سبب نزول سورة الكهف
تعد سورة الكهف من السور المكية التي تأخرت نزولها، وتأتي بعد سورة الإسراء من حيث الترتيب في القرآن الكريم، وتحتوي على 110 آيات، وتقع بين الجزء الخامس عشر والجزء السادس عشر.
اسباب نزول سورة الكهف
سبب نزول سورة الكهف تم نقله من قبل مجموعة من المفسرين، مثل ابن كثير وابن العربي، ورواه ابن جرير في (التفسير) والبيهقي في (الدلائل)، وعزاه السيوطي في (الدر المنثور) لابن المنذر وأبي نعيم في (الدلائل)، وكلهم رووه عن ابن إسحاق عن شيخ لم يسمه.
أما عن سبب نزول سورة الكهف، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة، فقالوا لهم: سلوهم عن محمد وصفوا لهم صفته وأخبروهم بقوله، فإنهم أهل الكتاب الأول، وعندهم علم ما ليس عندنا من علم الأنبياء، فخرجا حتى قدما المدينة فسألوا أحبار يهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفوا لهم أمره وبعض قوله، وقالا: إنكم أهل التوراة، وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا، قال، فقالت لهم: سلوه عن ثلاث نأمركم بهن، فإن أخبركم بهن، فهو نبي مرسل، وإن لم يفعل، فالرجل متقول، فروا فيه رأيكم. سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم، فإنهم قد كان لهم شأن عجيب. وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها، ما كان نبؤه؟ وسلوه عن الروح ما هو؟ فإن أخبركم بذلك، فهو نبي فاتبعوه، وإن لم يخبركم فإنه رجل متقول، فاصنعوا في أمره ما بدا لكم، فأقبل النضر وعقبة حتى قدما على قريش، فقالا: يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد.
أصدرنا أمرا لأحبار اليهود بالاستفسار عن بعض الأمور، وطلبنا منهم أن يخبرونا بها. فحضروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: يا محمد، أخبرنا بما طلبنا. فأجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: سأخبركم غدا بما سألتم عنه دون استثناء. فانصرفوا عنه وبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم لمدة خمس عشرة ليلة دون أن يأتيه الله بوحي في ذلك الوقت، ولا يزوره جبريل عليه الصلاة والسلام. حتى أحس أهل مكة بالقلق وقالوا: وعدنا محمد بالإجابة غدا، ولكننا قد أمضينا خمس عشرة ليلة وهو لم يخبرنا بأي شيء مما سألناه. وصار رسول الله صلى الله عليه وسلم حزينا جدا بسبب انقطاع الوحي عنه وبسبب الأقاويل التي نطق بها أهل مكة. ثم جاءه جبريل عليه الصلاة والسلام من عند الله عز وجل بسورة أصحاب الكهف، وفيها توبيخه لهذا الحزن الذي أصابه بسببهم وبيان لما سألوه عنه من قصة الشباب ورجل الطواف، وقول الله عز وجل: ويسألونك عن ذي القرنين [الكهف: 83]. واستمرت الآية حتى النهاية.
ماذا نتعلم من سورة الكهف
يوجد العديد من الدروس التي يمكن استخلاصها من سورة الكهف، ويجب على كل مسلم معرفتها، مثل معرفة سبب نزول سورة الكهف، ومن بين هذه الدروس المستفادة ما يأتي:
- يعتبر تقديم الإرادة قبل فعل أي شيء مهمًا لتسهيل هذا الأمر بتوفيق الله.
- شكر الله على نعمه الكثيرة، حتى يزيدك الله من فضله ونعمه الكبيرة، حتى لا يحدث معك مثلما حدث مع صاحب الجنتين، وهم جنتين واسعتين ومليئين بالنخل والزرع والخير، وكان فخورا بنفسه ويظن نفسه هو وأولاده أفضل من جاره، فأذهب الله عنه ما يملكه والخير الذي يملك، فصار صاحب الجنتين يتحسر على عدم شكره لله وعلى تكبره وغروره
- يؤمن المؤمنون بأن الله ينصرهم كما حدث مع أصحاب قصة الكهف.
- عدم الغرور والتواضع، والإيمان بأن الله هو الأعلى على كل شيء، وعدم استغلال السلطة في أعمال سيئة، تماما كما فعل ذو القرنين. يحكي قصة ذو القرنين عندما واجه قوما طلبوا منه بناء سد لحمايتهم من قوم يأجوج ومأجوج ولحماية نفسهم منهم. بنى ذو القرنين سدا قويا لا يمكن ليأجوج ومأجوج هدمه، وهذا ما حدث. وعندما يتمكن يأجوج ومأجوج من هدم السد، فإن ذلك يعد إشارة من علامات قيام الساعة.
- الطاعة لله عز وجل واتباع أوامره، والإيمان بالله وبأنه قادر على كل شيء، فهو الذي يحدد مصير الأشياء.
فضائل سورة الكهف
عند توثيق سورة الكهف فإن فضائلها كثيرة ولا تعد، ويمكن للجميع قراءتها والاستفادة من فضائلها العظيمة، وهي كالآتي:
- حفظ عشر آيات من سورة الكهف، يحمي ويعصم من فتنة المسيح الدجال، حيث ورد عن ذلك الأحاديث الشريفة منها : ما أخرجه أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وغيرهم، عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم وآله وسلم قال: “من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف، عصم من فتنة الدجال”.
- قراءة سورة الكهف تهب السكينة في المكان، وتحمي من أي شيء، وقد نقل البخاري ومسلم وغيرهم من الرواة عن البراء رضي الله عنه، قال: قرأ رجل سورة الكهف، وفي المنزل دابة، فجعلت تنفر، فنظر فإذا بضبابة أو سحابة تغشى المنزل، فأخبر الرجل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: اقرأ يا فلان، فإن السكينة نزلت بسبب القرآن، والرجل الذي قرأ هذه السورة هو أسيد بن حضير، كما ذكر ذلك الطبراني.
- يُعتقد أن قراءة العشر آيات الأولى من سورة الكهف يوم الجمعة يجعل المسلم معصومًا لمدة ثمانية أيام من جميع الفتن، وتحميه من خروج الدجال. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: `من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة، فإنه معصوم لمدة ثمانية أيام من كل فتنة يواجهها، وإذا خرج الدجال، فإنه معصوم منه`.
- قراءة سورة الكهف تجعل للشخص نورًا من مقامه إلى مكة المكرمة، كما أن قراءة سورة الكهف يوم الجمعة تضيء لمن يقرأها النور ما بين الجمعتين، فعن حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة، أضاء له من النور ما بين الجمعتين”. وأخرجه البيهقي أيضًا في السنن من هذا الوجه، ومن وجه آخر.
- بالإضافة إلى ذلك، قراءة سورة الكهف في المنزل تطرد الشياطين وتمنع دخولهم.
قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
عن عائشة قالت: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “ألا أخبركم بسورة ملأ عظمتها ما بين السماء والأرض، ولكاتبها من الأجر مثل ذلك، ومن قرأها يوم الجمعة، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وزيادة ثلاثة أيام، ومن قرأ الخمس الأواخر منها عند نومه، بعثه الله من أي الليل شاء؟ قالوا: بلى -يا رسول الله-، قال: سورة أصحاب الكهف.
هناك الكثير من الأحاديث الشرعية التي توضح فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، وينير قراءتها ما بين الجمعتين، وتغفر للمسلمين ما بين الجمعتين، ويفضل الاستمرار في قراءتها كل يوم جمعة للاستفادة من فضلها العظيم، ومعرفة سبب نزول سورة الكهف لتكون على علم بأسباب نزول السور القرآنية.