سبب نزول الآية ” ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب “
قال الله تعالى { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ } [سورة التوبة: 65-66]
سبب نزول الآية ابن كثير
قال رجل من المنافقين: لا أرى قراءنا هؤلاء إلا أنهم يشتهون الطعام بشدة ويكذبون بألسنتهم ويتراجعون بالجبن عند اللقاء. وتم رفع هذا الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاءه وهو راكب ناقته ، فقال : يا رسول الله ، كنا نمزح ونلعب. فأجابه الرسول الكريم بقوله: “أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين” وكانت رجلي الرسول صلى الله عليه وسلم تبدو وهو يحمل سيفه ؛ وذكر المديني ومحمد بن كعب القرظي وغيرهما ذلك .
وقال ابن إسحاق: كان بعض المنافقين، مثل وديعة بن ثابت ومخشى بن حمير، يسيرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك، وبعضهم قلق من وجود قوم يهاجمونهم، وقالوا: “هل تتخيلون أن جلاد بني الأصفر سيهاجمنا ويعذبنا؟” فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر بالتحقق من كلامهم، وإذا أنكروا فقل لهم: “بلى، إنكم قلتم ذلك وذا
فأخبرهم عمار بما فعلوا، فاعتذروا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال وديعة بن ثابت: يا رسول الله، إنما كنا نلعب ونخوض. وقال مخشى بن حمير: يا رسول الله، قعد بي اسمي واسم أبي. فكان الذي عفي عنه في هذه الآية هو مخشى بن حمير، وتسمى عبد الرحمن. وقدم الله أن يجعله شهيدا ويخفي موضعه، فقتل في يوم اليمامة. [رواه ابن إسحاق].
وقيل: كان ثلاثة أشخاص، اثنان سخروا واحد ضحك، والذي عفا عنه هو الذي ضحك ولم يتكلم. وفيما كان النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، رأى منافقين يمرون أمامه ويتحدثون بتجاهل له. فقالوا: “هل يعتقد هذا أنه سيفتح أبواب القصور والحصون الرومانية؟” فأخبر الله النبي بما قالوه، وقال: “تلك الأشخاص يجب أن يعاقبوا”. فدعا النبي الثلاثة الأشخاص وقال لهم: “أنتم قلتم هذا وذاك”. فأقسموا بأنهم كانوا يمزحون ويلعبون فقط. وقال الله: “لا تعتذروا، لقد كفرتم بعد إيمانكم”، أي بسبب هذا التصرف المستهزئ، ظهر كفركم بعدما أظهرتم إيمانكم. وقال: “إن نعف عن طائفة منكم، نعذب طائفة”، أي إذا تابت طائفة وأخلصت بتوبتها مثل جحش بن حمير، فسيتم العفو عنهم، ولكن لن يتم العفو عن الجميع، ويجب عقاب بعضهم، لأنهم ارتكبوا هذا الخطأ الفاجر.