سبب نزول ” ومن الناس من يجادل في الله بغير علم “
يتحدث الآية الكريمة عن الأشخاص الذين يجادلون في الله بدون علم ويتبعون كل شيطان مريد، وتنبه الآية إلى أن من تولاهم فإنه سيضلهم ويقودهم إلى عذاب النار
سبب نزول الآية:
ورد في تفسير ابن كثير عن سبب نزول الآية: وقد قال السدي عن أبي مالك: تم ذكر هذه الآية فيما يتعلق بالنضر بن الحارث، وعلى نفس النحو ذكره ابن أبي حاتم: أخبرنا عمرو بن سلم البصري، حدثنا عمرو بن المحرم أبو قتادة، حدثنا المعمر، حدثنا أبو كعب المكي قال: قال شخص خبيث من أشخاص قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبرنا عن ربكم، من هو؟ هل هو من ذهب؟ أو هل هو من فضة؟ أو هل هو من نحاس؟ فاهتزت السماء برعد عنيف، ويشير الرعد في لغة العرب إلى القعقعة، وعندما انكسر رأسه سقط أمامه، وقال ليث بن أبي سليم نقلا عن مجاهد: جاء يهودي فقال: يا محمد، أخبرني عن ربك: ما هو؟ هل هو من الدر؟ أو هل هو من الياقوت؟ فجاءت صاعقة وأخذته.
تفسير الآيات:
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ}: يقول الله تعالى ذامًا لمن كذب بالبعث، وأنكر قدرة الله على إحياء الموتى، معرضًا عما أنزل الله على أنبيائه، متبعًا في قوله وإنكاره وكفره كل شيطان مريد، من الإنس و الجن، وهذا حال أهل الضلال و البدع، المعرضين عن الحق، المتبعين للباطل، يتركون ما أنزله الله على رسوله من الحق المبين، ويتبعون أقوال رؤوس الضلالة، الدعاة إلى البدع بالأهواء والآراء، ولهذا قال في شأنهم وأشباههم.
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ}: كل علم صحيح، يتبعه كل شيطان مريد مكتوب عليه: قال مجاهد: يعني الشيطان، يعني مكتوبا على هذا الشيطان المريد بكتابة قدرية أي: كتب الله على هذا الشيطان المريد، وحكم عليه بحكم ظاهر، {أنه من تولاه}: أي اتبعه وقلده، وقيل: قضى الله على الشيطان بأنه يضل أتباعه ولا يهديهم إلى الحق، قال قتادة ومجاهد: أي من تولى الشيطان.
وأنه {يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ}: يضله عن الحق والخير، ويهديه إلى الشر، وهذا يؤدي إلى عذاب السعير، الحار المؤلم المزعج والمقلق. والهداية تعني الدلالة المطلقة، فإذا دللت على خير فهي هداية، وإذا دللت على شر فهي هداية أيضا.
وقال أيضًا: يدل آية {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم} [سورة الصافات: 22-23] على جمع الظالمين وأزواجهم وأولئك الذين كانوا يعبدون غير الله وإدخالهم النار. وتقول آية {إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا – إلا طريق جهنم} [سورة النساء: 168-169]، ويقال إن من اتبع الذين كفروا وظلموا، سيدخل النار المتوهجة التي لا تنطفئ وهذا هو هداية الله لمن سار على دربهم.