علم وعلماءعلماء

سليم علي .. الرجل الطائر

من هو سليم علي ؟ سليم عز الدين علي هو واحد من أعظم علماء الطيور والطبيعة على مر العصور، هندي الجنسية، وُلد في 12 نوفمبر عام 1896م ببومباي وتُوفي عام 1987م.

كان الأخ الأصغر لعشرة أبناء تيتم، وكان عمه المتألق علاء الدين بطل حياته والشخص الأكبر الذي أثر فيها.
يعرف سليم بلقب “الرجل الطائر”، وكان من بين أوائل العلماء الذين درسوا الطيور بطريقة علمية ممنهجة داخل الهند وخارجها، وأثرت أبحاثه بشكل كبير على تطوير هذا العلم.

بدايات شغفه بالطيور: عندما كان سليم يبلغ من العمر عشر سنوات أهداه عمه علاء الدين بندقية صيد هوائية وذات يوم أصطاد عصفورا غريب المنظر، جذبه ذلك اللون الأصفر الغريب في عنقه، فذهب إلى عمه علاء الدين ليسأله عن نوع هذا العصفور لكنه لم يكن يعلم فذهب بالطائر إلى “ميلارد” الأمين الفخري لجمعية التاريخ الطبيعي ببومباي، اندهش الرجل من شغف الطفل الصغير وإهتمامه الزائد بالطائر فأخذه إلى قسم الطيور المحنطة فظل يشاهد الطيور مشدوها إلى أن وجد أخيرا طيرا يشبه كثيرا العصفور الذي أصطاده فطار الطفل سعادة ومنذ ذلك الحين أصبح سليم متعلقا بالجمعية طوال حياته.

انضم سليم إلى الكلية، ولكنه لم يحصل على أي شهادة جامعية بسبب صعوبات كبيرة في الدراسة، خاصة في مادة الجبر والرياضيات والعلوم الأخرى التي لم يكن مهتما بها. بعد ذلك، قضى العشر سنوات التالية من عمره مساعدا لإخوته في أعمالهم التجارية في بورما، مثل تجارة الخشب وغيرها. وعندما كان يسافر إلى الغابات النائية لاختيار الخشب، كان يقضي معظم وقته في الاستمتاع بمشاهدة الطيور والكائنات الأخرى في الطبيعة. وليس من الغريب أن تفشل أعماله التجارية وتتزايد عليه المشاكل والديون.

حياته وإنجازاته: حصل سليم علي على منصب مرشد في متحف جمعية التاريخ الطبيعي ببومباي كان يشرح للزائرين كيفية المحافظة على الطيور والإعتناء بها، كان حبه للطيور يزداد يوما بعد يوم، وسافر بعدها سليم لدراسة علم الحيوان تحت إشراف الدكتور “إيرفين” بألمانيا، وبعدها عاد للهند حيث تمت إزالة وظيفته الحكومية من المتحف لأسباب مالية.

كان من السهل على رجل مثل سليم، نظرا لنشاطه وإتقانه للغة الإنجليزية، الحصول على وظيفة حكومية أخرى، ولكنه لم يفعل ذلك. بدا راضيا وسعيدا بمراقبة الطيور ولم يرغب في إضاعة وقته في وظيفة أخرى. كانت زوجته حنونة رائعة وتقدر اهتماماته، فوقفت بجانبه. وعلى الرغم من أنها ابنة عائلة غنية ودرست في بريطانيا، إلا أنها أرادت أن تعيش مع زوجها في الريف تقديرا لحبه للطيور والطبيعة. انتقلوا للعيش في “كيهيم”، قرية صغيرة تقع جنوب بومباي. كانت زوجته تقول له: “لا ترتبط بوظيفة لا تستطيع الاستمتاع بها.” وهكذا ظل سليم مشغولا بأبحاثه عن الطيور والطبيعة.

تناول ورقة بحثية عن طبيعة وسلوك طيور الويفر في عام 1930، والتي جعلته مشهوراً في مجال علم الطيور.

تم نشر أول كتاب له في عام 1941 بعنوان “كتاب الطيور الهندية”، والذي تناول أنواع وعادات الطيور الهندية، وحقق مبيعات جيدة جدًا على مر السنين.

قام التعاون مع الخبير الشهير في علم الطيور “ديلون ريبلي” بنشر مجلد يحتوي على عشرة أجزاء وهو “دليل الطيور في الهند وباكستان”، وهو كتاب يشمل وصفًا شاملًا لمظهر الطيور وعاداتها وهجرتها وغيرها من المعلومات.

نشر سليم فيما بعد العديد من الكتب، من بينها كتاب `سقوط عصفور` الذي يحتوي على العديد من الحوادث الحقيقية التي حدثت له في حياته والتي لها علاقة بالطيور.

حصل على ثلاث شهادات دكتوراة فخرية، ورُشح للدخول إلى البرلمان، وتم تعيينه أستاذًا وطنيًا، وفي عهده أصبحت “جمعية التاريخ الطبيعي” في بومباي مركزًا رئيسيًا للأبحاث، ومجلتها “جورنال” أصبحت مرجعًا لعلماء البيولوجيا في جميع أنحاء العالم.

وفاة الرجل الطائر: لم يكن علي باحثًا في علم الطيور فحسب، بل كان أيضًا مساهمًا في حماية الطبيعة، وحصل على جائزة دولية لجهوده الاستثنائية، ولكنه تبرع بكل أمواله لصالح جمعية التاريخ الطبيعي في بومباي، وقد منحته الحكومة الهندية وسام “بادما فابوشان” الثاني الأعلى في جمهورية الهند عام 1983 .

توفي الرجل العبقري عن عمر يناهز التسعين عامًا بسبب السرطان في 20 يونيو 1987م، وقد ألهم الكثير من علماء الهند والعالم خلال حياته وبعد وفاته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى