اسلامياتالقران الكريم

سبب نزول الآية ” والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج “

قال الله تعالى {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آَمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [سورة الأحقاف: 17]

جدول المحتويات

سبب نزول الآية ابن كثير

عندما ذكر الله تعالى حال الناس الداعين للوالدين البرين، وما ينالون من الفوز والنجاة بسبب ذلك، شمل ذلك أيضا حال الناس الأشقاء العاقين للوالدين، فقال: `والذي قال لوالديه أف لكما`. وهذا يشمل الجميع الذين يقولون ذلك، ومن قال أن هذه الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما، فقوله ضعيف، لأن عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما أسلم بعد ذلك وكان إسلامه حسنا، وكان من أفضل الناس في زمانه. وإنما هذا يشمل الجميع الذين يعصون ويكذبون الحق ويقولون لوالديهم: `أف لكما`.

روى ابن أبي حاتم، عن عبد اللّه بن المديني قال: كنت في المسجد عندما خطب مروان، وقال: إن الله تعالى أظهر لي أن أمير المؤمنين سيكون في يزيد وإنه إذا استخلفه، فقد استخلف أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. فقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما: هل تعتقد ذلك؟ أبو بكر رضي الله عنه والله لم يجعله في أحد من أبنائه ولا في أحد من أهل بيته، ولا جعلها معاوية في ولده إلا كرامة ورحمة لولده. فرد مروان: ألست أنت الذي قال لوالديك “ويلكما”؟ فأجاب عبد الرحمن رضي الله عنه: ألست ابن اللعين الذي لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أباك؟” فسمعت عائشة رضي الله عنها هذا وقالت: يا مروان! هل أنت الذي قالت لعبد الرحمن رضي الله عنه هذا وذاك؟ كذبت، هذا لم ينزل فيه، ولكنه نزل في فلان بن فلان. ثم انصرف مروان ونزل من المنبر وتوجه نحو باب غرفته وبدأ يتحدث إليها حتى انصرف.

وروى النسائي، عن محمد بن زياد قال: عندما بلغ معاوية رضي الله عنه ابنه، قال مروان: “سنة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما”. فقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما: “سنة هرقل وقيصر”. فقال مروان: “هذا الذي نزل فيه قول الله تعالى: { والذي قال لوالديه أف لكما }”. عندما وصل هذا الكلام إلى عائشة رضي الله عنها، قالت: “كذب مروان، والله هذا ليس به، ولو شئت أن أسمي الذي نزل فيه لسميته، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أبا مروان ومروان في صلبه”. ففضض من لعنة الله، ومعنى فضض هو قطعة.

 وقوله: هل تتوقع مني أن أخرج؟ هل أعيد الرسالة؟ وقد مضت الأجيال من قبلي ولم يعود أحد منهم مخبرا، وهما يستغيثان الله، أي يسألان الله أن يهديهما، ويقولان لولدهما: ويلك، إن وعد الله حق، فيقول الابن: هذا ليس إلا أسطورة الأولين .

تفسير القرطبي

قال ابن عباس والسدي وأبو العالية ومجاهد: نزلت في عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما، وكان يدعوه أبواه للاسلام فيجيبهما بما أخبر الله عز وجل، وقد قال قتادة والسدي أيضا إنه كان عبد الرحمن بن أبي بكر قبل إسلامه، وكان أبواه يدعوانه للإسلام ويعدانه بالبعث، فيرد عليهما بما حكاه الله عنه، وكان هذا قبل إسلامه، وورد أيضا أن عائشة رضي الله عنها أنكرت أن نزلت في عبد الرحمن، وقال الحسن وقتادة أيضا إنها نعت لعبد كافر وعاق لوالديه.

وقال الزجاج: تم استخدام هذه الآية: { أولئك الذين حق عليهم القول في أمم } [الأحقاف:18]، للإشارة إلى العذاب الذي ينتظر الكافرين، وليس لعبد الرحمن الذي كان من أفضل المؤمنين قبل إسلامه. ويفيد أن الآية نزلت في عبد كافر، كان معتديا على والديه، وأن عبد الرحمن بن أبي بكر كان قد رفض البيعة للناس ليزيد، واعتبر البيعة مثل هرقلية، وقال: “أتبايعون لأبنائكم؟”، فرد عليه مروان بن الحكم بآية من القرآن الكريم تشير إلى عقوبة الكافرين، ورفض الإجابة على سؤال عبد الرحمن.

قال المهدوي : ومن جعل الآية في عبد الرحمن كان قوله بعد ذلك {أولئك الذين حق عليهم القول} يراد به من اعتقد ما تقدم ذكره، فأول الآية خاص وآخرها عام. وقيل إن عبد الرحمن لما قال {وقد خلت القرون من قبلي} قال مع ذلك: فأين عبد الله بن جدعان، وأين عثمان بن عمرو، وأين عامر بن كعب ومشايخ قريش حتى أسألهم عما يقولون. فقوله {أولئك الذين حق عليهم القول في أمم} يرجع إلى أولئك الأقوام. وقد مضى خبر عبد الرحمن بن أبي بكر في سورة الأنعام عند قوله {له أصحاب يدعونه إلى الهدى} [الأنعام: 71] ما يدل على نزول هذه الآية فيه، إذ كان كافرا وعند إسلامه وفضله تعين أنه ليس المراد بقوله {أولئك الذين حق عليهم القول في أمم}.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى