سهو المبتعث السعودي في بريطانيا “عبدالله السحيم” يوصل إلى اكتشاف علمي مدهش
في أول حالة من هذا النوع، حدث خطأ غير مقصود من قبل الطالب السعودي عبدالله السحيم، الذي يدرس للحصول على درجة الدكتوراه بعد أن حصل على منحة دراسية من جامعة القصيم للانتقال إلى جامعة بريطانية. حيث نسي الطالب أخذ عينات مخبرية للبكتيريا من طبق الاستزراع لفترة طويلة تجاوزت المدة المحددة التي هي 24 ساعة فقط، ونتيجة لذلك توصل إلى اكتشاف علمي جديد حول تكيف البكتيريا، وذلك خلال دراسة قام بها فريق علمي في جامعة ريدن.
و توصل الباحثون الذين قاموا بتعديل جينات البكتيريا لوقف حركتها أن البكتيريا تستطيع التكيف و إبتكار طريقتها الأولى رغم التدخل الجيني ، و قامت مجلة “ساينس ” العلمية الشهيرة بنشر هذا الإكتشاف الجديد لما يقدمه للعلم من أهمية. و قد استطاع الفريق العلمي من جامعة ريدنج البريطانية أن يكتشف أحد الأسرار الجديدة و المثيرة للدهشة لقدرة الكائنات في البيئة على التكيف من خلال بعض أعضائها و مهاراتها التي تعطيها هذه الإمكانية حسب الوسط الذي تتواجد فيه. و كان من بين فريق البحث المبتعث السعودي عبدالله السحيم الذي قام بالدراسة المخبرية و الذي كان السبب في هذا الإكتشاف.
تجربة فريدة
تم تجربة البكتيريا الزائفة المتألقة “Pseudomonas fluorescens” التي يمكن الحصول عليها من التربة الخصبة والتي توجد بها بكثرة، ونظرًا لأن حجمها صغير جدًا فإنها تستخدم الأسواط للحركة داخل وسطها وتشبه مراوح الطائرات الصغيرة التي تعمل بالمحركات.
خلال الأبحاث، قام الفريق العلمي بإزالة الجين الأساسي المسؤول عن تكوين الأسواط في مجموعة من البكتيريا، مما جعلها غير قادرة على الحركة. ثم تركوها تتكاثر لعدة أجيال وتتنافس من أجل الحصول على الغذاء. يجب ملاحظة أن هذه البكتيريا تنقسم خليويا تقريبا كل 50 دقيقة. والمثير للدهشة في التجربة هو أنه بعد أن نسى الباحث السعودي عبدالله السحيم الطبق المخبري لمدة أربعة أيام، لاحظ أن البكتيريا استعادت خاصية الحركة بواسطة الأسواط واستخدمتها مرة أخرى في الحركة عن طريق تعديل وتغيير وظائف الجينات المتبقية.
نسيان العينة
ربما كان الاكتشاف طبيعيا، ولكن الشيء المثير للإعجاب هو أن الخطأ في التجربة هو الذي أدى إلى هذا الاكتشاف، فقد كان الطالب يدرس تأثير غياب الأسواط في حركة البكتيريا الزائفة على نمو النباتات في التربة، ولكنه نسي عينات البكتيريا المعدلة ووضعها في أطباق الزراعة لعدة أيام، وهو ما أدى إلى تكاثرها، وبدلا من رمي العينات بسبب عدم احترامها لشروط التجربة، قام الفريق بدراسة هذا الاكتشاف بالتعاون مع علماء آخرين في مجال الأحياء التطورية في بريطانيا ودول أخرى.
تطور فائق
و في هذا الصدد قال “طارق قابيل” المتخصص في علوم النبات و التقنية الحيوية في جامعتي الباحة و القاهرة بان المثير في هذا الإكتشاف هو قدرة البكتيريا على القيام بمثل هذا العمل الجبار و السريع. و يمكننا أن نفهم من هذا الإكتشاف أنه عندما يتعرض كائن حي لطفرة كارثية فإنه بإمكانه تركيب وصلات وراثية جديدة بسرعة كبيرة لربط جيناته وإصلاح هذا العطب في محاولة للبقاء على قيد الحياة و هو ما يدل على مرونة الكائنات الحية الوراثية و قدرتها على الصمود في وجه الظروف، لأن الحركة بالنسبة للبكتيريا هي وسيلة للبحث عن الغذاء و الصراع للبقاء حية.