سبب نزول سورة الانفطار وتسميتها بهذا الاسم
إحدى سور الجزء الثلاثين من أجزاء القرآن الكريم هي سورة الانفطار، وهي سورة مكية نزلت في فترة الدعوة المكية وقبل الهجرة النبوية، وعدد آياتها 19 آية، ونزلت بعد سورة النازعات، وترتيبها ضمن سور القرآن الكريم الثانية والثمانين في الجزء، وتتناول السورة الأحداث الجسام التي تسبق قيام الساعة والتفرقة بين حال الأبرار وحال الفجار يوم البعث .
سبب التسمية :
سميت بالانفطار الذي يعني الانشقاق لكنه الانشقاق المصحوب بحدوث انفجاري، أي أن تلك السماء التي خلقها القادر وشدد بنيانها سيأذن لها فتنفطر، وتظهر فيها الشقوق الذي يكون الشق الواحد منها كالباب .
سميت هذه السورة بهذا الاسم لأن السقف العظيم الموضوع فوق رؤوسنا، والذي يمسكه الله، سينفطر وينشق بأمر من المولى عز وجل، ويعدُ انفطار السماء وانشقاقها إذنًا من الله القدير. ولذلك بدأت السورة الكريمة بذكر هذا الخبر: (إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ) .
أسباب النزول :
يري المفسرين أن افتراء الخلق على الخالق، والشرك به وتشبيهه بالبشر الذي خلقهم، جعل الجمادات التي خلقها الله تعالى تغار بشدة على وحدانية الله لدرجة أن السموات والأرض والجبال كما أخبر الله سبحانه وتعالى، تريد أن تتفطر و تتهدم، والأرض تريد أن تنشق لتدمر العصاة والمشركين، لكن الرحمن الرحيم يمسكهم جميعاً حتى يؤذن لهم، رحمة بالناس وحتى يعمروا في الكون و يتذكروا الله، ولكي لا يكون لدي العالمين حجة يوم الحشر العظيم، وكي لا يقول أحدهم ربى عجل بي بعد عصيانه مرة .
شرح الآيات :
تبدأ سورة الانفطار ببيان شامل وكامل لمشاهد الانقلاب الكوني الخطير الذي سيدمر الكون، نتيجة انفطار السماء ( إذا السماء انفطرت )، وانتثار الكواكب ( وإذا الكواكب انتثرت )، وتفجير البحار ( وإذا البحار فجرت )، وبعثرة القبور ( وإذا القبور بعثرت )، وما يلي ذلك من الحساب والجزاء ( علمت نفس ما قدمت وأخرت ) .
يتناول السطور التالية جحود الإنسان وكفره البين بنعم ربه. يتلقى الإنسان النعم والخير الفياض من ربه، ولكن الإنسان الظالم والمنكر يجحد نعم الله عليه، ولا يعرف قدر ربه، بل ينكر وجوده ويشرك في وحدانيته، ولا يشكره على الفضل والمنة والنعمة والكرامة .
( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ) ؟ :
ذكرت الآيات سبب هذا الجحود والجهل، ووضحت أن الله تعالى وكل بكل إنسان ملائكة يسجلون عليه أعماله، ويتابعون أفعاله، فَيفعل الخير ويشكر الله على نعمه وفضله الأبرار، ويجحد الله وينكره ويجهل منته وفضله ونعمته الفجار، وحين البعث والحساب سينقسم الناس لفريقين، أبرار، وفجار، وبينت الآيات مصير كل فريق ومآله حيث سينعم الأبرار بالجنة، ويصلي الفجار في النار مخلدون فيها ( إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم يصلونها يوم الدين ) .
انتهت السورة الكريمة بآيات تصف رهبة وعظمة يوم القيامة، حيث تنزعج النفوس من كل الظروف والسلطة والجاه والقوة، ويتفرد الله عز وجل بالحكم والجاه والسلطان (وأيضًا، ماذا تعرف عن يوم الدين؟ يوم لا تملك النفوس لأنفسها شيئًا، والأمر يومئذ لله) .
باختصار تدور الآيات حول أربعة محاور، بينهما ارتباط تام ، حيث يتم وصف لبعض أهوال يوم القيامة مثل انفطار السماء وانتثار الكواكب وتفجير البحار وبعثرة القبور، وتناول تقصير الإنسان وجحوده ونكرانه وغروره وجهله، حيث يقابل النعمة والإحسان بالجحود والنكران، وتنبه الآيات وتحذر الإنسان بأن كل أعماله موكل بكتابتها و متابعتها ورصدها كرام كاتبون، حتى يأتي بيان الآخرة والحساب فإما أن يكون الناس في فريق الأبرار المنعمون، أو الكفرة الفجار المعذبون .