سلوقس الأول مؤسس الامبراطورية السلوقية بسوريا
يحيط الغموض بنشأة شخصية سلوقس الأول نيكاتور حيث تختلف المصادر في تحديد سنة ولادته بين ٣٥٩ و ٣٥٤ قبل الميلاد، ولكن يتفقون على أنه ولد في مدينة يوروبوس في مقدونيا. ولقب بـ”نيكاتور” بمعنى “المنتصر”، وكان قائدا في جيش الإسكندر المقدوني ويرجع إليه تأسيس الأسرة السلوقية الحاكمة في سوريا .
نشأة سلوقس الأول :
كان والد سلوقس الأول يعمل قائداً عكسرياً في جيش الملك فيليب الثاني في مقدونيا ، مما هيئ لسلوقس أن يعيش في محيط القصر و قد كان منذ شبابه يرافق الإسكندر الأكبر – ابن الملك فيليب الثاني – في العديد من الحروب التي قام بها ضد الإمبراطورية الفارسية ، و عندما وصل سلوقس إلى سن العشرين بدأت تظهر مهاراته الحربية خاصةً خلال الحملة التي قامت في آسيا ، كما أنه ظهر دوره خلال المعارك التي خاضها مع الإسكندر في بلاد الهند .
عندما توفي الاسكندر تولى سلوقس مهمة قيادة فرقة الفرسان التي كان يقودها هيفايستيون أكبر قادة الاسكندر ، و تم توزيع المقاطعات المفتوحة و تقسيمها على القادة العسكريين و كان أهمهم بطليموس و سلوقس ، و قام كلاً منهما بالتحالف لكي يسيطروا على البلاد و يقضوا على جميع المنافسين .
نجح بطليموس في السيطرة على مصر وفلسطين وجنوب سوريا، وأعلن نفسه ملكا على مصر، وتمتد حدود مملكته إلى قبرص، بينما نجح سيلوقوس في السيطرة على بلاد الرافدين وسوريا والمناطق الفارسية الشرقية بمساعدة ابنه أنتيوخوس، ونجح في إخضاع جميع المناطق في آسيا الصغرى .
تأسيس الدولة السلوقية :
بعد تمكن سلوقس من السيطرة على المناطق الفارسية قام بتأسيس أول مدينة سلوقية و هي مدينة انطاكية عام 305 قبل الميلاد و التي كانت تقع على نهر دجلة ، و أعلن نفسه ملكاً و جعل من هذه المدينة مركزاً للامبراطورية السلوقية ، و أستطاع أن يعقد صلحاً مع ملك الهند ، و في المقابل أعطاه الملك 500 فيل حربي و التي من خلالها استطاع الانتصار في معركة ابسوس ضد منافسه انتيجونوس .
تعتبر معركة ابسوس التي خاضها سلوقس واحدة من أهم الأحداث في حياته، حيث نجح من خلالها في القضاء على أحد أعدائه، أنتيوخوس، وتوحيد إمبراطوريته، والقضاء تماما على إمبراطورية أنتيوخوس التي سببت الكثير من الخراب لإمبراطورية سلوق .
مصرع سلوقس و مصير الدولة السلوقية :
حدث صراع شديد بين بطليموس وسلوقس وبدأوا في البحث عن حلفاء يساعدونهم، وفي النهاية خاضوا معركة كروبديوم التي أدت إلى مقتل سلوقس بعد تنفيذه العديد من المحاولات للسيطرة على تراقيا ومقدونيا، ومنذ عام 250 قبل الميلاد بدأت المملكة السلوقية تنهار تدريجيا نتيجة لحدوث العديد من الخلافات، التي أدت في النهاية إلى تحول المملكة إلى مجموعة من الدويلات الصغيرة .
منذ عام 200 قبل الميلاد ظهرت الفرس البارتيين الذين استطاعوا السيطرة على نهر إندوس في الشرق ونهر الفرات في الغرب، وكانوا يمتلكون الطرق التجارية الهامة. ثم في عام 198 قبل الميلاد، جاء الملك السلوقي أنتيوخوس الثالث الذي قام بتوسيع المملكة وجعلها تشبه حكم سلوقس الأول، من خلال سيطرته على فلسطين وجنوب سوريا .
بعد ذلك مضت السنوات ولم تستمر عظمة إمبراطورية أنتيوخوس الثالث حتى اندثرت، ثم حدثت العديد من الصراعات بين البارتيين والرومان بسبب نزاعهم على السيطرة على شرق آسيا، وفي النهاية تمكن الرومان من إحكام سيطرتهم على الأناضول وأرمينيا وسوريا، وأصبحت سوريا واحدة من أغنى المقاطعات التابعة للرومان، وظلت هناك بعض الصراعات القائمة بين الفرس والرومان .