأدباء والمؤرخين الذين لهم دورا كبيرا في التأريخ ، وهذا دليل واضح على فصاحة العرب وبلاغتهم وإحكامهم للكلمة والموضوع ، فنحن نفتخر بنسبنا إلى العرب ، فواحد من أهم هذه الشخصيات هو إبراهيم بن صالح بن عيسى فهو عالم ومؤرخ ونسابة نجدي .
مولده ونشأته :
إبراهيم بن صالح ينتمي إلى قبيلة قضاعة من بني زيد. والدته تنتمي إلى آل فريح من تميم، واسمها منيرة بنت عبد الله بن راشد بن عبد الله الفريح. ولد إبراهيم في بلدة أشيقر في وسط نجد بالجزيرة العربية، في عام 1270 هـ – 1854م. نشأ إبراهيم بن صالح وترعرع في بلدة أشيقر وتعلم فيها مبادئ القراءة والكتابة، وقام بحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب .
حياته العلمية :
– ارتحل إبراهيم بن عيسى لأقصى البلاد بهدف واحد فقط وهو طلب العلم ، فقد رحل وهو في مطلع شبابه إلى الوشم ووالمجمعة في نجد لتلقي العلم على أيدي المشايخ والعلماء هناك ثم رحل بعدها إلى القصيم والإحساء ليتلقى العلم عند أكبر العلماء ومنهم عيسى بن عكاس حيث لازمه عشر سنوات وتتلمذ على يده.
لم يملّ إبراهيم بن عكاش أبدًا، بل عبر البحار ووصل إلى بلاد الهند ليتلقى العلم عند أشهر العلماء، من بينهم السيد صديق خان، وأقام معاً هناك لمدة سنتين .
قرأ الكثير عن كتب الحديث ونمَّى ثقافة حقيقية من خلال استكشافه لمختلف المناطق والأماكن .
وصل إلى العراق وقرأ عن علماء الحنابلة في بغداد والكوفة والبصرة، ومن أبرز الشخصيات التي قرأ عنها هناك صالح بن حمد المبيض الزبيري .
سافر إلى الحجاز ليتلقى العلم من علماء المسجد الحرام، وكان من بين أبرز المشايخ هناك ابن عمه، أحمد بن عيسى .
قام بالسفر إلى مدينة عنيزة للإقامة فيها وتعلم مبادئ وعلوم الفرائض والحديث واللغة العربية وآدابها والنحو والصرف، وزار صالح بن عثمان القاضي واستضافه في جميع دوراته التي تتعلق بالعلم .
مآثره وتلاميذه:
كان لإبراهيم بن عيسى مكتبة عظيمة ذات قيمة كبيرة، حيث جمع فيها العديد من الكتب والمخطوطات النادرة من الشرق والغرب، وتضمنت المكتبة مخطوطات وكتبًا منسوخة بخط يده. فالمعرفة والعلم لا يمكن تقديرهما بأي ثمن .
كان من أحد أهم المفتيين في عصره ، وتعلم الشعر ونظمه ، وله أيضا جهود في التوجيه والإرشاد والنصع فكان قنوعا وأيضا ما عرف عنه أنه زهد في الدنيا لن يجري وراء الدنيا ولا المناصب ، والدليل على ذلك أنه رفض تولي منصب القاضي في عنيزة . كان إبراهيم بن عيسى يعمل في الزراعة وغرس النخيل حتى يوفر لقمة العيش له ولأسرته ، وكانت سيرته طيبة قبل وبعد وفاته .
طوال الوقت، تميز بحبه للعلم والتدريس والبحث، وهذا يعني وجود تلاميذ تلقوا تعليمه وأصبحوا من أهم العلماء والمؤرخين في عصره. ومن بين هؤلاء التلاميذ: عبد الله بن عبد الوهاب بن زاحم، رئيس محكمة المدينة المنورة، عبد الله بن عبد الرحمن بن جاسر، عبد الرحمن بن ناصر السعدي، عثمان بن صالح القاضي، عمر بن محمد بن فنتوخ، عبد الله بن حمد الدوسري، قاضي الذرعية، عبد الله بن خلف الدحيان من علماء الكويت، وغيرهم من العلماء الذين لهم قيمة عظيمة .
مؤلفاته :
ترك إبراهيم بن صالح الكثير من المؤلفات التي تشهد على مدى الجهود التي بذلها في طلب العلم، حيث سافر هنا وهناك فقط من أجل هذا الغرض، ويُعتبر من أهم مؤلفاته:
يتعلق كتاب (عقد الدرر) بتاريخ نجد، وقد طلب من مؤلفه الإمام الملك عبد العزيز آل سعود تأليفه ليكون إضافة إلى تاريخ بن بشر .
تضمن هذه الكتابة تاريخ بعض الحوادث التي حدثت في نجد .
وهي مخطوطة تاريخية موجودة في خزانة التواريخ النجدية لابن بسام تسمى (تاريخ ابن عيسى) .
كتُبت مخطوطات مجاميع بن عيسى بخط يده، وتتعلق بالأدب والتاريخ والأنساب والعلوم والطب والأدوية
– هذه المخطوطات كانت أيضاً بخط المؤلف .
هذه المخطوطة كانت ملخصًا لكتاب “أمراء البلد الحرام” لزيني دخلان وتحكي عن تاريخ إشراف مكة المكرمة.
تتضمن أنساب العرب القحطانيين والعدنانيين، وغير ذلك من المؤلفات الأخرى التي لا تقل أهمية عن تلك المؤلفات.
وفاته :
توفي إبراهيم بن صالح في عام 1343 هـ – 1925 م في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم، وتم دفنه هناك، وشيع جثمانه الكثيرون نظرًا لمكانته العظيمة. رثاه العديد من محبيه، وما زال منزله القديم يعتبر أحد المعالم القديمة الهامة في أشيقر بعد أن تم ترميمه من قبل المسؤولين .