سلوك المواطنة التنظيمية
هل تساءلت يومًا عن السبب أو المحفز الذي يدفع العامل أو الموظف إلى تقديم المساعدة والمشاركة في بعض المهام بشكل طوعي دون أي مقابل؟ هذه الأفعال لها معنى خاص ينطبق عليها في سلوك المواطنة التنظيمية.
مفهوم سلوك المواطنة التنظيمية
سلوك المواطنة التنظيمية هو سلوك يتم تبنيه في بيئة العمل ويؤثر على السلوك الإنساني ونجاح العمل. يترتب على تبني العاملين لهذا السلوك تحسين جودة العمل وزيادة ازدهار المؤسسات. في الخمسين عاما الماضية، أصبح هذا السلوك جزءا لا يتجزأ من عمل المؤسسات ويعد عاملا مهما في تقييم نجاح المؤسسات. يتم تعريف هذا السلوك بعدة تعريفات، ولكنه يشير جميعها إلى سلوك الفرد الذي يعمل على تطوير المؤسسة التي يعمل بها خارج مهامه الرسمية ودون مقابل مادي. يتم تقييم أداء العاملين والمؤسسات بناء على مدى تطبيقهم لهذا السلوك وإبداعهم في أنشطة تتعدى مهامهم الرئيسية داخل المؤسسة.
نظريات سلوك المواطنة التنظيمية
هناك عدة نظريات تؤثر على سلوك المواطنة التنظيمية، وأبرزها نظرية التبادل الاجتماعي ونظرية التعاون ونظرية جستر بيرنارد ومنظومة الإيثار ونظرية هربرت سيمون ومنظومة وعي الضمير ونظرية جيمس توميسون ومنظومة السلوك الحضاري، وتم تطوير هذه النظريات لتفسير سلوك المواطنة التنظيمية.
- تُعَدُّ نظرية التبادل الاجتماعي واحدة من أهم النظريات المُستخدمة لفهم السلوك في مكان العمل.
- تعتمد نظرية جستر بيرنارد ومنظومة الإيثار على تفاعل الأعضاء والتعاون بينهم، وكيفية تحقيق الأهداف العامة للعمل عن طريق سبل كفيلة.
- تُعد نظرية هربرت سيمون ونظام وعي الضمير واحدة من الأبعاد التحليلية الأكثر أهمية في دراسة التنظيمات وسلوك الإنسان.
- تتعلق نظرية جيمس توميسون ومنظومة السلوك الحضاري بالتنظيمات التي يمكنها فرض المشاركة على أعضائها لتطوير المنظمة.
أهمية سلوك المواطنة التنظيمية
لتوضيح أهمية سلوك المواطنة التنظيمية، أجروا الباحثون دراسة على مدار أسبوع وتوصلوا إلى أن الموظف الذي لديه الدافع للتطوع في عمله دون أي مقابل، يشعر بأهمية عمله بشكل أكبر من زملائه، ويكون أكثر تنظيمًا لأنشطته، مما يؤدي إلى زيادة العائد المعنوي. ولقد لوحظ أن:
- يشير بعض الناس إلى أن العمل التطوعي لتنمية المؤسسة أو المواطنية التنظيمية قد ساعد على رفع روح المعنويات للعاملين وتحسين مستواهم العملي وإنتاجيتهم، وكذلك تقليل التوتر بينهم، وخلق الشعور بالانتماء إلى دائرة مجتمعية مشتركة وتعزيز الروابط بين أفراد الفريق.
- إذا تم العمل بطريقة تهدف لمصلحة المؤسسة ويتم فهمها على أساس تفضيل المصلحة العامة، فسينتج عن ذلك مشاعر هامة وإيجابية تدفع العاملين للمساعدة بعضهم البعض لتحقيق المنفعة بشكل يؤثر في الجميع ويحفز زملاء العمل على أداء واجباتهم بكفاءة وفعالية.
- كما ساعد في تقليل النزاعات والخلافات التي تتولد نتيجة المنافسة وهو من أهم النتائج التي تتحصل بحلول هذا السلوك في نفوس وبين الأفراد فكلما قلت النزاعات وزادت المشاركة كلما كانت روح العمل المشترك عائدة بالإنتاجية على المؤسسة وفي المقابل ولو بشكل غير مباشر على العاملين أنفسهم.
