سبب نزول ولا تنابزوا بالالقاب
معنى سبب النزول
السبب بفتح السين يعرف عند أهل السنة والجماعة على أنه الحبل ، وذكر في لسان العرب أن ذلك في اللغة هذيل ، وتم اختيار أنه كل شيء يتوصل به إلى غيره ، ثم قام أهل العرف العام بإطلاق على أي شيء يتوصل به لمطلوب ، وعرفه علماء الشريعة الإسلامية على أنه عبارة عما يكون طريقا للوصول إلى الحكم غير مؤثر .
أما النزول فهو غاية الوضوح ، وهنا نكتة ، بمثل مادة الكتاب ألف العلماء عن المصدر النبر للتشريع أي السنة النبوية ، أسباب ورود الحديث ، فالمصدر الأول القرآن نزول ، والمصدر الثاني ورود ، ولا إشكال في القرآن حيث أنه نزل من عند الله – عز وجل – ومن الممكن أن يكون مراد المصنف الرد على الطوائف الضالة الذين يدعون أن الله في كل مكان ، وقد كان بين السلف – رضوان الله عليهم ، من يدعي هذا من الفرق الضالة ، والمسألة واضحة أن الله عز وجل في السماء استوى على العرش ، وإليه يصعد الكلم الطيب .
سبب نزول ولا تنابزوا بالالقاب
يذكر الآية 11 من سورة الحجرات التي تقول: “ولا تنابزوا بالألقاب”، ويروي أحمد بن محمد بن إبراهيم المهرجاني، عن أبي جبيرة بن الضحاك، عن أبيه وعمومته، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن حفص بن غياث، عن إسحاق بن إبراهيم المروزي، عن عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز، عن أبي عبدالله بن بطة، أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قدم عليهم ورجل يدعو لرجل ينبزه، فيقال للنبي: “إنه يكرهه”، فنزلت الآية .
ذكر أبو جبيرة بن الضحاك في حديثه أن بعض الأشخاص كان لهم أكثر من اسم ينادون به جميعًا، ومن بينهم من يكره بعض أسمائه، ولذلك نزلت هذه الآية .
حكم التنابز بالألقاب
يعرف التنابز عندما ينادي شخص آخر باسمه أو لقبه أو صفته التي لا يحبها، أو عندما يكون النداء مهينا ومحطرا للشخص أو النادي. وقد حرم الله تعالى هذا السلوك عندما نزلت الآية “يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب” (الحجرات: 11) .
فسروا بعض العلماء هذا السلوك في أيام الصحابة بأنه يشير إلى أن الشخص المسلم يؤمن بالإسلام ومع ذلك يستمر أخوه في اتهامه بالكفر، وهذا ما حذر منه الشرع بأنه لا ينبغي لأحدهما أن يكفر الآخر. وفي الحديث الذي نقله البخاري ومسلم عن ابن عمر، يقول: “إذا قال رجل لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما”، وزاد مسلم في روايته: “إن كان كما قال، فإنها تعود عليه”، وفي لفظ آخر عند مسلم: “إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما”، ولكن المقصود هنا ليس الكفر الذي يخرجه من الدين. فقد استنتج العلماء أن معنى الكفر هنا يشير إلى الكفر الأصغر، وهذا ما ورد في حديث ثابت بن الضحاك عند البخاري، حيث قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “لعن المؤمن مثل قتله، ومن رمى مؤمنا بالكفر فهو كقتله .
الآثار السلبية للتنابز بالألقاب
انتشرت مشكلة التنابز بالألقاب في المجتمع في الآونة الأخيرة، بعد الغيبة والنميمة وفضح المسلم لأخيه، وغيرها من المشاكل التي يمارسها المسلم في حياته اليومية، ولا يدرك خطورتها التي قد تؤدي به إلى النار في الجحيم، والتنابز بالألقاب يعد من السلوكيات السيئة المنتشرة والمعروفة حاليا باسم “التمر”، وتترتب عليها العديد من الآثار السلبية
- تؤدي إلى فقدان التبادل الاحترام بين الأشخاص في البيئة بأكملها .
- يؤذي التنابز بالألقاب النفسية للإنسان وشخصيته، ويجعله يشعر بالذل والإهانة والتحقير .
- يؤدي استخدام الألقاب المسيئة من قبل شخص ما لأخيه إلى توليد مشاعر الكراهية والحقد تجاهه، مما يؤدي إلى انتشار العداوة بين أفراد المجتمع .
- يؤدي الخوف من إيذاء الآخرين إلى فقدان الشخص شغفه في التعامل معهم .
ولحل هذه المشكلة يجب علينا اتباع الأمور التالية :
- توعية الأفراد بعواقب سوء تصرفاتهم وتأثيرها على الآخرين .
- أن يشغل الإنسان نفسه بخلافاته على الأرض ويعمل على تعميرها، وليس بنشر البغض والكراهية وسفك الدماء فيها .
- تعرف على ما يمكن أن يتسبب في الحقد والكراهية والخصومة من شخص آخر في الدنيا، وكذلك أمام الله في الآخرة .
- المحاولة في نشر الود والمحبة بين أفراد المجتمع والابتعاد عن كل ما يتسبب في الفرقة والتباغض .
- يجب مراعاة شعور الآخرين وتجنب كل ما يعكر صفو حياتهم .
- اتباع منهج الله وشريعته يمنع من التنابز بالألقاب والسخرية من الآخرين، كما هو محظور في القرآن الكريم .
تفسير ولا تنابزوا بالالقاب
قام العلماء والفقهاء بتفسير قول الله تعالى في القرآن الكريم “ولا تنابزوا بالألقاب” بعدة تفسيرات. حيث قال البعض إن التنابز هو تخفيض شخص آخر وإهانته بالألقاب التي يكرهها، وذلك استنادا إلى قول الله تعالى في القرآن الكريم “يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون” [الحجرات: 11].
فسر الحافظ رحمه الله أنه يمكن للشخص أن يُسمى فاسقًا إذا ارتكب أي من الأعمال المحرمة الصغيرة مثل اللمز أو التنابز أو السخرية .
فسر الطبري -رحمه الله- قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ”، وأشار إلى أن المنبوذ من قبلمجموعة ما قد يكون أفضل من الشخص الذي قام بنبذه، وهذا ما يعنيه الآية .
وقال القرطبي رحمه الله عند قوله تعالى: يجب على المؤمنين ألا يستهزئوا بأشخاص آخرين من الناس بسبب مظهرهم أو حالتهم أو عيوبهم الجسدية أو ضعفهم في الكلام، فقد يكون لديهم ضمير نقي وقلب صاف” (تفسير القرطبي: 16/ 325) .
المراجع
- کتاب أسباب النزول للإمام الواحدي
- حكم التنابز بالألقاب
- التنابز بالالقاب واثاره السلبية على المجتمع
- النهي عن السخرية والتنابز بالألقاب في القرآن الكريم