سبب نزول ” ويرسل عليكم الصواعق فيصيب بها من يشاء “
{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} [سورة الرعد: 12-13]
سبب نزول ويرسل عليكم الصواعق فيصيب بها من يشاء
ورد في تفسير بن كثير عن سبب نزول الآية:
– روي في سبب نزول الآية أن رسول اللّه صل اللّه عليه وسلم بعث رجلاً مرة إلى رجل من فراعنة العرب، فقال: «اذهب فادعه لي»، فذهب إليه فقال: يدعوك رسول اللّه صل اللّه عليه وسلم، فقال له: من رسول اللّه؟ وما اللّه؟ أمن ذهب هو، أم من فضة هو، أم من نحاس هو؟ قال: فرجع إلى رسول اللّه صل اللّه عليه وسلم فأخبره، فقال: يا رسول اللّه قد خبرتك أنه أعتى من ذلك، قال لي: كذا وكذا. فقال لي: «ارجع إليه ثانية»، فذهب فقال له مثلها، فرجع إلى رسول اللّه صل اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه قد أخبرتك أنه أعتى من ذلك فقال: «ارجع إليه فادعه»، فرجع إليه الثالثة قال: فأعاد عليه الكلام، فبينما هو يكلمه إذ بعث اللّه عزَّ وجلَّ سحابة حيال رأسه فرعدت، فوقعت منها صاعقة فذهبت بقحف رأسه، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} [رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي وابن جرير عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه وأخرجه الحافظ البزار بنحوه].
– عن مجاهد قال: جاء يهودي إلى النبي محمد وسأله عن ربه، وسأل إذا كان ربه من النحاس أو اللؤلؤ أو الياقوت، وفجأة ضربته الصاعقة ومات. ثم أنزل الله هذه الآية: `ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء`.
– قال قتادة: ذكر لنا أن رجلا أنكر القرآن، وكذب النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل الله صاعقة فأهلكه، وأنزل الله: {ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء}.
– وتذكروا في سبب نزولها قصة عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة حينما وصلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، فسألاه أن يمنحهما نصف الأمر، فرفض رسول الله صلى الله عليه وسلم طلبهما، فقال عامر بن الطفيل – لعنه الله – : بالله، لنجعلنها عليك جيشا كبيرا من الفرس الجرد والرجال المجانين، فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد رفض الله ذلك عليكما وعلى أنصاركما»، أي الأنصار، ثم علم أنهما يخططان لاغتيال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلمهما رسول الله صلى الله عليه وسلم واتخذ أحدهما ليخاطبه والآخر استعد سيفه ليقتله من الخلف، ولكن الله ستره وحفظه منهما، وخرجا من المدينة وتوجها إلى مناطق العرب لجمع الناس لمحاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل الله على أربد سحابة فيها صاعقة أحرقته، وأما عامر بن الطفيل فأرسل الله عليه الطاعون، فأصابه بثآليل عظيمة، وكان يقول: يا أهل عامر، إن الثؤلولة تشبه ثؤلولة البكرة، وماتا في بيته جاثما، حتى توفيا لعنهما الله، وأنزل الله في مثل تلك الحالة: {ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء} [رواه الحافظ الطبراني عن عطاء بن يسار عن ابن عباس وذكر تفاصيل أكثر من ذلك
تفسير الآيات:
{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ}: يخبر تعالى أنه هو الذي يسخر البرق، وهو ما يرى من النور اللامع ساطعاً من خلل السحاب، {خَوْفًا وَطَمَعًا}: قال قتادة: خوفاً للمسافر يخاف أذاه ومشقته، وطمعاً للمقيم يرجو بركته ومنفعته ويطمع في رزق اللّه، {وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ}: أي ويخلقها منشأة جديدة، وهي لكثرة مائها ثقيلة قريبة إلى الأرض، قال مجاهد: السحاب الثقال: الذي فيه الماء، {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ}: كقوله: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء:44].
عندما يسمع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، صوت الرعد والصواعق، يدعو الله بأن يحفظهم من غضبه وعذابه، ويطلب من الله العافية، وإذا سمع الرعد، يكبر الله عندما يسبح الرعد بحمده، ويعتبر الرعد تحذيرا شديدا لأهل الأرض، وأثناء سماع الرعد، يجب على الناس أن يذكروا الله، لأن ذلك يحميهم من الخطر
{وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ}: يمكن للإنسان أن يرسل نقمة لينتقم بها من أي شخص يريد، ولذلك تتكرر الصواعق في آخر الزمان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “تتزايد الصواعق عند اقتراب الساعة حتى يأتي الرجل إلى قومه ويقول: من صعق قبلكم اليوم؟ فيقولون: صعق فلان وفلان وفلان”، وذلك لأنهم يتجادلون في عظمة الله وأنه لا إله إلا هو، وهو شديد العقاب لمن طغى عليه وعتا وتمادى في كفره، وهذه الآية مماثلة لقوله: “ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين”، وقد قال علي رضي الله عنه: “وهو شديد المحال” أي شديد الأخذ، وقال مجاهد: “شديد القوة.
ما هو دعاء الرعد
كان النبي عليه الصلاة والسلام يدعو الله سبحانه وتعالى بهذا الدعاء عند سماع صوت الرعد
- سبحان الله الذي يُسَبِّحُ الرعدُ بحمده، والملائكةُ من خيفته
قال تعالى (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ)
فضل دعاء سبحان الله الذي يُسَبِّحُ الرعدُ بحمده، والملائكةُ من خيفته
يجب أن يقول الإنسان هذا الدعاء عند سماعه صوت الرعد، مثلما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يتوقف عن الكلام عند سماعه صوت الرعد ويقول هذا الدعاء. ويعد فضل هذا الدعاء والتقرب إلى الله في أوقات الأمطار والرعد دليلًا على خوف المؤمن من الله عز وجل، وذلك تأسياً بالنبي
وعن ابي هريرة قال: كان يقول عند سماع الرعد: سبحان من يسبح الرعد بحمده. [1]