- قد يكون تأثير سلوك المواطنة التنظيمية غير ملموس، ولكن له تأثير كبير وواضح على المجتمع بشكل عام وعلى المؤسسة بشكل خاص، ولذلك، يتضح أهمية سلوك المواطنة التنظيمية لدى الموظفين. ويطرح هذا السؤال الهام: ما هي العوامل التي تساعد على تعزيز هذا السلوك أو تثبيطه؟
العوامل التي تؤثر في سلوك المواطنة التنظيمية
تختلف هذه العوامل بينما يتعلق الأمر بالفرد نفسه، وهذه تعتبر عوامل فردية، وبينما يتعلق الأمر بالمؤسسة فهذه تعتبر عوامل خارجية تنظيمية وإدارية، ومن بين هذه العوامل الفردية الأهم هي:
- الرضا والروح الرياضية والمبادئة الفردية والتطوير الذاتي والرضا هنا يقصد به الرضا الوظيفي وهو حالة إيجابية عاطفية يشعر بها الموظف نتيجة تقييم عمله، ويشمل أيضًا شعوربالانسجام وتوفر العدالة داخل نظام العمل ووجود إدارة منظمة.
- ترتبط سلوك الموظف في المؤسسة بعدة عوامل، منها عمر الموظف، حيث يزداد دافع الموظف الصغير في السن لإظهار سلوك المواطنة التنظيمية. كذلك، يمكن أن يكون ظهور سلوك المواطنة التنظيمية لدى الموظف المبتدئ ناتجا عن حداثته، بينما يكون الموظف الذي يعمل في المؤسسة لفترة طويلة أقل اهتماما بالمشاركة. لذلك، فإن مدة الخدمة في المؤسسة تلعب دورا هاما في تأثيرها على سلوك الموظف.
- بالإضافة إلى ذلك، فإن الروح الرياضية لدى العامل وتقبله لأمور العمل، حتى وإن كانت تخالف أسلوبه، دون أن تؤثر على روحه الإيجابية تعد عاملاً مهمًا.
- تحسين المبادئ الفردية التي تشمل الأفكار الإبداعية الطوعية لتحسين العمل.
- يعمل الفرد على تطوير مهاراته وأدائه من خلال الاستفادة من الدورات التدريبية والتطوير الذاتي، ومواكبة التطورات التي تفيد في تخصصه.
أهم معوقات سلوك المواطنة التنظيمية
نظرًا لأهمية هذا السلوك الذي نتحدث عنه في حديثنا الآن، فإن القائمين على المنظمات يعملون على معرفة العوائق التي تحول دون تبني سلوك المواطنة التنظيمية وعدم استعراض العاملين لإيجابيات هذا السلوك والتي تعود بالنفع على المؤسسات من خلال نتائجها
- يعتبر عدم إشراك العاملين في عملية صنع القرارات، وعدم قدرة المنظمات على تخفيف الضغوط العملية، وكذلك عدم تحقيق العدالة التنظيمية، من أسباب عجز المنظمات.
- ومن أهم المعوقات التي تعيق تنمية المؤسسات وتعزز سلوك المواطنة التنظيمية الإيجابية هي اختيار الموظفين الصمت وعدم التفاعل وعدم التعبير عن الرأي.
- تبين أن التنوع العرقي والاختلافات داخل المحيط العمل قد تكون عائقاً يؤثر على التعاون ويعيق إظهار روح المواطنة التنظيمية.
- تركيز العامل على نجاحه الشخصي وتفضيله على نجاح المجموعة.
- تعد من معوقات السلوك الإيجابي تجاه المؤسسة وتعزيز سلوك المواطنة التنظيمية، إنشاء خوف لدى الأفراد العاملين من اتخاذ القرارات وتحمل المسؤولية.
من الواضح بناء على ما سبق أنه من واجب كل مؤسسة تهتم بتعزيز روح المواطنة المنظمية داخل نطاق العمل وبين موظفيها أن تبحث عن العوامل المؤثرة في هذا السلوك طالما أدركت أهميته، وعليها أن تأخذ في الاعتبار العقبات وتحلل أسبابها وتزيل أي مشكلات تؤثر، وفي النهاية أتمنى أن يتضح المفهوم والأمور المحيطة به والعوامل المؤثرة بشكل أوضح.