سوق حباشة التاريخي آخر أسواق الجاهلية
كانت الأسواق لها أهمية كبيرة في الماضي بالنسبة للعرب، خاصة في الجاهلية، وظلت ذات أهمية بعد ظهور الإسلام الذي أقرها، حيث كانت مكانا للتجارة والأشعار والمسابقات بين رواد السوق، وكانت تعبر السوق عن احتفالية ضخمة ينتظرها الجميع في كل عام، ومن أشهر هذه الأسواق: سوق عكاظ، سوق ذو المجاز، سوق مجنة، وسوق حبشة.
الخلفية التاريخية لـ سوق حباشة
كان سوق حباشة في الماضي واحدا من أهم الأسواق العربية، وهو آخر الأسواق التي بقيت من الجاهلية، وكان له مكانة كبيرة في العصر الجاهلي. كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتاجر فيه قبل نبوته، حيث كان يشتري ويبيع فيه. ويعتبر هذا السوق آخر الأسواق الجاهلية التي تم تدميرها في القرن الثاني من الهجرة، ويبعد حوالي سبعين عاما عن سوق عكاظ.
يوجد العديد من الآثار المتبقية للسوق، مثل قطع الفخار والحجارة المنقوشة، وأيضًا بعض المقابر، مما يعد دليلاً قويًا على أن هذا السوق يقع في صدر وادي قنونا.
حرصت هيئة السياحة والآثار على الاهتمام الفائق بمكان التاريخي الذي يضم سوق حباشة، وذلك لحمايته من التخريب والعبث الذي يحدث للأماكن الأثرية، وعند زيارة وادي قنونا يمكن العثور على العديد من الآثار التي تعود للماضي القديم، منها النقوش التي حفرت منذ مئات السنين والمقابر القديمة.
يتميز وادي قنونا، الذي يضم سوق حباشة، بوجود العديد من أشجار النخيل وتدفق المياه، ويضم العديد من المشاهد الجميلة التي تضفي جمالًا على المنطقة.
أصل التسمية
في اللغة معنى اسم حباشة هي مجموعة من الناس، أو أي شيء من عدد يُطلق عليه حباشة، فكان سبب تسمية هذا السوق لأن كان العديد من القبائل يأتون إليه من أجل التجارة، أو لأي غرض أخر، وكان يضم الكثير من التجارات مثل تجارة الذهب والكحل والرصاص، وكان أيضًا يقام فيه بعض المشاركات الاجتماعية مثل فض الاشتباكات.
موقع سوق حباشة
يوجد بعض الآثار لهذا السوق في وادي قانونا بمحافظة بارق في منطقة عسير، ويطلق عليه اسم سوق الأحد، وهناك اختلاف بين المؤرخين حول تحديد موقع هذا السوق بالضبط. ذكر المؤرخ ابن سعد أن سوق حباشة يقع على بعد ثمان مراحل من مكة، في حين قال ابن حجر إن سوق حباشة يقع على بعد ست مراحل من مكة، ويعرف المسافر بالمرحلة كما تم قياسها من قبل الجماعة الشافعية والحنابلة بمقدار 80 كيلومترا.
لتأكيد صحة الزعم بأن السوق يقع في واد، قام الباحث الشهير أبو داهش بزيارة موقع السوق في اليوم السادس من شهر شوال عام 1429 هـ. خلال هذه الزيارة، تأكد الباحث من صحة الأقوال حيث وجد بعض الآثار التي تشير إلى وجود السوق في الوادي. وأصر على أن هذا المكان هو الموقع الحقيقي للسوق بغض النظر عن الآراء المتعددة حول موقعه.
يقع هذا السوق على طريق رحلة التجارة القديمة، وهي رحلتي الشتاء والصيف، ويقع بالقرب من مدينة القنفذة التجارية، كما يقع بالقرب من قرني قريش وهذيل، وهما أماكن تجارية يمر عليها القوافل للتجارة.
فعاليات سوق حباشة
تميز هذا السوق بموقعه حيث تمر به أهم الطرق القديمة من اليمن لمكة والشام، وكان هذا في وقت العصر الجاهلي والعصر الإسلامي أيضًا، كما أنه كان من أكبر الأسواق في الجاهلية، وحيث تمتد فعاليات هذا السوق لثمان أيام متتالية كل السنة، أما عن رواده فكان أعلبهم من الشعراء وبائعي الفخار والتوابل الهندية والحرير الشامي والبن ، حيث كانت تقصده التجار من الشام واليمن والهند ومن جميع بقاع الأرض.